أحالت الحكومة، في اطار تفعيل الاستراتيجية الوطنية لإصلاح القطاع الفلاحي المتمثلة في «المغرب الأخضر». على البرلمان ثلاثة مشاريع قوانين يتعلق أولها بإحداث وكالة للتنمية الفلاحية والثاني بالنظام الأساسي للغرف الفلاحية والثالث يقضي بإحداث المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. وبالنظر للدور المنتظر من الغرف الفلاحية للمساهمة في تطبيق مخطط المغرب الأخضر، فقد جاء مشروع القانون برؤية جديدة تستهدف تجاوز المعيقات والصعوبات التي تواجه الغرف الفلاحية للقيام بالمهام المنوطة بها والمتمثلة أساسا في ضعف التمثيل المهني الناتج بالأساس عن انعدام الشفافية والنزاهة في انتخاب مكاتب الغرف الفلاحية باعتبارها أجهزة مسيرة وكذا غياب مداخيل ذاتية للغرف باعتمادها كليا على مساعدات الدولة حيث لايتعدى الغلاف المالي المخصص للغرف الفلاحية 37 غرفة 24 مليون درهم وميزانية تدخل لاتتجاوز 10 مليون وضعف التأطير البشري بعدد من المستخدمين لايتجاوز 240، بالاضاف الى انعدام توزيع جغرافي متوازن معقلن وملائم، حيث يصل عدد الغرف الفلاحية الى 37 غرفة موزعة توزيعا اقليميا لايستند على أي معايير تنموية بقدر ماكان إحداث بعضها يتم استجابة لأغراض ذاتية ومزاجية.، أمام غياب مطلق لأي تنسيق بين الغرف على المستوى الإقليمي او الجهوي رغم وجود جامعة للغرف الفلاحية التي يجب ان تنضم تحت لوائها الغرف الفلاحية بمقتضى الجزء الرابع من النظام الاساسي للغرف الفلاحية الصادر بموجب الظهير الشريف رقم 281 62 1 الصادر في 24 أكتوبر 1962. ولتجاوز هذه الوضعية، جاء مشروع القانون بتحيين وتحسين مقتضيات النظام الأساسي للغرف الفلاحية المعمول به حاليا حتى يستجيب لحاجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة ويواكب متطلبات دعم البعد الجهوي وتجسيد سياسة القرب والانخراط في مخطط المغرب الأخضر من خلال إدخال تعديلات ترمي الى تحقيق إصلاح الإطار المؤسسي والقانوني والتنظيمي للغرف المهنية. ولبلوغ هذا الهدف، فقد أتى المشروع بأحكام تستهدف دعم مهام الغرف الفلاحية من خلال تحويل أنشطة مرتبطة بالتنمية الفلاحية للغرف المهنية، إعادة النظر في التقسيم الجغرافي للغرف لإعطائه بعدا جغرافيا بمنظوره التنموي المتناسق ينسجم مع التقطيع الجهوي الحالي بالاقتصار على 16 غرفة فلاحية (بدل 37) كأقطاب كبرى حتى تتمكن الغرف الفلاحية من تحقيق تدبير وتنسيق أفضل مع باقي المتدخلين على المستوى الجهوي للمساهمة في دعم الاستراتيجية الوطنية للتنمية الفلاحية دون أن يمس هذا التقسيم الجديد مستوى الغرف الفلاحية بمجلس المستشارين من حيث عدد المقاعد، كما لن يؤثر على تمثيل هذه الغرف على المستوى الإقليمي عندما جاء مشروع القانون بمقتضيات تمنح لممثلي الغرف في مجالس العمالات والأقاليم الحق في هذا التمثيل في جميع العمالات والأقاليم، وليس فقط تلك الموجودة في دائرة نفوذها الغرف 37. ومن أجل دعم الموارد المالية والبشرية للغرف المهنية، وضع مشروع القانون رهن إشارة الغرف الفلاحية موارد إضافية، بما فيها مراكز