سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عنصرية وكراهية الإسلام في الإعلام الفرنسي: الكاتب والإعلامي إيريك زمّور يطالب بترحيل مسلمي فرنسا *تصريح خطير يتجاهل فيه تضحية 100 ألف جندي مسلم في القرن الماضي دفاعا عن فرنسا *يحذر الفرنسيين من حرب أهلية مع مسلمي فرنسا بسبب السلطة
تتواصل بفرنسا ردود الفعل وتتعالى بقوتها على إثر الجدال والضجة التي خلّفها تصريح الكاتب والإعلامي : إيريك زمّور( الفرنسي من أصل يهودي وبربر الجزائر) الذي تحدث عن الإسلام والمهاجرين في فرنسا في حوار مع الجريدة الإيطالية " كوريرا ديلاسييرا" بمناسبة ندوة لإشهار كتابه الجديد : (الانتحار الفرنسي). هذا الكتاب الذي خلق جدلا كبيرا وسط الإعلام الفرنسي ورجال السياسة وأساتذة التاريخ والعلوم السياسية وأيضا وسط جمعيات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، أدّى إلى إجماع كبير على أن إيريك زمّور افتعل قضية ذات خطورة استثنائية بقوله " إن الجنرال بيطان هو الذي أنقذ يهود فرنسا " كذلك بتوجيهه الاتهامات بشكل عنيف وصور جارحة لمسلمي فرنسا بجميع أصولها بمن فيهم الفرنسيون الذين اعتنقوا الإسلام، وحسب آخر الإحصائيات فإن عدد مسلمي فرنسا يقارب 6 ملايين مواطن ، ومن خلال هذه الاتهامات يكون الكاتب الإعلامي تعدّى حدود قوانين المجتمع المدني التي تحكمها مبادئ حقوق الإنسان. ومن أهم ما جاء في تصريح وكتاب إيريك زمّور تقديمه للمسلمين الفرنسيين " شعب داخل شعب " ثم " شعب مسلم داخل شعب فرنسي " ثم أضاف كتحليل : " إن للمسلمين قانونا ودستورا خاصا بهم وهو القرآن، وبالتالي فهم يعيشون مجتمعين معا، وفي الضواحي اضطر الفرنسيون إلى المغادرة والبحث عن مناطق أخرى للعيش " . وعن هذا سأله الصحفي الإيطالي مستغربا : " إذن هل تقترح ترحيل 6 ملايين من الفرنسيين المسلمين " وهنا المعروف أن كلمة "الترحيل" هي المستعملة خلال ترحيل اليهود إلى المحرقة ، التي كتب عنها الكاتب في بعض كتبه وفي مقالات صحفية عديدة بالصحف الفرنسية التي ينشر لديها مثل " الفيغارو" اليمينية التوجه السياسي، وفي جوابه أظهر أن هذا الاقتراح غير مستبعد: " أعلم أن هذا غير واقعي لكن القصة مثيرة للدهشة ، من كان يظن أن في 1940 مجموع 1 مليون من مواطني " الأقدام السوداء" الفرنسيين- الجزائريين بعد 20 سنة غادروا الجزائر وعادوا لفرنسا" . وأثارت هذه التصريحات نقاشا وغضبا في الوسط الفرنسي بجميع شرائحه، وكانت أول ردود الفعل من السياسي القوي نائب الأمين العام لحزب جبهة اليسار : ميلونشون ، ثم بعده وزير الداخلية الحالي: كازانوف، وهما معا ندّدا بقوة وحزم بهذه التصريحات التي تدفع إلى التفرقة والعنصرية والكراهية بين فئات الشعب الفرنسي، كما أنها صادرة من أفكار رجعية، وعلى التوالي انهالت بشكل قوي أشكال التنديد منها قيام العديد من الجمعيات ذات الوزن الكبير في المشهد السياسي الفرنسي باللجوء إلى القضاء لتقديم