تبادل كثير من الوزراء المسؤولية فيما خلفته كارثة الفيضانات الأخيرة من خسائر كبيرة جدا في الأرواح، وإن فعل الوزراء ذلك بطريقة غير مباشرة، فحينما يحمل وزير الداخلية مسؤولية الكارثة للسائقين الذين قامروا بحياة الأشخاص، وحاولوا العبور بالمركبة رغم أن فيضان الوديان لم يكن يسمح بذلك، فإنه يلقي بالمسؤولية على وزارة التجهيز لأنها لم تبادر بإغلاق الطرق والقناطر التي جرفتها الفيضانات، كما لم تضع علامات التشوير المنبهة إلى الخطورة، ولم تقم المديريات الإقليمية لوزارة التجهيز بأي عمل استباقي أو موازي للفيضانات، إذ كان عليها أن تسارع بإعلان الطرق التي اكتسحتها السيول مقطوعة، وكان عليها أن تضع لمسافة بعيدة علامات قطع الطريق، كما كانت مطالبة بل مجبرة على وضع حراس يمنعون المرور. وزير التجهيز والنقل لم ينتظر طويلا بل رد بسرعة على وزير الداخلية حيث قال في تصريح لأحد المواقع إن إحدى القناطر التي دمرتها المياه عن آخرها لم تكن قد سلمت للوزارة لا بصفة نهائية ولا أولية، بمعنى أنها لا تزال في عهدة المقاولة، وهذا يعني أن وزير التجهيز والنقل يبرئ نفسه من المسؤولية ويرمي بالكرة في ملعب وزير الداخلية، لأن عدم تسليم القنطرة يعني بالضرورة عدم فتحها للخدمة، وأن العمالة هي المسؤولة عن فتحها أمام حركة المرور قبل أن تسلم بشكل نهائي، وأن العمالة لم تقم بواجبها في مراقبة جودة الأشغال في هذه القنطرة. مسؤولية كوارث الفيضانات في كلميم وفي مناطق أخرى هي بكل تأكيد مسؤولية المجتمع برمته، وليست مسؤولية وزير دون آخر، ومع ذلك فإن للحكومة جزءا من هذه المسؤولية لأنها المسؤولة عن تدبير الشأن العام، ومفروض عليها أن تتوفر على استراتيجية وطنية لمواجهة الكوارث الطبيعية، بحيث ما أن تقع الكارثة لا قدر الله حتى تكون الخطة جاهزة، وليس كما حدث الآن، إذ اكتفى الوزراء بنعي القتلى وتبادل التهم فيما بينهم.