خلال ثلاث سنوات خلت من التدبير الحكومي،تفجرت العديد من الفضائح،حيث يمكن أن توصف الحصيلة الأولية للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بأنها حصيلة الفضائح بامتياز،كما أنها كانت حصيلة الإخفاقات في مختلف الأوراش الإصلاحية،وهي الفضائح والإخفاقات التي تناسلت على جميع المستويات والأصعدة ،في السياسة .. في الاقتصاد.. في الدبلوماسية ..في الرياضة .. الإخفاق في ورش تنزيل الدستور.. الإخفاق في ورش محاربة الفساد ..الإخفاق في ورش إصلاح أنظمة التقاعد ...الإخفاق في تحقيق معدل نمو بنسبة 7 في المائة .. الإخفاق في منح الدعم المادي للأرامل والمطلقات..الإخفاق في توسيع الرعاية الطبية للمحتاجين .. الإخفاق في مماراسة الحكومة ورئيسها للاختصاصات المنصوص عليها في الدستور ..و بالرغم من أن العديد من المؤسسات المختصة وقفت عند الفشل لإخفاقات الحكومة وفشلها الذريع في تحسين ظروف عيش المواطنين،وأظهرت بالمعطيات المرقمة عدم التزام الفريق الحكومي-التائه في دوامة الفضائح- بالوعود التي قطعها على نفسه ،وبينت أن ثلاث سنوات كانت مجرد تمارين بدائية في تدبير الشأن العام،فإن بعض الباحثين مازال يلُوك الكلام حول الحصيلة "الإيجابية" للحكومة ، محاولا الحديث عن منجزات وهمية، والدفاع عن أشياء لا يمكن الدفاع عنها إلا باستحضار التماسيح والعفاريت،وتقديم الفشل على أساس أنه نجاح،والنظر إلى إغراق البلاد في الاحتقان الاقتصادي والاجتماعي على أساس أنه إصلاح،واستعمال كلام إنشائي و فضفاض من قبيل أن" الإصلاحات لا زالت في بدايتها والمستقبل يَعدُ بنتائج في غاية الأهمية" و"نجاح العلاقة مع القصر.." و"نجاح الائتلاف الحكومي في الاستمرار.."و"وَاوَات" المزيد من النجاحات التي ينتظرها الشعب..؟؟ لقد اختار هذا البعض لغة التزمير والتطبيل للحكومة،ممجدا فتوحاتها في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين،مهللا لهجماتها ضد النقابات والمجتمع المدني عوض فتح الحوار واعتماد المقاربة التشاركية تنفيذا لمقتضيات الدستور،منوها بإقدامها على تعنيف المعطلين وقمعهم واعتقالهم عوض تشغيلهم .. إن الدفاع عن الحكومة أمر محبذ ومطلوب،خصوصا بالنسبة للذين يمجدونها ويغرفون من نعيمها،ولكن ذلك لن يكون مقبولا سياسيا وأخلاقيا إلا إذا ارتكز على منجزات ملموسة ومعطيات مرقمة،تنعكس بشكل واضح على مستوى عيش المواطنين.. والواقع أن رئيس الحكومة نفسه اعترف بعظمة لسانه بالفشل،حيث أكد أن حكومته لم تف بكل ما تعهدت بإنجازه،وأَقَر بأن إصلاحاته الاقتصادية لا تحظى بالإجماع،وعبر عن عدم رضاه بخصوص «المنجزات»،وقال إنه لم يستطع محاربة الفساد،ولكن مع ذلك يوجد من بين الباحثين من يطبل للحصيلة « الإيجابية» للحكومة . إن أبناء الشعب المغربي محتاجون للشغل،فهل وفرت الحكومة فرصا جديدة للشغل ؟ إن المعطيات تقول: لا.. وأبناء الشعب ينتظرون خدمات جديدة في قطاعي الصحة والتعليم ،فهل التزمت الحكومة بتوسيع هذه الخدمات؟ المعطيات تقول :لا .. ذلك أن العديد من المشاريع التي تهم بناء المستوصفات والمؤسسات التعليمية التي انطلقت في عهد الحكومة السابقة،توقفت مع الحكومة الحالية..وأبناء الشعب المغربي ينتظرون المزيد من الوحدات السكنية للتقليص من الخصاص المتراكم،فهل قامت الحكومة بما يحقق ذلك ؟ المعطيات الرسمية تؤكد العكس ،ولا يمكن للذي يلجأ إلى إعادة تدوير الكلام حول «الخريف العربي» أن يحجب الشمس بالغربال .. إن جميع المؤشرات مقلقة جدا وتطبعها سمات التقهقر والتفاقم ،ففي الجانب الاقتصادي يمكن الإشارة فقط ،إلى تراجع معدل النمو إلى أقل من 3 في المائة مقارنة مع المعدلات المحققة قبل الحكومة الحالية،والتي كانت تصل إلى أكثر من 5 في المائة ،ومقارنة مع معدل 7 في المائة الذي وعد به الحزب الحاكم ،كما يمكن التذكير بالعجز المتفاقم في الميزان التجاري وارتفاع مبالغ الديون المتراكمة على المغرب إلى معدلات قياسية،والارتفاع المتزايد في عدد المقاولات المفلسة،وكان من الطبيعي جدا أن ينعكس ذلك بشكل سلبي على الإنتاج والتشغيل،في اتجاه انخفاض فرص الشغل المحدثة وارتفاع معدل البطالة . وفي المجال الاجتماعي،يسجل المواطنون تدهور الخدمات الاجتماعية في قطاعات السكن والصحة والتعليم،وعلى سبيل المثال،بعد الطفرة النوعية التي سجلها قطاع الإسكان خلال حوالي عقد من الزمن ،فإنه عرف تراجعا لثلاث سنوات متتالية،وبلغت نسبة التراجع خلال سنة 2014 انخفاضا بنسبة 8 في المائة مقارنة مع سنة 2013 . أما على مستوى القدرة الشرائية للمواطنين،فقد شهدت تقهرا مستمرا ارتباطا بالزيادات المتتالية في أسعار المحروقات والمواد الغدائية الأساسية الأكثر استهلاكا،وكمثال على ذلك،سجلت أثمان العجائن والأرز والشاي والمعلبات ارتفاعا وصل إلى 20 في المائة،وهكذا ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد من مادة الكسكس على سبيل الذكر لا الحصر،بدرهمين دفعة واحدة خلال الشهرين المنصرمين . وفي المجال الحقوقي،عرفت الثلاث سنوات الأخيرة من التدبير الحكومي تدهورا كبيرا وتراجعا خطيرا،وبرز ذلك من خلال التضييق على حقوق الإنسان وعلى الحريات العامة،والهجوم على الحريات النقابية،ومحاصرة الجمعيات، ومصادرة حرية التعبير والحق في التظاهر السلمي الذي ظهر بشكل واضح قمع التعاطي احتجاجات المعطلين والعمال ،وهو أمر تجمع عليه المنظمات الوطنية والدولية.. فهل أمام هذه المعطيات المرقمة يمكن للبعض الحديث عن حصيلة «إيجابية « للحكومة؟ إن الحصيلة في الواقع ، تقاس بمدى الرخاء والرفاه الذي يشعر به المواطنون،والحالة أن المواطن المغربي منذ ثلاث سنوات،لا يشعر سوى بالهجوم الكاسح على قدرته الشرائية وعلى مكتسباته الحقوقية والاجتماعية ..