نكتشف من خلال تحليل للأرقام والواقع الملموس الذي تعيشه السياحة بمدينة وجدة وناحيتها حجم التدهور الذي وصل إليه هذا القطاع الاستراتيجي بعد ما عرف ازدهارا خلال السبعينات وذلك بسبب هزالة إيرادات السياحة رغم المؤهلات الجمالية المتكاملة والمتجانسة لمدينة وجدة ومحيطها . لقد كان لهذا التدهور أثره على الاقتصاد المحلي الذي يعتمد على الحرف والصناعة التقليدية المعتمدة بدورها على القطاع السياحي. وقد أدى عجز المسئولين المحلين الذين تعاقبوا على كرسي المسؤولية في هذا القطاع إلى تراجع مردودية المنتوج السياحي بسبب محدودية التجهيزات والفوضى التي يعرفها هذا القطع وغياب تام للإعلام التحفيزي والدعائي في الداخل والخارج للتعريف بهذه المنطقة ومؤهلاتها السياحية، إضافة إلى غياب إستراتيجية محددة المعالم في المجال السياحي وهو ما أدى إلى تقهقر السياحة وتراجعها. إن التطور المستقبلي للمنطقة الشرقية ككل لا يمكن تصوره والتخطيط له دون الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الاستفادة من الدور الاقتصادي الهام للقطاع السياحي وبالتالي تنويع مجالات التنمية وفتح أفاق جديدة لاستيعاب نموها الديمغرافي والحضري والقروي واستغلالها الأمثل لإمكانياتها ومؤهلاتها وبالتالي خلق الانتعاشة الاقتصادية المنشودة.. إن الظروف التي تقربها السياحة الداخلية منها والخارجية بوجدة يقتضي إبلاء هذا القطاع الأهمية التي يستحقها خصوصا إذا علمنا أن عناصر كثيرة تلعب لصالح تطور منتوجها السياحي، وبالنظر إلى المعطيات التي تتوفر عليها المنطقة والتي توفر إمكانية موسم سياحي على مدار السنة فإن ذلك يستلزم توفير بنية تحتية سياحية كافية ومتلائمة مع استراتيجيه سياحية واضحة الأهداف والمرامي و تكثيف البحث بهذه المنطقة لاكتشاف المآثر التاريخية بالناحية. إضافة إلى استصلاح واحة سيدي يحيى وإعادة المياه إليها كما كانت خلال السبعينيات وتجهيزها بمركبات سياحية وحديقة للحيوان لتمكين وتشجيع السياح على زيارتها و لا ننسى إرجاع التحف التاريخية التي كانت بمتحف للامريم والتي تعرضت للنهب والسرقة. و للرقي بالقطاع لابد من العمل على تشجيع الصناعة التقليدية كالنسيج والحياكة والفخار، مع خلق نواة صناعية للخزف المحلي بواحة سيدي يحي و لابد من التفكير في إحداث موسم سياحي بمدينة وجدة وتافوغالت وتكافايت بكيفية متوازية مع مهرجان السعيدية الصيفي. و لتشجيع عودة الحركة السياحية إلى المنطقة يجب إعطاء العناية للفنادق السياحية وتخفيض الضرائب الملقاة على عاتقها سعيا لتشجيع أربابها على جعلها في خدمة السياحة مع إنشاء مؤسسات سياحية مع الاهتمام بقطاع النقل السياحي للتكثيف من تدفق السياح وضبط التكاليف في المستوى المطلوب والمناسب. إن الموقع الجغرافي المتميز للمنطقة المحيطة بوجدة يمثل بوابة المغرب في اتجاه المغرب العربي من الشرق وفي اتجاه أوروبا من الشمال التي تعتبر أكبر خزان سياحي عالمي. وبخصوص السياحة الشاطئية، تتموقع مدينة السعيدية الجوهرة الزرقاء على مسافة 14 كلم كلها شواطئ ذهبية، وهو من أجمل شواطئ المغرب، كما هو مرشح إلى أن يرقى إلى مستوى أحسن نظرا لأهمية المشاريع التي تنجز والمزمع إنجازها في إطار مخططات مقبلة. غير أن القطاع السياحي بالسعيدية يبقى دون المستوى المطلوب نظرا لغياب مهول في وسائل الترفيه والتنشيط وكذا التجهيزات الإيوائية، و تدني مستوى البنية التحتية للمدينة.. لذا يجب الإدماج الفعلي للقطاع بالمنطقة في السياحة المنتجة. أما عن السياحة القروية، فللمنطقة أيضا مؤهلات طبيعية تتمثل على الخصوص في المناطق الخضراء.. ومنها منطقة تافوغالت الموجودة في قلب جبال بني يزناسن والتي تتميز بغاباتها الكثيفة والجبال الشاهقة ووادي زكزل ومغارة الجمل وكهف الحمام وكلها تعتبر مواقع تاريخية وأركيولوجية فريدة من نوعها في المغرب العربي.. ثم نجد قريبا من جرادة منطقة تكافايت الجبلية الهامة.. هذا و إن بالمنطقة عدة حامات منها حامة بن قاشور بوجدة ذات خصائص علاجية فعالة في العديد من الأمراض الجلدية والروماتيزم، ثم حامة فزوان قرب مدينة أحفير وهي التي تتوفر على مؤهلات سياحية نظرا لتواجدها في سفح جبل عين فوغال وتتوفر على عين معدنية صالحة للشرب... لكن هذه الحامات تنقصها البنيات السياحية الضرورية. ومن جهة أخرى فإن بمنطقة وجدة والمدينة عدة فنادق ومخيمات ومطاعم ووكالات أسفار تنقصها هي الأخرى وسائل التنشيط والترفيه وإلى البنيات السياحية والتجهيزات الأساسية. وفي دراسة لثقافة القطاع السياحي بالمنطقة الشرقية من طرف غرفة التجارة والصناعة والخدمات لوجدة حول التصور الشمولي للتنمية بالجهة الشرقية جاء عن الآفاق السياحية أن المنطقة تملك كل مقومات النجاح في الميدان السياحي ، ومستقبل هذا القطاع سيعرف لا محالة تطورا مهما لوجود مشاريع كبرى في طور الانجاز أو المزمع إنجازها كالطريق الساحلي السعيدية، طنجة، ميناء الصيد والترفيه بالسعيدية، مشروع المدار المتوسطي،مشروع توسيع ميناء الناظور...) ولبلوغ هذه الأهداف لابد من توحيد الرؤى ومشاركة كل الجهات والجماعات الحضرية والقروية التي يجب أن تلعب دورها كاملا في توفير النظافة والمرافق التي تساعد على استقبال الاستثمار السياحي ..