على إثر الجدل القانوني الرائج بمناسبة سب أحد رجال الدرك للذات الإلهية دون خوف من الله وجرأة كبيرة، فإننا نقول بأن نصوص القانون الجنائي الواردة في باب الجرائم المتعلقة بالعبادات والتي تضم الفصول من 220 إلى 223 من القانون الجنائي، فهي فصول يتيمة ووحيدة وواحدة وغامضة ولا تفي بالغرض، بمعنى أنها قاصرة، ولا يمكن أن تكون سندا لإدانة من يسب الذات الإلهية والدين الإسلامي، وهي ظاهرة متفشية ومنتشرة بشكل كبير لدى الكبار والصغار في مجتمعنا رجالا ونساء وشيوخا. ونلاحظ أن حتى هذه الفصول رغم قصورها فإنها لا تفعل من طرف الساهرين على احترام القانون من ضباط الشرطة القضائية والنيابة العامة، التي من المفروض عليها أن تفعل هذه النصوص بتحرير المحاضر وتقديم من يقوم بمثل هذا النوع من الجرائم التي تزدري العقيدة الإسلامية إلى العدالة لتقول كلمتها، وتردع كل من سولت له نفسه أن يمس بأحد رموز شعار المملكة الذي هو الله، الوطن، الملك. إذ أن هذا الشعار منصوص عليه في الفصل 4 من الدستور، وكما نصت المادة 3 من الدستور أيضا على أن الاسلام هو دين الدولة، ورغم ذلك فإن الممارسة القضائية تكون منعدمة في هذا المجال والأحكام أكاد أن أجزم أنها غير موجودة ولو بنسبة ضئيلة إن لم أقل أنها تكاد تكون منعدمة. كما أن المشرع المغربي آلته التشريعية في حماية العقيدة والدين الإسلامي بطيئة جدا لم تتطور وبقيت النصوص جامدة ولم تتحرك إن لم نقل أنها ميتة رغم وجود دستور جديد "دستور 2011"، الذي جعل أول شعار للمملكة هو الله سبحانه وتعالى، وتقديم اسم الله عز وجل في الشعار له دلالة أنه أكبر من كل المقدسات، وأكبر من كل شيء، لكن النصوص التشريعية لا تحمي اسم الجلالة، وليست هناك نصوص صريحة وواضحة تحمي عقيدة المغاربة المسلمين، خاصة في مجال سب الدين والرسول صلى الله عليه وسلم والذات الإلهية، وكل ما يمس بمعتقدات المسلمين، مما يدفعنا إلى القول بأن هناك خللا بينا وواضحا في التشريع المغربي ومتخلف في هذا المجال. وباقي المقدسات يحميها المشرع سواء تعلق الأمر بالملك أو بالوطن مثل النصوص التي صدرت مؤخرا والمتعلقة باحتقار العلم المغربي وكل المؤسسات، بل المواطنين وغيرهم يحميهم القانون، لكن الذات الإلهية استخف بها المشرع المغربي ولم يفرد لها أي فصل في مجموعة القانون الجنائي من أجل إدانة مرتكبي هذا النوع من الجرائم. على غرار بعض التشريعات العربية مثل التشريع المصري مثلا في الفصل 98 من قانون العقوبات فإنه يعاقب على كل ازدراء بالعقيدة الدينية من شهر إلى خمس سنوات سجنا نافذة. إن الايمان بالله سبحانه وتعالى هو محور العقيدة الاسلامية، كما هو واضح في عقيدة التوحيد عند المسلمين، مما يدفعنا إلى القول بأن المشرع عليه أن يتدخل بمناسبة تعديل القانون الجنائي في مجال حماية عقيدة المغاربة، ويحمي كل الرموز الدينية، وكذا كل المقدسات الدينية لدى المغاربة المسلمين حماية جنائية تكون نصوصها واضحة ورادعة، وذلك من أجل نفض الغبار عن النصوص البالية التي أكل عليها الدهر وشرب ونام واستراح. والغريب في الأمر أن يقوم بمثل هذه الجريمة من يفترض فيهم القدوة والسلوك الحسن من بعض رجال التعليم وبعض المسؤولين الأمنيين ورجال السلطة ولا نعمم، مثال الدركي الذي تجرأ وسب الذات الإلهية. إن سب الذات الإلهية والدين أمر جار به العمل لإرهاب المواطنين، وهو سلوك يجب أن تتصدى له النيابة العامة كما في نازلة الدركي وتقديمه وأمثاله إلى العدالة في إطار محاكمة عادلة من أجل الردع والرجوع بالمجتمع إلى جادة الصواب من أجل احترام عقيدة المغاربة المسلمين. ولا يفوتنا أن نشير إلى أن قانون الصحافة وقوانين مكافحة الجريمة الإلكترونية يجب أن تتضمن نصوصا تجرم سب الذات الإلهية والمقدسات بمفهومها المنضبط للقانون، وتحديد هذه المقدسات حتى لا يتوسع فيها من طرف القضاء إضرارا بحقوق الناس وحرياتهم وخاصة حرية التعبير. والقانون يجب أن يفتح المجال أمام المواطنين لتصبح لهم الصفة وليس للسيد وكيل الملك وحده في رفع شكاية في الموضوع إذ لكل مواطن تعرض لسب عقيدته ودينه وسب الإله أمامه مما يخدش عقيدته، فله الحق في أن يتقدم بشكاية في الموضوع في إطار ما يسمى بنظام الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي له سند في ديننا الحنيف.