"ميتا" تعلن عن إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي جديد    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    مدرسة التكنولوجيا تستقبل طلبة بنصالح    جماعة طنجة تصادق على ميزانية 2025 بقيمة تفوق 1،16 مليار درهم    المغرب يعتبر نفسه غير معني بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري        إقليم تطوان .. حجز واتلاف أزيد من 1470 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك خلال 4 أشهر    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    خطاب خامنئي.. مزايدات فارغة وتجاهل للواقع في مواجهة إسرائيل    التعادل ينصف مباراة المحمدية والسوالم    أساتذة كليات الطب: تقليص مدة التكوين لا يبرر المقاطعة و الطلبة مدعوون لمراجعة موقفهم    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    مغاربة يحيون ذكرى "طوفان الأقصى"    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    قرار محكمة العدل الأوروبية: فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    ثلاثة مستشفيات في لبنان تعلن تعليق خدماتها جراء الغارات الإسرائيلية    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    وزير خارجية إسبانيا يجدد دعم سيادة المغرب على صحرائه بعد قرار محكمة العدل الأوربية    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوراق لغوية: أنا البحر في أحشائه الدر كامن.. بقلم // ادريس احجري
نشر في العلم يوم 18 - 08 - 2015

اللغة وعاء الفكر و مرآة الحضارة الإنسانية التي تنكس عليها مفاهيم التخاطب بين البشر ، ووسيلة للتواصل السهل و عليه اهتم بها الإنسان و طور آلياتها ليمكنها من الضروريات لتصبح قادرة على احتواء كل جديد.
و اللغة العربية من اللغات السامية المتجذرة في التاريخ الإنساني ، وهي لغة القرآن الذي شرفها الله بنزول كلامه المقدس ، و قال عنها عز و جل:
{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } يوسف
{ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } طه
{ قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الزمر
{ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } فصلت
{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ } الشورى
{ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } الزخرف
{ أُحِبُّ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ لِثَلاَثٍ : لأَنِي عَرَبِيٌّ ، وَ القُرْآنَ عَرَبِيٌّ ، و َ كَلاَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ .} كما قال عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم
وقال حافظ إبراهيم عن لسان اللغة العربية:
أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
هذا التشريف العظيم لهذه اللغة يستوجب منا نحن العرب أن نحافظ عليها و نقوِّيها و نجعلها لغة معاصرة بكل المقاييس و أول ما ينبغي علينا فعله إتقان قواعدها
اللغة العربية هي أكثر اللغات تحدثاً ضمن مجموعة اللغات السامية وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة،ويتوزع متحدثوها في الوطن العربي بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة.
اللغة العربية ذات أهمية قصوى لدى المسلمين ، فهي لغة مقدسة لغة القرآن ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها.
علوم العربية
النحو العربي هو علم يبحث في أصول تكوين الجملة وقواعد الإعراب. فغاية علم النحو أن يحدد أساليب تكوين الجمل ومواضع الكلمات ووظيفتها فيها كما يحدد الخصائص التي تكتسبها الكلمة من ذلك الموضع ، سواءٌ أكانت خصائص نحوية كالابتداء والفاعلية والمفعولية أو أحكامًا نحوية كالتقديم والتأخير والإعراب والبناء والنحو يسمى " جامع الدروس العربية "وهو أيضاً علم يُعرف به كيفية التركيب العربي صحةً وسقماً وما يتعلق بالألفاظ من حيث وقوعها فيه والغرض منه الاحتراز عن الخطأ في التأليف والاقتدار في فهمه.
