عرفت الرياضة المغربية في السنوات الأخيرة توقيف مجموعة من الرياضيين بسبب تعاطيهم للمنشطات، حيت عرفت سنة 2012 تورط العداء أمين لعلو والعداءة مريم العلوي السلسولي محمد الهاشمي في أولمبياد لندن، بعد هذه الأزمة التي صدمت الجمهور المغربي و المتتبعين للشأن الرياضي، أعلنت الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، إعادة تنظيم هذه الرياضة من أجل الحد من مسلسل الفضائح التي تشوه رياضة ألعاب القوى المغربية. كما تعد ظاهرة تعاطي المنشطات الرياضية من طرف الممارسين المحترفين، ظاهرة دخيلة على المجتمع المغربي و المتمثلة في استعمال مواد محظورة من طرف المشاركين الرياضيين من أجل الفوز بأهم المنافسات الرياضية الوطنية و الدولية، مما عرض سمعة الرياضة المغربية و خاصة ألعاب القوى للتراجع،بعد أن كانت تعرف انجازات تاريخية كتلك التي حققها المنتخب المغربي لكرة القدم في التأهل للدور الثاني من كأس العالم التي نظمت بالمكسيك سنة 1986م، والفوز الكبير لسعيد عويطة، ونوال المتوكل، ونزهة بيدوان، وهشام الكروج بالميداليات الذهبية في مختلف مسابقات الجري. هو تاريخ كبير من الانجازات و الألقاب حققه رياضيون مغاربة، لم يكن لهم أي علاقة بالمنشطات، بل جاء عبر العمل الدؤوب، والإصرار على الفوز ورفع العلم المغربي في المحافل المحلية و العالمية،خلافا لما بات يشهده الوسط الرياضي في السنوات الأخيرة من فضائح النشطات مست سمعة الرياضة المغربية. ومن خلال بحثنا عن أسباب تعاطي الرياضيين للمنشطات، حاورنا العداء "س.أ" 27 سنة بفريق المغرب الرياضي الفاسي لألعاب القوى وأكد لنا أن "معظم العدائيين المبتدئين يفضلون إستعمال هذه المواد الممنوعة قانونيا التي تساعدهم في استكمال مسارهم الرياضي، والفوز بالبطولات والميداليات على المستوى الوطني والدولي". وسئلنا كذلك عن كيفية استعمال هذه المنشطات الرياضية من طرف العدائيين، وصرح أن "بعض هؤلاء الشبان يستعملون هذه المواد قبل بضعت دقائق من انطلاق السباق المتعلق بمنافسات ألعاب القوى، وتكون هذه المواد عبارة عن حقن أو أقراص منشطة تجعل العدائين يتسابقون بأقصى سرعة قد تشبه سرعة الفرس، وهي عبارة عن حقن وأقراص مضادة للأمراض تعطى لبعض الحيوانات كالفرس والبقر... التي تجعل الممارسين أكثر قوة ونشاط وحيوية". وفي استطلاعنا وبحثنا عن مخاطر المنشطات الرياضية سئلنا السيد "أ.ع" "38 سنة مختص في الطب الرياضي برياضة كمال أجسام، وصرح لنا أن "هناك فرق بين المكملات الرياضية والمنشطات الرياضية، فالمكملات الرياضية هي تلك الأدوية و البروتينات والفيتامينات التي تعد ضرورية لبعض الرياضين الذين يعانون من سوء التغذية، ويلجؤن إلى استعمال المكملات الغدائية الرياضية من أجل تحسين أداءهم الرياضي والتي لا تأثر بشكل كبير على صحتهم، ﻷنها تباع بشكل قانوني في أكبر الأسواق العالمية، ما عدا المغرب الذي لازال حديثا في كيفية تعامل مع هذه المكملات الغدائية، قانونيا واقتصادية ﻷن أغلبها في المغرب يروج في السوق السوداء بشكل غير قانوني أغلبها منتجات غير أصلية ومغشوشة ، مما قد تأثر سلبيا على صحة الرياضيين وأدائهم الرياضي". وفي تصريح للدكتور عبد اللطيف الجراري طبيب مختص في الطب الرياضي، قال أن "المنشطات التي يتعاطاها الرياضيون لها نتائج كارثية قد تؤدي إلى الموت، مبينا أن أعراض الإفراط في تناول المنشطات هي الشعور بالعياء وتسارع دقات القلب، ارتفاع ضغط الدم، وطهور التهابات، وكثرة التعرق، الشيء الذي قد يؤدي إلى جلطة دماغية، التي غالبا ما تتسبب في موت الرياضي". وقال الدكتور الجراري أن "مصدر هذه المنشطات هو السوق السوداء وليس الصيدليات كما يدعي البعض، لأن الصيدليات تبيع فقط الأدوية الخاصة بالحيوانات، والتي يستعملها البعض كمنشطات، أما المنشطات المصنوعة خصيصا من أجل الرياضة فتأتي عن طريق السوق السوداء". وأضاف المصدر ذاته، "أن المنشطات تدخل المغرب من بعض الدول، كالمكسيك واليونان ودول أوربا الشرقية وآسيا، حيث تساهم هذه الدول بما يناهز 60 بالمائة من الإنتاج العالمي لهذه المواد، فدول أوربا الشرقية تساهم بنسبة 20 بالمائة، فيما تساهم آسيا ب27 بالمائة، والمكسيك ب5 بالمائة، واليونان ب4 بالمائة". ولأن هذه المواد لها تأثير قوي وفعال، فإن الكثير من الرياضيين المغاربة يلجؤن لاستعمالها