يمكن وصفها ب «الكتائب النسائية» لكن من نوع خاص. مهمّتها مطاردة خليلات أزواجهن وإقصائهن من البلدة، وإن إضطرّهن ذلك لاستعمال العنف. هنّ مجموعات من المزارعات البورونديات ممّن لم يجدن من حلّ لإثناء أزواجهن عن ربط علاقات خارج إطار الزواج مع فتيات أجمل منهن وأكثر نضارة، سوى التعامل مع الوضع على طريقتهن: مطاردات تتّسم بالكثير من الطرافة، لكنها «مصيرية وجدّية» إلى أبعد الحدود بالنسبة للنساء المتشبّثات بأزواجهن. وبدت جاكلين إيناموكو، التي تقيم في بلدة موهانغا شمالي بوروندي، كشرطيّ غاضب، وهي تقول بانفعال «لن نسمح أبداً لهؤلاء الفتيات بأخذ مكان ربات بيوت عفيفات، مستغلاّت في ذلك صغر سنهن وجمالهن الذي ينجذب إليه أزواجنا». هن نساء ضقن ذرعا بأزواج يتخلون عنهن بعد ربط علاقات بمن يصغرنهن سناً ويفوقهن جمالاً، فكان أن قرّرن قطع الطريق أمام الخطر الذي يهدد بتقويض أركان بيوتهن. بدا لهن أنّه من الصعب الانقضاض على أزواجهن، لأنّ ذلك قد يزيد من تأزّم الوضع في بيوتهن، لذلك اتّفقن على القصاص من العشيقات، وتلقينهن درساً قاسياً يمنعهن من الاقتراب مجدّدا من أيّ رجل متزوّج. عمليات «مفتوحة» تلك التي أطلقتها «صائدات» الخليلات، كما يصطلح على تسميتهن محلياً، ضدّ «الأعداء»، إذ لا حدود ولا سقف لما يقمن به بهذا الشأن، والأمر يصل إلى حدود الضرب أمام الجميع. وأثبتت الطريقة نجاعتها، وذلك عقب تأكيد منظّمات نسائية ناشطة في البلاد إنّه ومع نهاية العام 2014، أجبرت 17 امرأة على الرحيل من منطقة موبوغورا لوحدها، تحت نظرات الأزواج. وتقول كونسل نيونسابا، عضو لجنة «المنتدى الوطني للنساء»، بنبرة مفعمة بالفخر، «إستراتيجيتنا بسيطة للغاية، إذ فور علمنا بجلب أحدهم امرأة إلى البيت، نكوّن فريقا من النساء لمهاجمة البيت مع تمام الساعة السادسة صباحاً، ولا نغادر قبل أن نقوم بطرد الخليلة». وانتقلت العدوى من بلدة موهانغا إلى مناطق اخرى، مثل سهل الإيمبو في بوجيمبورا، حيث انتفضت مجموعة من النساء، وسجل عند موسم الحصاد في بوروندي، إجبار سبع شابات على وضع حدّ للعلاقة مع عشاقهن. وبررت مارث ندايشيمي، من بلدة موتيمبوزي قرب بوجيمبورا، طريقة عمل «الكتيبة النسائية» التي يغلب عليها العنف، قائلة «لقد لاحظنا أنّ هذه الظاهرة تدمّر البيوت، وترهن مستقبل الأطفال الذين أضحوا يفتقرون إلى التأطير والغذاء اللازمين لتنشئتهم تنشئة سليمة، وذلك لتبذير الزوج أمواله. لأجل ذلك، نحن لا نتردّد في تعنيف المرأة التي تحاول إلحاق الإهانة بإمرأة أخرى». ويقول المتخصّص في علم الإجتماع البروفيسور في جامعة بوروندي بول نكونزيمانا «هذه الظاهرة مرتبطة بالحرب الأهلية الطويلة التي هزّت البلاد، وقلبت الموازين الأخلاقية والاجتماعية في بوروندي». وأوضح «نحن في مجتمع ذكوري بامتياز، والرجل يحظى بمكانة رفيعة جداً مقارنة بالمرأة، في حين تقف الأخيرة في مرتبة متأخّرة عنه على الدوام. ومن هذا المنطلق، فإنّ الرجل يسمح لنفسه بتحدّي التقاليد والحصول على إمرأة أخرى غير زوجته. أمّا اليوم، فإنّ الجرأة التي تظهرها النساء اللاتي تخلّى عنهن أزواجهن، هي تعبير صارخ وترجمة لنفاد صبرهن حيال الإذلال والمهانة اللذين تتعرّض لهما المرأة عموما».»)