من الروايات الشائعة حول نشأة النحو أنه عندما اختلط العرب بالفرس والروم والأحباش وغيرهم ، وبدأ الناس في البلدان المفتوحة بالدخول إلى الإسلام وتعلم العربية دون إتقانها تمامًا أصبحوا يرتكبون الأخطاء ويَلحنون. وكان قد أخذ اللحن في الظهور منذ حياة
محمد بن عبد الله نبي الإسلام فقد روي أنه سمع رجلا يلحن في كلامه فقال: "أرشدوا أخاكم فإنه قد ضل" وعن أبي الأسود الدِؤلي الكناني أنه دخل على الإمام علي بن أبي طالب يومًا فوجد رقعة سوداء في يده فسأله عنها فقال : "إني تأملت كلام العرب فوجدته قد فسد، فأردت أن أضع شيئا يرجعون إليه وبعد ذلك ألقى الرقعة إلى أبي الأسود فوجد أنه مكتوب فيها : "الكلام كله اسم وفعل وحرف ، فالاسم ما أنبأ عن المُسمّى ، والفعل ما أُنبئ به ، والحرف ما أفاد معنى " . ثم قال علي: انحُ هذا النحو( ويُقال أن التسمية جاءت من هنا)
"وأضف إليه ما وقع لك " ومن هُنا بدأ أبو الأسود يُضيف إليه حتى اكتمل جزء كبير من النحو المعروف اليوم.
ويَذهب البعض إلى أن أبا الأسود ليس من وَضع النحو بل بعض تلامذته ، فبعضهم يقولون أن من وضعه هو عبد الرحمان بن هرمز
وآخرون يقولون أنه ابن عاصم وهناك أقوال أخرى. وهناك شخص واحد يقول أن علم النحو نشأ قبل أبي الأسود ، وهو ابن فارس
حيث يقول : "إن هذين العِلمين قد كانا قديماً وأتت عليهما الأيام وقُلا في أيدي الناس ثم جَدّد - أي أبو الأسود - هذين العلمين " . لكن هذه الآراء لا تلقى قبولاً كبيراً ، فمؤرخون قلائل هم من قالوا بأن تلامذة أبي الأسود هم واضعو علم النحو( وبعض هؤلاء حتى قالوا بأن الرأي الراجح هو أن أبا الأسود هو واضع النحو) ورأي ابن فارس لا يَستند إلى دليل تاريخي ولا يؤيده أحد من المؤرخين والباحثين على أن هناك حقيقتين دامغتين تثبتان أسبقيته.
- الأولى: كثرة الروايات التي جاءت بنسبة النحو إلى أبي الأسود حتى قاربت الإجماع.
- الثانية : ما ذكره النحاة في كتبهم من ذكر اصطلاحات نحوية وقواعد عرفت بالنقل عن البادئين الأولين والناقلون هم أوثق الثقات كالخليل بن أحمد وأبي عمرو بن العلاء فقد درس هؤلاء على الرجال الطبقة النحوية الثانية الذين أخذوا من تلامذة أبي الأسود ونقلوا الرواية عنه.
يضاف إلى هاتين الحقيقتين أن كتاب سيبويه يروي عن السابقين ، فإذا روى عن بعضهم فقد يصل السند إلى أبي الأسود وينتهي عنده ، وهذا يدل على أنه كان واضع علم النحو الأول.
البلاغة
البلاغة في اللغة العربية كما جاء في المعجم الوسيط هي حسن البيان وقوة التأثير، وقد وُضع علم البلاغة للعلم بالتركيب الواقع في الكلام. وقد قسم علماء اللغة هذا العلم إلى ثلاثة أقسام :
- علم المعاني : وهو العلم بما يحترز به عن الخطأ في تأدية المعنى الذي يريده المتكلم كي يفهمه السامع بلا خلل وانحراف.
- علم البيان : وهو العلم بما يحترز به عن التعقيد المعنوي كي لا يكون الكلام غير واضح الدلالة على المعنى المراد.
- علم البديع : وهو العلم بجهات تحسين الكلام.
فالمعاني والبيان وُضعا لمعرفة التحسين الذاتي والبديع وُضع لمعرفة التحسين العرضي . أما علم المعاني يتناول الفصاحة والبلاغة والكلام والخبر والفصاحة في اللغة تعني البيان والظهور وفي الاصطلاح هي عبارة عن الألفاظ الظاهرة المعنى ، المألوفة الاستعمال عند العرب،وهي تكون وصفاً للكلمة والكلام والمتكلم يُقال: كلمة فصيحة ، وكلام فصيح ، ومتكلم فصيح وفصاحة الكلمة هي خلوص الكلمة من تنافر الحروف ، بأن لا تكون الكلمة ثقيلة على السمع ، صعبة على اللسان ، ومن غرابة الاستعمال ، وهي كون الكلمة غير ظاهرة المعنى ولا مألوفة الاستعمال عند العرب ، حتى لا يفهم المراد منها ، لاشتراك اللفظ ، أو للاحتياج إلى مراجعة
القواميس. ما الكلام فهو إما خبر وإما إنشاء والخبر هو ما يحتمل الصدق والكذب،أما الإنشاء فهو ما لا يحتمل صدقاً ولا كذباً ، كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والنداء وغيرها.