من أجل تحقيق مكاسب في مجالاتهم الرياضية، في خرق سافر لأخلاق العامة وقواعد السلوك، الشيء الذي ينعكس على سمعة الرياضي بصفة خاصة، والرياضة وسمعة الوطن بصفة عامة. وذكر الرئيس الجديد للإتحاد الدولي لألعاب القوى "سيباستيان كو"، الذي انتخب مؤخرا خلفا لسنغالي "لمين دياك"، أنه من واجب الاتحاد وضع لجنة دولية مستقلة عنه تكون مهمتها مكافحة ظاهرة التعاطي للمنشطات من طرف الرياضيين، وتعد هذه الفكرة من بين أهم نقاط القوة التي كان يحتوي عليها ملفه أثناء ترشحه لرئاسة الاتحاد، خصوصا أن الفساد وتعاطي المنشطات كانت أهم الأسباب التي عجلت برحيل الرئيس السابق "لمين ندياك". وينص المؤتمر العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة، المشار إليها فيما يلي باسم "اليونسكو"، المنعقد في باريس من 3 إلى 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2005، في دورته الثالثة والثلاثين،بالنظر إلى أن هدف اليونسكو هو المساهمة في صون السلم والأمن بالعمل، عن طريق التربية والعلم والثقافة، على توثيق عرى التعاون بين الأمم، وإذ يشير إلى الصكوك الدولية القائمة المتعلق بحقوق الإنسان، ويضع في اعتباره القرار 58/ 5 الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2003 بشأن الرياضة كوسيلة لتعزيز التعليم والصحة والتنمية والسلام، ولا سيما الفقرة 7 من هذا القرار. ويدرك أن الرياضة ينبغي أن تؤدي دوراً هاماً في حماية الصحة، وفي التربية الأخلاقية والثقافية والبدنية، وفي تعزيز التفاهم والسلام على الصعيد الدولي، ويلاحظ الحاجة إلى تشجيع وتنسيق التعاون الدولي في سبيل القضاء على تعاطي المنشطات في مجال الرياضة، ويعرب عن قلقه إزاء استخدام اللاعبين للمنشطات في مجال الرياضة وعواقب ذلك على صحتهم، وعلى مبدأ الروح الرياضية، والقضاء على الغش، ومستقبل الرياضة، ويدرك أن تعاطي المنشطات يهدّد المبادئ الأخلاقية والقيم التربوية المجسدة في ميثاق اليونسكو الدولي للتربية البدنية والرياضة وفي الميثاق الأولمبي، ويذكّر بأن اتفاقية مكافحة المنشطات وبروتوكولها الإضافي، المعتمدين في إطار مجلس أوروبا، هما أداتا القانون الدولي العام اللتان انبثقت عنهما السياسات الوطنية لمكافحة المنشطات واللتان يستند إليهما التعاون الدولي الحكومي، ويذكّر بالتوصيات المتعلقة بتعاطي المنشطات والمعتمدة في المؤتمرات الدولية الثاني والثالث والرابع للوزراء وكبار المسؤولين عن التربية البدنية والرياضة، التي نظمتها اليونسكو في موسكو (1988)، وبونتا ديل إيستي (1999)، وأثينا (2004)، وبالقرار 32م/9 الذي اعتمده المؤتمر العام لليونسكو في دورته الثانية والثلاثين، ويضع في اعتباره المدونة العالمية لمكافحة المنشطات، التي اعتمدتها الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في المؤتمر العالمي لمكافحة المنشطات في مجال الرياضة بكوبنهاغن، في 5 آذار/ مارس 2003، و"إعلان كوبنهاغن بشأن مكافحة المنشطات في مجال الرياضة."، ويدرك أيضاً ما لكبار اللاعبين من تأثير على النشء، ويعي الحاجة المستمرة إلى إجراء ودعم البحوث الرامية إلى تحسين الكشف عن المنشطات، والتوصل إلى فهم أفضل للعوامل التي تدفع إلى استخدامها، من أجل تأمين أقصى قدر ممكن من الفعالية للاستراتيجيات الوقائية، ويعي أيضاً أهمية التثقيف المستمر للاعبين والأطقم المعاونة لهم وللمجتمع بوجه عام في الوقاية من المنشطات، ويضع في اعتباره الحاجة إلى بناء قدرات الدول الأطراف على تنفيذ برامج لمكافحة المنشطات، ويدرك أن السلطات العامة والمنظمات المسؤولة عن الرياضة تتحمل مسؤوليات متكاملة عن درء ومكافحة تعاطي المنشطات في مجال الرياضة، ولا سيما عن ضمان السير السليم للأحداث الرياضية على أساس مبدأ الروح الرياضية، وعن حماية صحة المشاركين فيها، ويقرّ بأن هذه السلطات والمنظمات يجب أن تعمل معاً على تحقيق هذه الغايات بما يكفل أكبر قدر ممكن من الاستقلال والشفافية على كافة المستويات المناسبة، وقد عقد العزم على مواصلة وتدعيم العمل التعاوني الرامي إلى القضاء على تعاطي المنشطات في مجال الرياضة، وإذ يسلّم بأن القضاء على تعاطي المنشطات في مجال الرياضة يرتهن جزئياً بالتنسيق التدريجي لمعايير وممارسات مكافحة المنشطات في مجال الرياضة، وبالتعاون على الصعيدين الوطني والعالمي.