شكوى ضد إيريك زمّور، من بينها : جمعية محاربة العنصرية- جمعية حقوق الإنسان- جمعية اتحاد مسلمي فرنسا- جمعية الفرنسيين المنحدرين من أصول جزائرية- جمعية الطلبة يهود فرنسا- ،،، كما أن مجموعة شركة إذاعة ( RTL) الواسعة الاستماع والتي تتوفر على فروع في كل من لوكسمبورغ – إيطاليا – بلجيكا- أصدرت بيانا للرأي العام الفرنسي باسم الإدارة وجمعية الصحفيين العاملين بالمحطة الإذاعية ، عبروا من خلاله عن استيائهم ورفضهم لتصريحات زميلهم الإعلامي الذي يعمل كمحلل سياسي بتعليق عن الحدث في 7 والنصف صباحا من كل يوم . وجاء في البيان إن الأفكار والآراء التي صدرت من صاحبها لا تتوافق مع سياسة الإذاعة ، وهي تسيء إلى القيم والأخلاق المهنية التي يدافع عنها المواطن الفرنسي كيفما كانت مذاهبه واعتقاداته الدينية. وصباح يوم السبت أعلنت إدارة القناة الإخبارية ( إي- تيلي ) التابعة لمجموعة ( كانال بلوس ) عن إيقاف برنامج حواري يشارك فيه إيريك زمّور مع أحد المحللين السياسيين المشهورين، وهذا البرنامج مستمر منذ عدة سنوات ، لكن مديرة الأخبار صرحت لجريدة لوموند معللة القرار " البرنامج حواري وخاص لتبادل المناقشة لكن يظهر أنه من الصعب أن يبقى طابع الحوار الجاد قائما في هذا البرنامج" . واستمرت طيلة الأسبوع المناقشة لرجال السياسة وشخصيات من الفن والثقافة عبر وسائل الإعلام سواء لكتاب " انتحار فرنسا " أو محاور ما جاء في تصريحات إيريك زمّور، وجاءت الآراء متفقة على أن ما صدر هو تطرف مثير للاشمئزاز ، مخيف وغير مفهوم بل خطير جدا، خاصة عنما قال إيريك زمّور " إن فرنسا ذاهبة إلى حرب أهلية" و " السياسة الفرنسية تعطي مساحات فارغة سيستغلها المسلمون للتمكن من السلطة" . ولابد هنا من القول إن فرنسا شهدت بانتظام تفشي حمّى الشعبوية، وكراهية الإسلام والمسلمين، ومظاهر خطيرة من العنصرية والمعادية للسامية. وباسم العديد من القوانين والحريات التي توفرها فرنسا كدولة ديموقراطية ، يستغل العديد من المتطرفين أمثال إيريك زمّور مجالات الإعلام سواء المكتوب أو المسموع أو المرئي لنشر رسائل الكراهية. فبعد 70 سنة من " أوشفيتز" وبعد حوالي 20 سنة من " البوسنة وسيريبرينيكا " ،ناهيك عن قرون من الاستعمار وعقود الرقيق ، التي عرفها التاريخ فإن فرنسا الديموقراطية ما تزال تسمح لمواطني الجمهورية من ارتكاب وصمة العار وبالتالي يبقى هذا واقعا ملموسا بالتساهل مع مظاهر العنف ضد البشر وأيضا تحريف التاريخ، فعندما يدّعي كتاب " انتحار فرنسا " أن الجنرال " بيطان " هو الذي دافع عن اليهود فهذا تغليط وتحريف ، وعندما ينسى أو يتناسى أن الحربين العالميتين في القرن 20، عرفتا تضحية أرواح أكثر من 100 ألف جندي من المسلمين في الحرب دفاعا عن فرنسا، كانوا من المغرب، الجزائر، تونس، والسنغال، فكل هذا يعتبر مسحا للذاكرة الوطنية الفرنسية وتحريفا لتاريخ المغرب والدول الأخرى ونكرانا لأرواح شهداء الحرب المسلمين.