ظن البعض ، أن التمادي الحوثي الانقلابي في العبث بمقدرات الأمن العربي القومي ، لن يكون له من رد أو ردع ، و ذهب البعض الي أن " الحوثي الانقلابي " ، عكس حالة التردي و الهشاشة التي استشرت في منظومة الأمن و التضامن العربين منذ غزو الكويت ، عام 1990 . بيد أن الأحداث الدراماتيكية الأخيرة غير المتوقعة في اليمن، عجلت بوضع حد للعجرفة الايرانية، و التي وجدت ضالتها في الدولة العربية – اليمن – التي أصبحت علي شفا تصنيف الدول الفاشلة ، خاصة بعد الانقلاب الحوثي علي كل شرعية سواء وطنية متمثلة في الرئيس الشرعي المنتخب، أو دولية ممثلة في المبادرة الخليجية التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر 2011 ، و التي أيدتها منظمة الأممالمتحدة . إن الخطاب الأخير للرئيس اليمني الذي دعي فيه دول مجلس التعاون الخليجي لمساعدة الدولة اليمنية المستقلة ذات السيادة، في الحفاظ علي استقلال البلاد وسلامة وحدتها الاقليمية، واستعادة الأمن، وانفاذ القانون، وعودة المؤسسات الشرعية لممارسة عملها بموجب الدستور، و ردع التغلغل الايراني في الشؤون الداخلية لدولة عضو في منظمة الأممالمتحدة و المنظمات الدولية الاخري، وحرمان ايران من تحقيق مشروعها التمددي الاقليمي المهدد لأمن المملكة العربية السعودية ، و تحويل اليمن الي قاعدة انطلاق لتهديد الأمن القومي العربي في عمومياته، يعد أساسا قانونيا بموجب أعراف و مبادئ و قواعد القانون الدولي العام . وفقا للقانون الدولي يعد الحق الأول للدولة هو الحق في البقاء ، ويتسق مع ذات الحق واجب دولي رئيسي علي الدولة الالتزام بتحقيقه وهو واجب الأمن ، أي توفير الأمن لشعبها من خلال اتخاذ الأجراءات الوطنية الداخلية التي تكفل و تضمن ذلك الواجب ، الا أنه في الحالات التي تعجز الدول عن الوفاء بهذا الالتزام ، فلها أيضا أن تستعين بالدول الأخري فرادي أو جماعات للحفاظ علي أمنها و استقرارها ، و هنا ليس بالضرورة أن يحدث عدوان من قوة خارجية أجنبية ، اعمالا للمادة 51 من ميثاق منظمة الأممالمتحدة ، أو المادة الثانية من ميثاق جامعة الدول العربية . ان الحالة اليمنية ليست سابقة في التاريخ العربي الحديث أو المعاصر ، أي ليست المرة الأولي التي تقوم دولة عربية ذات سيادة بطلب العون العسكري من دولة عربية أخري أو مجموعة دول عربية سواء تحت مظلة جامعة الدول العربية أو خارج اطار ميثاق و أليات جامعة الدول العربية . لقد دعت حكومة عموم شعب فلسطين في عام 1948 من الجامعة العربية المساعدة العسكرية ضد العصابات الصهيونية في الجولة الأولي للصراع العربي الاسرائيلي، فقامت الجيوش العربية و المتطوعين العرب من مصر و العراق و سورية و لبنان و الاردن و السعودية و اليمن وليبيا ، بالقتال الي جانب الفلسطينيين، ثم قامت جيوش الجمهورية العربية المتحدة – مصر و سورية – و الأردن و السعودية و السودان، في عام 1961 بمساعدة دولة الكويت المستقلة ذات السيادة في حماية حدود ها ضد التهديدات العراقية أنذاك باجتياحها و احتلالها ، و في عام 1976 دعي الرئيس اللبناني الياس سركيس جامعة الدول العربية لمساعدة لبنان ، من أجل انهاء الحرب الأهلية التي كانت قد اندلعت في عام 1975 ، فصدرت قرارات قمة الرياض السداسية عام 1976 ، بارسال قوات عربية من سورية ، ليبيا ، السودان ، و الامارات العربية المتحدة ، تلبية لدوة الرئيس اللبناني، و في عام 2011 و حين بلغ التمرد الشيعي مداه في مملكة البحرين ، طلب ملكها من دول مجلس الخليج العربي تنفيذ البنود الأمنية من ميثاق المجلس، وارسال قوات درع الجزيرة لتأمين الدولة و حماية المنشئات الحيوية في الدولة ، ومقاومة أعمال التخريب و التدمير التي قام بها المتظاهرين من الشيعة .