غير المفهوم بالنسبة لبعض عباد الله المغاربة الذين أرغموا على اللجوء لتعليم أبنائهم بالمدارس الخاصة أمام تدهور أوضاع التعليم العمومي الذي مازالت معاناته قائمة، هو كيف أن أصحاب المدارس الخاصة يبادرون مع نهاية كل موسم دراسي إلى مكاتبة أولياء التلاميذ الذين يتابعون دراستهم بمؤسساتهم مطالبين إياهم بالإقدام الفوري على تسجيل أبنائهم للموسم المقبل، وإلا ضاع منهم مقعد الدراسة، وهذه الدعوة مقرونة بالمصاريف الواجب أداؤها مع ملاحظة أن هذه المدارس تلحق زيادات سنوية بتكلفة الدراسة. ولنا أن نتساءل عن منظور هذه المؤسسات التعليمية بالنسبة لتجديد السجل كل سنة، مادام أن التلاميذ يواصلون دراستهم بها تدريجيا عبر مختلف الأقسام الدراسية، فكأني بهذا التصرف أن هذه المدارس تقوم بعملية بيع للمقاعد سنويا دون اعتبار لارتباط التلاميذ بها والأداءات الشهرية المرهقة لجيوب الآباء التي لا حسيب ولا رقيب على تحديدها بمختلف المستويات الدراسية بدءا من أقسام الحضانة ومروراً بالأقسام الابتدائية والإعدادية والثانوية وانتهاء بأقسام التعليم العالي والتقني. بمعنى أن قرارات وتقديرات العمل بهذا التعليم الخاص، هي من صميم إبداعات أصحاب المدارس الذين لا يتهاونون في فرض الأثمان التي تروقهم، وهذا يتأكد من خلال الفارق بين مطالب مؤسسة وأخرى مع وجود قاسم مشترك هو الكلفة الباهظة الثمن حتى بالنسبة لتلك المدرسة الخصوصية العادية أم المشهورة والمتحدث عنها داخل الأوساط الاجتماعية، فكلفة التعليم بها لا حدود لها، والعديد من الأسر الثرية تقوم بتدريس أبنائها لمجرد التباهي. قد يقول البعض إن التعليم الخاص قطاع استثماري أي حر، وأن اللجوء إليه هو اختياري لا إجباري إلا أن هذا لا يعني الإبتزاز ببيع المقاعد سنويا تحت غطاء تجديد التسجيل وفرض زيادات مع إطلالة كل موسم دراسي. فكل هذا يحدث أمام أعين المسؤولين الحكوميين الذين ما نهوا عن المنكر ولا أصلحوا أمور التعليم العمومي لإعادة الثقة للمغاربة وإرجاع أبنائهم للتمدرس به.