يعد مشروع القرار العربي المقترح لمجلس الأمن، و الذي يهدف إلي اصدار قرار ملزم من مجلس الامن و لاول مرة، بتحديد أجل زمني لانهاء أطول احتلال عسكري في التاريخ الحديث – الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ يونيو 1967 – أهم مشاريع القرارات المقدمة الي مجلس الامن بشأن القضية الفلسطينية منذ عقود خلت . و نظرا لأن الفيتو الأمريكي المجهض دوما لأي قرار يتخذه مجلس الأمن ضد السياسيات والأفعال الاسرائيلية التي تنتهك كل مبادئ و قواعد القانون الدولي ، أصبح أمرا مرتقبا و محسوما ، فانه من المهم بمكان تسليط الضوء علي الخلفية التاريخية لأصل هذا الحق التاريخي ، و الذي أضحي اداة لدكتاتورية الدول الكبري علي الدول الصغري ، و صار هذا الحق بدلا من أن يكون أداة لتسيير أمور و شئون العالم علي يد العمالقة ، أصبح أداة تسببت في عجز الاقوياء عن العمل لانقاذ العالم . لقد قبلت الدول الصغري في مؤتمر سان فرانسيسكو 1945 تفوق الاقوياء كحقيقة من حقائق الحياة ، علي امل أن تلتزم هذه الدول بالتعهدات التي قطعتها في هذا المؤتمر ، و خصوصا عدم استعمالها لحق النقض الا في أضيق حدوده ، و علي أمل أيضا أن هذا الحق لن يكون أداة تعرقل صدور قرارات من مجلس الأمن ، أو تعرقل العمل الجماعي الايجابي ضد أي دولة تتجاوز حدود الميثاق، و تنتهك أحكام القانون الدولي العام، و تتسبب في تهديد السلم و الأمن الدوليين ، وعلي أمل كذلك أن هذا الحق سيكون كفيلا بالحؤول دون اللجوء الي استخدام القوة و العدوان علي الدول الضعيفة للسيطرة عليها واحتلالها و نهب ثرواتها . لقد حصلت الدول الخمس الكبري علي مقاعد دائمة في مجلس الأمن و تم تحديدها بالاسم مع تمتعها بحق النقض في المسائل الموضوعية – مثل مشروع القرار العربي المقدم بشأن فلسطين – و مرد ذلك خروج هذه الدول منتصرة من الحرب العالمية الثانية، مع تميزها بمركز عسكري و اقتصادي و صناعي قوي أنذاك ، مما جعلها قادرة علي أن تفرض مثل هذا الوضع غير العادل بين الدول الأعضاء في المنظمة الأممية. ان ما يثير الدهشة في شان أستخدام حق النقض من قبل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ، أن الأردن الدولة العضو غير الدائم في مجلس الأمن ، و مقدمة مشروع القرار العربي للمجلس ، و الذي يحدد الأجل الزمني لانهاء الأحتلال الأسرائيلي للأراضي الفلسطينيةالمحتله ، هي ذاتها – الاردن – قد تضررت و ظلمت من قبل مجلس الامن ، حين استخدم الاتحاد السوفيتي السابق حق النقض ضد انضمام الاردن لمنظمة الأممالمتحدة ، زاعما أن الاردن لم تكن دولة مستقلة أنذاك. لقد كان انهيار الاتحاد السوفيتي السابق في عام 1991 ، بمثابة التكئة التي كرست حق النقض لدولة واحدة مستبدة بالقرار والمقدرات الدولية ، وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية ، فأصبحت قرارت مجلس الأمن تصدر استجابة لارادة هذه القوة العظمي الهائلة المهيمنة علي الجماعة الدولية بأسرها ، و لم يعد أحد من أعضاء مجلس الامن من ذوي المقاعد الدائمة يرغب في معارضتها ، و لو من خلال الامتناع عن التصويت ، ناهيك عن استخدام حق النقض . و ختاما ، ان العيب الجوهري فيما يتعلق بحق النقض ، لا يعود الي الحق ذاته و انما الي اساءة استعماله ، فكما أن استعماله بواسطة دولة كبري قد يعرقل صدور قرارات لها أهميتها ، مثل انهاء الاحتلال الاسرائيلي الغاشم ، فانه قد يؤدي من ناحية أخري الي منع اصدار قرارات غير عادلة تنحاز لجانب دون أخر .