يُعرّف البيان في اللغة بأنه الكشف والظهور واصطلاحاً هو أصول وقواعد يُعرف بها إيراد المعنى الواحد بطرق متعدّدة وتراكيب متفاوتة : من الحقيقة والمجاز ، والتشبيه والكناية .. مختلفة من حيث وضوح الدلالة على ذلك المعنى الواحد وعدم وضوح دلالتها عليه.
وعلم البيان يعتمد على أركان ثلاثة : التشبيه والمجاز والكناية أما التشبيه فهو اصطلاحًا عقد مماثلة بين شيئين أو أكثر وإرادة اشتراكهما في صفة أو أكثر بإحدى أدوات التشبيه لغرض يريده المتكلّم ، كما في قول : "زيد كالأسد "
والمجاز هو في الاصطلاح نقل الكلمة عن معناها الأصلي واستعملها في معنى مناسب لها كاستعمال "الأسد" في "الرجل لشجاع" والمجاز من الوسائل البيانية الذي يكثر في كلام الناس ، البليغ منهم وغيرهم ، وليس من الكذب في شيء كما توهّم. وأما الكناية فيُقصد بها اصطلاحًا : لفظ أريد به غير معناه الموضوع له ، مع إمكان إرادة المعنى الحقيقي ، لعدم نصب قرينة على خلافه ، وهذا هو الفرق بين المجاز والكناية ، ففي الأول لا يمكن ارادة الحقيقي لنصب القرينة المضادّة له بخلاف الثاني .
يُعرّف علم البديع بأنه ذلك العلم الذي يُعرف به وجوه تحسين الكلام ، والمحسنات على قسمين : معنوية ولفظية،وهذه تضم السجع والطباق والجناس والمقابلة والتشبيه .
يتحدث علماء اللغة عن علاقة الفصاحة بالبلاغة فيقولون: تكون الفصاحة في المفرد والمركب ، وتكون البلاغة في المركب وحده ، فلذلك قيل "كل بليغ فصيح ، وليس كل فصيح بليغاً". ويعد قول أبي تمام في مدح المعتصم عندما فتح عمورية مثالا للبلاغة :
السيف أصدق إنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
علم العروض والقوافي
العروض هو "علمٌ يُبحث فيه عن أحوال الأوزان المعتبرة " أو "هو ميزان الشعر به يعرف مكسورة من موزونة" ، كما أن النحو معيار الكلام به يعرف معربه من منونة ، وبتعبير آخر فإن العروض هو علم ميزان الشعر أو موسيقى الشعر. ويُرجع رجال التراجم لفضل في نشأة علم العروض إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي أحد أئمة اللغة والأدب في القرن الثاني الهجري الذي استنبط مع صاحبه الليث بن المظفر
الكناني علم العروض وأخرجاه إلى الوجود وحصرا أقسامه في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحرا ، ثم زاد الأخفش بحرا واحدا وسماه "المتدارك" ، كما يذكر أن الخليل كان له معرفة بالإيقاع والنغم
وتلك المعرفة أحديث له علم العروض . وإذا كان الخليل بن أحمد غير مسبوق في وضع علم العروض فإن
أبا عمرو بن العلاء التميمي قد سبقه في الكلام عن القوافي وقواعدها ووضع لها أسماء ومصطلحات خاصة. يقول علماء اللغة والخبراء أن صلة العروض بالموسيقى هي صلة الفرع المتولد من الأصل ، فالعروض في حقيقية أمره ليس إلا ضربا من الموسيقى اختص بالشعر على أنه مقوم من مقوماته. وإذا كان للموسيقى عند كتابتها رموز خاصة يدل على الأنغام المختلفة وللعروض كذلك رموز خاصة به في الكتابة تخالف الكتابة الإملائية التي تكون على حسب قواعد الإملاء المتعارف عليها وهذه الرموز العروضية يدل بها على التفاعيل التي هي بمثابة أنغام الموسيقى المختلفة . والكتابة العروضية تقوم على أمين أساسين هما : ما ينطق يكتب ، ما لا ينطق لا يكتب ؛ وتحقيق هذين الأمرين عند الكتابة العروضية يستلزم زيادة بعض أحرف لا تكتب إملائيا وحذف بعض أحرف تكتب إملائيا يتألف المقطع العروضي من حرفين على الأقل وقد يزيد إلى خمسة أحرف والعروضيون يقسمون التفاعيل التي تتكون منها أوزان الشعر إلى مقاطع تختلف في عدد حروفها وحركاتها وسكناتها ، ويبلغ عدد التفاعيل العروضية التي اخترعها الخليل عشر تفاعيل كاللأتي:
فاعلن، فعولن، مفاعيلن، مستفعلن، مفاعلتن، متفاعلن ، مفعولات، فاعلاتن ، مستفعلات ، فاعلاتن .
