1. صدر لك قبل أيام عملا موسوم بعنوان مثير نوعا ما : "كنت إسلاميا ... عندما يتماهى الخيال مع الواقع"، هلا تفضلت وحدثتنا بإيجاز عن مضمون العمل؟ تحكي الرواية عن طفل ولد في البادية نهاية الستينات في واقع موسوم بالفقر والجهل والشعوذة. في واقع يخاف فيه البدوي من المقدم والشيخ والقائد والدركي والوزير. حدث أن أصاب الجفاف المنطقة، فتفاقمت أوضاع أسرة الطفل، وازدادت فقرا وتهميشا، وعانت من العطش أيضا. على مقربة منهم، كانت هناك مزرعة يملكها وزير مغربي لم يمسها القحط أبدا، لأن صاحبها كان يسقيها بماء صالح للشرب يمر عبر إحدى القنوات المجاورة. هذا المنظر أو هذا التناقض خلف صدمة قوية للطفل. بعدها ستهاجر أسرته إلى إحدى كاريانات المنطقة، وهناك سيجد ما هو أسوأ من الفقر والجهل. في الكاريان تم استقطاب بطل الرواية إلى إحدى التنظيمات التي انشقت عن "عبد الكريم مطيع". شاءت الأقدار أن يحتك بطل الرواية بقائد الجماعة وأسس معه ما كان يسمى بالجلسات التربوية، في منافسة شرسة مع جماعات منافسة خاصة من ذوي الاتجاه السلفي. البطل يكتشف في النهاية أسباب تأسيس الحركة الإسلامية في المغرب وأنها بضاعة مستوردة من الخارج وأنها تستغل الدين من أجل الانتخابات وتحقيق مآرب سياسية باسم الدعوة والعمل الخيري. 2. هذا الشاب الذي تم استقطابه من طرف احد تيارات الحركة الاسلامية المغربية، و جالسها وحضر لقاءاتها واجتماعاتها لمدة من الزمن، ليتأكد أخيرا أن هدفها بعيد عن التأطير الديني وما تعلن عنه، وأن حقيقة ما تهدف إليه هو خدمة أجندة سياسية لحزب معين، هل هذا الشاب هو عمر العمري وهذه سيرة ذاتية ؟وهل المعني هو حركة الاصلاح والتجديد؟ "كنت إسلاميا" هو عمل أدبي روائي إبداعي وليس سيرة ذاتية كما هو متعارف عليها. وقد كتبت في مستهل هذا العمل أن كل تشابه في الأحداث والأسماء هو من قبيل التصادف. لكن هذا لا يمنع من أن يكون كثير من تلك الأحداث واقعا قد عاشه المؤلف، وأنه صادف بالفعل تلك الأشخاص أو أبطال الرواية. الأهم لدينا هو التعبير عن الأفكار وليس ذكر أسماء أشخاص بعينهم وصفاتهم. فبطل الرواية قد يكون كل إسلامي عاش تجربة الانتماء إلى الحركة الإسلامية، لكن هذا البطل يتميز عن الآخرين أنه استطاع أن يعبر عن رأيه بكل حرية وجرأة. ما يهم هو الخلاصة التي وصل إليها هذا الشاب الذي قد يكون هو المؤلف نفسه أو غيره من أن ما يسمى ب"الإسلام الحركي" أو "السياسي" هو حلم أو وهم أو "ضلال" عاشه البطل وعاشه غيره من الإسلاميين الذين انخدعوا بهذا الوهم. هذا عن الرواية أما عن المؤلف، فقد انتمى بالفعل إلى "حركة التوحيد والإصلاح" واشتغل كصحفي فيها مدة من الزمن في الجريدة الناطقة باسمها وهي "التجديد". انسحب من الحركة عندما وجد نفسه يختلف معها من الناحية الفكرية والفقهية وحتى العقدية، بل لم يعد يؤمن بالحركة الإسلامية جملة وتفصيلا.. 3. إذا هل يمكن اعتبار الرواية عملا واقعيا خصوصا وقد تناولت فيها شهادات ووقائع وأحداث معروفة وإن بأسماء مستعارة؟ ولماذا لم يتم التصريح بالاسماء الحقيقية للتنظيم المعني وللقياديين الذين تحدث عنهم العمل؟ الرواية كيفما كانت تعكس في عمقها الواقع وتعبر أن أدق تجلياته. العمل الروائي يتيح للكاتب مجالا أوسع للتعبير عن فكره واعتقاده دون التقيد بالضوابط العلمية والأكاديمية التي يفرضها الكتاب. الرواية تحمل بطبيعة الحال أسماء رمزية، وهي ككل عمل إبداعي ينبغي على القارئ أن يفك فيه تلك الرموز وتلك الشفرات. وشخصية المؤلف تتسلل بالضرورة إلى إبداعاته الفنية والفكرية. وفي الحالة التي نتكلم عنها، فقد التقى المؤلف بعضا من الإسلاميين، وتربى معهم على مبادئ الحركة، وجالس قياديين وزعماء، ودخل في نقاشات معهم، بما فيهم رئيس الحكومة الحالي عبد الإله بنكيران نفسه. هل هؤلاء تم الإيحاء إليهم داخل هذه الرواية بواسطة أسماء مستعارة، ذلك ما نتركه للقارئ الكريم لاكتشافه بنفسه. أؤكد مرة أخرى أنها ليست سيرة ذاتية بمعنى الكلمة وإنما هي مزج بين الواقع والخيال في قالب قصصي. 4. لماذا لم يأت العمل عبارة عن تأريخ لمحطات العمل الإسلامي الحركي في الساحة المغربية خصوصا وأنك خبرت الأمر في عدد من تنظيماته و المعطيات التي تمتلكها تغيب عن آخرين كتبوا عن العمل الاسلامي الحركي في المغرب من خارج الانتماء؟ بالفعل انتميت في بداية عملي الإسلامي إلى عالم "الإخوان"، أولا التحقت ب"رابطة المستقبل الإسلامي"، التي كان يقودها "أحمد الريسوني" ثم انضممت إلى "حركة التوحيد والإصلاح" بعدما اندمجت مع جماعة "بنكيران" ثم عملت في جريدة "التجديد" والتقيت فيها مع أغلب قادة الحركة. وكانت لنا تجربة حافلة في هذه الجريدة يمكن أن تكون مثلا موضوع كتاب توثيقي كما ذكرت في سؤالك. لكني أؤكد لكم أني لم أكن أبدا قياديا داخل هذا التنظيم، ولم تكن لي أبدا طموحات من هذا النوع. دخلت إلى الحركة أبحث عن أجوبة لمعاناة فكرية كنت أعيشها منذ الصغر، لكني دخلت إلى المكان الخطأ. وعندما اكتشفت ذلك انسحبت بهدوء. والرواية تعبر عن جزء كبير من تلك المعاناة التي عشتها منذ الصغر.. 5. ما حقيقة تدخل أحد وزراء حزب العدالة والتنمية وأحد المقربين منه لدى شركة التوزيع لمنع توزيع الكتاب بعدما أمضيت العقد ووثقته منذ بداية شهر غشت الماضي والذي يقضي بإلتزام الشركة بالتوزيع؟ أنا مثلك أتساءل عن حقيقة هذا الخبر الذي اطلعت عليه في أحد المواقع الإلكترونية التي تعني بالأخبار. تفاجأت كثيرا عندما علمت من الموقع أن "مصطفى الرميد"، وزير العدل والحريات، تدخل شخصيا لدى شركة التوزيع "الوسيط" لمنعها من توزيع روايتي. تفاجأت لأني أعرف المحامي الرميد شخصيا وسبق له أن تعاون معي سواء عندما اشتغلت في "التجديد" أو عندما عملت مراسلا ل"الجزيرة نت" في وقت من الأوقات. هل تغير هذا الشخص عندما أصبح وزيرا؟ لا يمكن أن أصرح بأي شيء بهذا الخصوص لأني لم ألتق به عندما تقلد مسؤولية وزارة العدل والحريات. اليقين عندي هو أن شركة الوسيط قبلت توزيع روايتي بداية شهر غشت الماضي وسلمتني عقدة لتوثيقها لدى المقاطعة. الأكثر من هذا أني أقنعت صديقا عزيزا لي هو المهندس "أحمد راشيد" بتوزيع كتابه لدى "الوسيط" وقد وثق أيضا عقدة التوزيع لديها والكتاب صدر تحت عنوان (القرآن الكريم ودماغ الإنسان: البحث عن العبقرية في التدبير). ولا أدري من المقصود بالمنع؟ لأن هذا الكتاب أيضا له أهمية بالغة في نظري. عندما وصل موعد تسليم روايتي وكتاب صديقي للشركة اعتذرت لي وقالت إنها لم تعد توزع الكتب بصفة نهائية. أتساءل مثلكم أين هي الحقيقة؟