العلم : رشيد زمهوط ينتظر أن تصادق الحكومة الاسبانية خلال اليومين المقبلين على خطة لإقناع قرابة مائة ألف من المهاجرين المقيمين بالتراب الاسباني للعودة الطوعية الى بلدانهم الأصلية مقابل تعويضات على الرغم من الاعتراضات والتحفظات المسجلة منذ أسابيع ضد نية الحكومة الاشتراكية تخفيض عدد الجاليات الأجنبية المقيمة فوق ترابها والتي تشكل قرابة 11 في المائة من تعداد الساكنة الاسبانية البالغ عددها 45 مليون نسمة . وكان البرلمان الأوروبي مدفوعا بفرنسا و إسبانيا قد أصدر الشهر الماضي تعليمة لدول الاتحاد لحملها على توحيد وملاء مة ترسانتها القانونية فيما يتعلق بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية في إتجاه تشديد الخناق على المرشحين الجدد لدخول مجال شينغن و تسريع مسطرة طرد المهاجرين السريين المقيمين بأوروبا بما فيهم القاصرين الذين كانوا في ما سبق يلاقون معاملة خاصة ، وهو القرار الذي أثار حفيظة العديد من المنظمات الحقوقية والانسانية الأوروبية . وبالعودة الى خطة الحكومة الاسبانية والتي تستهدف بالخصوص رعايا المغرب و الاكوادور و كولومبيا كما أكدته نائبة رئيس الحكومة ماريا تيريزا فيرنانديز فإنها تنص على استفادة المهاجر العائد طوعيا الى بلاده من منحة بطالة تصرف له على مرحلتين نظير حرمانه من الحصول مجددا على تأشيرة إقامة أو عمل فوق التراب الاسباني لمدة ثلاث سنوات . وعزا وزراء بحكومة ثااباطيرو لجوء ها الى هذه الخطة الى أجواء الركود الاقتصادي المقلق الذي تشهده إسبانيا في أعقاب نكسة قطاع العقار و البناء الذي يشكل عصب الاقتصاد الاسباني و يشغل نسبة هامة من الجالية الأجنبية . و تتوقع التقديرات المتفائلة أن تقل نسبة النمو باسبانيا خلال العام الجاري عن 2 في المائة بعد أن تجاوزت 3,8 في المائة سنة 2007 . و بعد أن تراجعت نسبة البطالة باسبانيا خلال السنوات الأخيرة الى أدنى مستوياتها عادت مجددا الى منحى تصاعدي مقلق خلال السنة الجارية (9.6 في المائة حاليا ) في ظل ظرفية إقتصادية عصيبة ، حيث توقع وزير العمل والهجرة الاسباني سليستينو كورباشو أن تتجاوز حاجز 11 في المائة السنة المقبلة ليبرر لجوء الحكومة كخطوة أولى تقليص أعداد المهاجرين خاصة العاطلين منهم فوق التراب الاسباني تليها عملية إحكام وتشديد شروط الهجرة و الالتحاق بأفراد الأسرة المقيمين قانونيا باسبانيا . هذا و سبق لجمعية العمال و المهاجرين المغاربة بإسبانيا أن أعلنت عن رفضها لنوايا الحكومة الاسبانية حمل المهاجرين المغاربة على العودة لبلادهم الاسبانية نظير ما أسمته " بحفنة أوروات " مطالبة بمناسبة الزيارة الأخير لثا باطيرو للمغرب بوقف "الملاحقات و المضايقات اليومية للشرطة الاسبانية للمهاجرين المغاربة " , و يرى أطر الجمعية أن منحة 11 ألف أورو المقترحة لتعويض القابلين للمغادرة لا تعكس إطلاقا في شيء ما أسهم به المهاجرون من عناء و مكابدة للنهوض بالاقتصاد الاسباني و تشييده في ظرفية الرخاء و ما بذله المهاجرون من تضحيات في سبيل الاندماج مع بيئة المهجر نزولا عند إرادة الحكومة المضيفة . و إذا كانت دول الاتحاد الأوروبي المتفقة تحت ضغط الاكراهات الاقتصادية و ضغط اللوبيات العنصرية على إبتداع المزيد من أشكال تحصين القلعة الأوروبية في وجه كافة أشكال الهجرة باستثناء هجرة الأدمغة والرساميل فإنها بهذا المنحى التشددي المستمر تعطي الانطباع بأنها تتخلى تدريجيا عن القيم الحضارية والحقوقية والانسانية التي ما فتئت تروج لها و تدعي بأنها تمثل أساس وجودها ككيان حضاري موحد وفي مقدمتها التعايش و التسامح والانفتاح , لتظهر بالواضح أن علاقات الترويكا الأوروبية مع دول الجنوب هي في العمق و الأولوية علاقة مصالح تتطلب من الضفة الجنوبية للمتوسط الى التوحد و استخدام مختلف أوراق الضغط المتاحة وفي مقدمتها ورقة الهجرة التي تؤرق قادة الاتحاد الماضي قدما في التقوقع والانغلاق.