يصل عدد بحور العروض إلى ستة عشر بحرا ، وضع الخليل بن أحمد خمسة عشر منها وزاد عليها تلميذه الأخفش بحرا واحدا ، وقد رتب العروضيون بحور الشعر الستة عشر على حسب اشترال كل مجموعة منها في دائرة عروضية واحدة على الوجه التالي: الدائرة الأولى وتحوي البحر الطويل ، والمديد ، والبسيط ؛ الدائرة الثانية وتحوي البحر الوافر والكامل ؛ الدائرة الثالثة وتحوي بحر الهزج ، والرجز ، والرمل ؛ الدائرة الرابعة وتحوي البحر السريع ، والمنسرح ، والخفيف ، والمضارع ، والمقتضب ، والمجتث ؛ وأخيرا الدائرة الخامسة وتحوي البحرين المتقارب والمتدارك .
ينقسم البيت الشعري إلى قسمين متساويين من حيث النغم والقياس الموسيقى ويعرف كل قسم بالمصراع تشبيها بمصراعي الباب أو بالشطر فيقال الشطر الأول أو الثاني كما يقال المصراع الأول أو الثاني من البيت. ولما كان للتفعيلة الأخيرة من كل شطر أهميتة خاصة فقد انفردت بتسمية فالتفعيلة التي في آخر الشطر الأول من البيت تسمى " العروض " بفتح العين والتفعيلة التي في آخر الشطر الثاني تسمى " الضرب " وما عدا ذلك من تفاعيل البيت يسمى " الحشو " وهكذا . مثال على تقطيع بيت شعر باستخدام علم العروض :
لا تسألي القوم ما مالي وما حسبي وسائلي للقوم ما حزمي وما خلقي
لا تسألل قوم ما مالي وما حسبي وسائلل قوم ما حزمي وما خلقي
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
علم الاشتقاق
قال ابن منظور اشتقاق الشيء : بنيانه من المرتجل ، واشتقاق الكلام : الأخذ به يميناً وشمالاً ، واشتقاق الحرف من الحرف : أخذه منه ". فهو أخذ صيغة من أخرى مع اتفاقهما معنىً ومادة أصلية ، وهيئة تركيب لها ؛ ليُدَلَّ بالثانية على معنى الأصل بزيادة مفيدة ؛ لأجلها اختلفا حروفاً أو هيئة . وعرف بأنه عملية استخراج لفظ من لفظ ، أو صيغة من صيغة أخرى ، أو استخراج لفظ من لفظ آخر متفق معه في المعنى والحروف الأصلية. وعرف بأنه أخذ كلمة من كلمة أخرى أو أكثر مع تناسب بينهما في اللفظ والمعنى .
