تضرب منطقة الشرق الأوسط والدول العربية موجة شديدة الحرارة، وصلت ذروتها خلال الأيام الأخيرة، حيث تخطت درجات الحرارة في بعض البلدان حاجز ال60 درجة مئوية، لتسجل بذلك أعلى ارتفاع لها، تشهده المنطقة منذ عدة سنوات، مما يعكس التغيّرات المناخية وارتفاع حرارة الكرة الأرضية، ما ينبئ بفصول صيف شديدة الحرارة. بلغت درجة الحرارة في بعض الدول العربية أرقاما قياسية، حيث وصلت في فلسطين أكثر من 45 درجة مئوية، فيما اجتاحت عاصفة رملية غير مسبوقة العاصمة الأردنية عمان، رافقها ارتفاع كبير في درجات الحرارة، بلغ 52 درجة مئوية في بعض المناطق، كذلك السعودية التي فاقت فيها درجات الحرارة، معدلها الطبيعي في هذه الفترة من السنة. أما في مصر، فقد ضربت أغلب محافظات البلاد موجة حارة، حيث سجل ارتفاع حاد في درجة الحرارة تخطى ال50 درجة مئوية في بعض المدن والمحافظات. وبجانب ارتفاع درجات الحرارة تغمر الفيضانات دول آسيا، حيث لقي المئات مصرعهم في الهند وبورما النيبال وباكستان وفيتنام. في المقابل يتبدّل الموقف في الولاياتالمتحدة الأميركية التي تكتنفها موجة جفاف استثنائية أدت إلى انتشار الحرائق، والتي ابتلعت 49 ألف هكتار من الأراضي في عدة ولايات. في هذا الصدد، يوضح عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، عبد العزيز الشمري، أن موجة الحر التي تضرب بلدانا عدة في المنطقة العربية تأتي نتيجة تغيّرات على سطح الشمس، والتي جاءت بسبب تأثير الدورة الشمسية ال24، التي بدأت عام 2008 وتنتهي في 2020. وتابع "خلال الدورات الشمسية تحدث انفجارات هائلة على سطح الشمس، مما يؤدي إلى إرسال موجات حرارية كبيرة إلى كوكب الأرض تسبّب ارتفاع درجات الحرارة". ويقول أستاذ الأرصاد الجوية بجامعة القاهرة، محمد عبد الوهاب، إن ما تتعرّض له البلاد هو نوع من التطرّف المناخي المصاحب للتغيّرات المناخية العالمية، لافتا إلى أن تكرر هذه الموجات الحارة ينذر بأن فصل الصيف أصبح حارا وليس معتدلا كما كان في السابق، موضحا أن هناك حالة من اختلال التوازن البيئي والمناخي الناتج عن النشاط الصناعي للإنسان، وهو ما يؤدي إلى الاحتباس الحراري. واعتبر نفس المحلل أن "هناك نسب كبيرة من ثاني أكسيد الكربون تتكوّن في الغلاف الجوي داخل مصر تتجاوز هذه النسب 042 جزءا من المليون، وهي نسب كبيرة تكون السبب الرئيسي لارتفاع درجات الحرارة، وتأتي هذه الغازات من الرياح التي تأتي إلينا من جنوب أوروبا". ويضيف عبد الوهاب "هذا التغيّر السلبي في المناخ يضر بالإنسان والنبات على حد سواء، فتكرار هذه الموجات يؤثّر على أصحاب الأمراض المزمنة، كما يزيد من الضغوط على الجهاز العصبي والدماغ، هذا بجانب أن هناك بعض النباتات تتأثّر بشكل سلبي من جراء هذه الموجات شديدة الحرارة". التغيرات المناخية تطال بلدان العالم بينما يرى خبير المناخ والبيئة ماهر عزيز، أن زيادة درجات الحرارة التي تشهدها البلاد مؤخرا عبارة عن تغيّرات طبيعية في المناخ ولا علاقة لها بظاهرة الاحتباس الحراري، التي تتسبّب في رفع درجة حرارة الجو خلال كل فترة زمنية بنسب معيّنة، حيث لا يمكن قياس زيادة نسبة الاحتباس الحراري من عدمه خلال يوم أو يومين، وإنما يتطلّب ذلك سنوات، مشيرا إلى أن ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الجو من المشاكل العالمية وليست داخل مصر فقط، والتي تنتج بسبب عدة عوامل ومتغيّرات، من بينها الصناعات التي تضر بالبيئة بسبب ما تخرجه للجو من انبعاثات وغازات ملوثة وضارة للغلاف الجوي، الأمر الذي يعمل على زيادة ارتفاع درجة حرارة الجو، ويزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري بمرور الوقت. وأوضح عزيز أن الاحتباس الحراري يتسبّب في زيادة ستة أنواع من الغازات أهمها غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يعمل على ارتفاع درجات الحرارة على النحو الذي نشهده حاليا، من خلال زيادة عدد الموجات الحارة لتصل إلى ثلاث موجات خلال العام بدلا من موجة واحدة. في حين يشير أستاذ التغيّرات المناخية بجامعة الإسكندرية محمد الراعي، إلى أن الموجة الحارة التي تمر بها البلاد من المتوقع أن تستمر وتؤثر على الطقس خلال فصل الصيف، وذلك لطبيعة الموجات الحارة التي تستمر عادة فترة أطول من الموجات الباردة. ويتابع قائلا "في مصر كان معدل الموجات الحارة يقتصر على موجتين، وهي رياح الخماسين ومعها موجة أخرى حارة، إلا أنه خلال الفترة الأخيرة زاد معدل الموجات الحارة خلال كل عام بواقع 3 إلى 4 موجات حارة في العام، وهذه النسبة من المتوقّع ارتفاعها خلال الأعوام المقبلة لتصل إلى سبع موجات حارة خلال العام الواحد. ويضيف الراعي "أن تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة كثيرة، فهي تؤدي إلى التأثير على الإنتاج الزراعي الصيفي بنسبة تتراوح بين 10 و20 بالمائة، كذلك تقليل فيضان النيل وتغيّر خارطة الأمطار في المنطقة وارتفاع معدل مياه البحر لتصل المياه المالحة إلى الدلتا".