الأشغال الفلاحية والجمعيات الفلاحية والموارد الخاصة، علاوة على هيكلة تنظيمية جديدة تتركز على إقامة علاقة وظيفية بين السلطة التنفيذية والسلطة التداولية. فإذا كان هذا التوجه الجديد للغرف الفلاحية يرمي الى جعل هذه المؤسسات تنخرط في مخطط المغرب الاخضر، فإنه يبقى إصلاحا غير شامل مادام يقتصر على الغرف الفلاحية وحدها دون بقية الغرف المهنية التي تجمعها قواسم مشتركة باعتبارها مؤسسات منتخبة وتخضع لأنظمة أساسية مشابهة ترجع الى بداية الستينات وتشكل قوة اقتراحية مهمة بالنسبة للمهن التي تدخل في اختصاصاتها صناعية كانت أو تجارية أو خدماتية أو صناعية تقليدية أو الصيد البحري أو الفلاحة. وبالتالي كان من المفروض إعادة النظر في الأنظمة الأساسية للغرف المهنية في شموليتها مادامت القوانين المنظمة لهذه الغرف كل لايتجزأ من حيث الأهداف حتى تشكل بالفعل رافعة أساسية للتنمية الجهوية ودعامة قوية للمؤسسات المنتخبة لما فيه ضمان ترسيخ المسار الديمقراطي بالبلاد. كما أن التعديلات التي جاء بها مشروع القانون أبقت على الدور الاستشاري للغرف المهنية دون أن ترقى إلى أجهزة تقريرية باعتبارها مؤسسات منتخبة، بل عرفت تراجعا عن المكتسبات عندما أصبح مديرو الغرف الفلاحية بمقتضى هذا المشروع آمرين بالصرف بعدما كانت هذه المهمة موكولة لرؤساء الغرف في الوقت الذي كانت فيه الهيئة الناخبة تتطلع الى توسيع اختصاصات هذه المؤسسات المنتخبة وجعلها في مستوى طموحات المهنيين حتى تتمكن من الانخراط كليا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة والمساهمة في تأهيل المهن التي تمثلها على الوجه المطلوب. ويطرح إدخال الجمعيات المهنية الفلاحية كأعضاء شركاء في الجمعية العامة للغرف الفلاحية في حدود 20% من الأعضاء المنتخبين عن طريق الانتخابات العامة إشكالية قانونية تتعلق بأهلية هذه الجمعيات في تمثيل الهيأة المهنية الفلاحية الناخبة على الرغم من الدور الطلائعي الذي تقوم به مثل هذه الجمعيات في تأطير الفلاحين. كما أغفل مشروع القانون إعادة النظر في كيفية انتخاب أعضاء الغرف الفلاحية ومكاتبها بما يضمن إقرار نخبة مهنية قوية منسجمة ومتجانسة لتجاوز النخب التقليدية التي كانت تفرض نفسها بمختلف أشكال التزوير والتهديدات والضغوطات والإغراءات على حساب النزاهة والشفافية ومصلحة المهنيين. وفي نفس السياق، لم يعالج مشروع القانون المفارقة التي تطرحها الوضعية القانونية للغرف المهنية التي تتمتع بصفة المؤسسة العموميةخاضعة لوصاية وزارة الفلاحة من جهة وكونها مؤسسات منتخبة من جهة أخرى كما ينص على ذلك نظامها الأساسي، بحيث لايمكن لمثل هذه المؤسسات المنتخبة أن تكون مؤسسة عمومية خاضعة كليا لقطاع حكومي، الأمر الذي يطرح إشكالية فصل السلط بشكل واضح في الوقت الذي كان من المفروض أن ترقى الغرف المهنية الى مؤسسات دستورية منتخبة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري مع خضوع أعمالها لمراقبة وزارة الفلاحة على غرار الجماعات المحلية بعد مرور أكثر من 40 سنة من الممارسة في العمل المهني.