أما طريقة معرفته فتكون من خلال تقليب تصاريف الكلمة حتى يرجع منها إلى صيغة هي أصل الصيغ دلالة اطراد ، أو حروفاً غالباً. كضرب فإنه دال على مطلق الضرب فقط . ما ضارب ومضروب ، ويضرب ، واضْرب فكلها أكثر دلالة وحروفاً وضَرب الماضي مساوٍ حروفاً وأكثر دلالة ، وكلها مشتركة في (ض ر ب) وفي هيئة تركيبها تكمن أهمية علم الاشتقاق في أنه يُمكن الباحث من التعمق في فهم كلام العرب ، ومن ثَمَّ في فهم كلام الشارع ، وكثيرًا ما يُلاحظ المرء أن المفسرين يشيرون إشارات عابرة إلى أمثلة من هذا العلم ، وكثير من المصنفين في العلوم يشيرون أيضًا إليه إشارات عابرة عند شرح بعض الاصطلاحات وبيان وجه الاشتقاق فيها .
التصريف
الأصل في اللغة العربية فصل الكلمة عن أختها، لأن كل كلمة تدل على معنى غير معنى الأخرى ، وكما أن المعنيين متميزان عن بعضهما البعض ، فكذلك اللفظ المعبر عنهما، وكذلك الخط النائب عنه وخرج من ذلك ما يأتي : ما لايصح الابتداء به كالضمائر، ونونيّ التوكيد (الثقيلة والخفيفة) وتاء التأنيث ما لا يصح الوقف عليه وهو صدر المركب المزجي مثل : بعلبك وبختنصر، وقاضيخان ، إلا أحد عشر وأخواته ؛ ما ركّب مع المائة من الآحاد كخمسمائة ونحوه ؛ اتصال « ذا » مع « حب » كما في قول "حبذا المجد " ؛ ما ركب مع «إذ» المنونة من الظروف مثل " ساعتئذ " ، فإن لم تنون بأن جاء بعدها الجملة كتبت مفردة كقول " فرحوا حين إذ جاءهم النصر " .
"من"إذا اتصلت بما يلي : من أو عن أو في مثل "ممن "- "عمن "- "فيمن " "ما " الاستفهامية إن جرت باسم أو حرف نحو مثل "مم تخاف ؟ " "عن تسأل ؟ "فيم تفكر " "حتام" أما إذا وقعت "ما" قبل :
ليس أو لا أو لم أو بعد إلا فتكون موصولة ، وإذا وقعت بين فعلين سابقهما يدل على علم أو دراية أو نظر احتملت (الموصولية والاستفهامية والمصدرية)والذي يفرق السياق وإذا وقعت "ما"بعد الباء احتملت المصدرية والموصولية ، وإذا وقعت "ما" بعد كاف التشبيه وكانت بين فعلين متماثلين فهي مصدرية غير زمانية " ما " النكرة والموصولة توصل بمن أو عن أو في أو سي أ ونعم للمدح مكسورة العين وحصل الإدغام وتلاها جملة فعلية) مثل قول : مما - عما - فيما - ولاسيما - نعما يعظكم به "ما"المصدرية توصل بما قبلها إن دل على شرط أو استفهام ، مثال ذلك : " كلما أضاء لهم مشوا فيه " و "أينما صنعت صنعك " وتوصل أيضا بحين ، وقبل نحو : "حينما وقبلما " وتوصل بمثل وريث جوازا نحو " مثلما أنكم تنطقون ".
و "ريثما أتحول " , "ما " الزائدة توصل بما قبلها ، إلا متى وأيان وشتان " ما " الكافة تتصل بطال وقل وبأن وأخواتها وبحيث ورب وبسي وبين وقبل مثل : قلما - طالما - إنما – لكنما – لعلما - ليتما - ولاسيما "لا" إذا سبقتها " أن " غير الناصبة فصلت قطعا أما الناصبة فالجمهور على اتصالها بها وقال
إذا سبقتها " أن " غير الناصبة فصلت قطعا أما الناصبة فالجمهور على اتصالها بها وقال أبو حيان:
"إنها تكتب مفصولة لأنه الأصل " وإذا سبقها " كي"فلا توصل بها حتما ولا توصل لن ولم وأم بشيء إلا "لما"وهي لنفي الماضي القريب ؛ ومما وصل شذوذا : " ويلمه " " ويكأنه " والأصل هو" ويل أمه " " ووي كأنه " .
الإعراب
الإعراب هو مصدر "أعرب"والتي تعني تبيين الشيء أو توضيحه ، والإعراب في اللغة العربية هو تغيير الوظائف النحوية للكلمات ضمن جملة ما والذي يَترتب عليه تغيير لفظ آخرها . (آخرها ربما لا يَكون آخر حرف فقط ، فمثلاً إذا نُصب جمع المذكر السالم فسوف يتغير آخر حرفان فيه) . ويُقابل الإعراب البناء حَيث أن الكلمات تُقسم إلى مَبنية ومُعربة. فالمبنية نطق آخرها هو نفسه دائماً (مثل الفعل الماضي) أما المُعربة فيتغير نُطق آخرها حسب موضعها في الجملة وما يَسبقها من كلمات(مثل الفعل المضارع والأسماء).
وتأتي أهمية الإعراب في فهم قواعد اللغة والكيفية التي يَجب أن تُكتب بها الكلمات ، فأحياناً يُختلف حول نُطق كلمة ما ويَكون الإعراب هو الحل لمعرفة نُطقها الصحيح. وبالتالي فالإعراب هو وسيلة لمعرفة نُطق الكلمات ولذلك فله فائدة وأهمية كبيرين ، فبالأحرى هو"قواعد اللغة العربية " وتعلمه ضروري لتعلم اللغة.
وهذا بالرغم من أن البعض لا يَعتبرون الإعراب هاما. وللإعراب فوائد عديدة منها : يعطي صلة قوية بالمعاني ويوضحها ، به يعرف الخبر الذي هو أصل الكلام به يُميز الفاعل من المفعول ، حركات الإعراب تقدم ضرباً من الإيجاز ، والإعراب يتيح للكتّاب والشعراء التصرف في مواضع ألفاظهم.
الترادف والتضاد
المرادف في اللغة العربية هو كلمة لها نَفس معنى كلمة أخرى لكن نُطقها مُختلف ، مثل الأسد والسبع والليث وغيرها. والعربية من أغنى اللغات بالمترادفات إن لم تكن أغناها ، فمثلاً للسيف أكثر من ألف اسم وللأسد خمسمائة وللثعبان مائتين وللعسل أكثر من ثمانين. قال ابن فارس أحد علماء اللغة العربية الذين عاشوا في القرن الرابع الهجري:
" وإن أردت أن سائر اللغات تبين إبانة اللغة العربية ، فهذا غلط ، لأنا لو احتجنا أن نعبر عن السيف وأوصافه بالفارسية لما أمكننا ذلك إلا باسم واحد ، ونحن نذكر للسيف بالعربية صفات كثيرة ، وكذلك الأسد والفرس وغيرهما من الأشياء المسماة بالأسماء المترادفة ، فأين هذا من ذاك؟وأين لسائر اللغات من السعة ما للغة العرب "
لكن في نفس الوقت يقول الكثير من علماء اللغة أن هذه ليست مترادفات تماماً ، حيث توجد فروق دقيقة بين الكلمات لا يَعرفها الكثير من الناس مما يجعلهم يظنون أن معناها واحد وقد كان يَقول أبو العباس أحمد بن يحيى الملقب ثعلبا، أن ما يظنه بعض الناس من المترادفات هو من المتباينات . ويروي أن أبا علي الفارسي
قال : "كنت بمجلس سيف الدولة بحلب وبالحضرة جماعة من أهل لغة ومنهم -ابن خالويه - فقال ابن خالويه: أحفظ للسيف خمسين اسما ، فتبسم أبو علي وقال : ا أحفظ له إلا اسما واحدا وهو السيف.
فقال ابن خالويه : فأين المهند والصارم وكذا وكذا؟ فقال أبو علي : هذه صفات .
وقد كان لابن فارس نفس رأي معلمه " ثعلب " ، حيث قال :
ويسمى الشيء الواحد بالأسماء المختلفة نحو : السيف والمهند والحسام . والذي نقوله في هذا أن الاسم واحد هو السيف ، وما بعده من الألقاب صفات ومذهبنا أن كل صفة منها فمعناها غير الأخرى ..
وأما قولهم أن المعنَيَين لو اختلفا لما جاز أن يُعبّر عن الشيء بالشيء ، فنقول : نما عبر
عنه عن طريق المشاكلة ، ولسنا نقول إن اللفظتين مختلفتان فيلزمنا ما قالوه ، وإنما نقول : إن في كل واحدة منهما معنى ليس في الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.