سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أحمد الريسوني رئيس حركة التوحيد والإصلاح الإسلامية المغربية لمراسلة "قدس برس" : مستقبل للتشيع في المغرب السني، وانتشار التصوف بين الشباب خير من انتشار الفسق والفجور
أجرت وكالة الأنباء قدس بريس حوار طويل مع الدكتور احمد الريسوني وفيما يلي نص الحوار س: خلال افتتاح الجمع العام الوطني لحركة التوحيد والإصلاح, تحدثتم في الكلمة الافتتاحية عن مفاهيم وقضايا ترتبط في الخطاب الحركي بجماعة العدل والإحسان, وأشرتم فيما يشبه التوجيه إلى أن المجتمع الراشد قبل الخلافة الراشدة التي تنادي بها الجماعة, مما .... للمتتبعين أنكم توجهون خطابا أو ردا للعدل والإحسان, في أي سياق يأتي هذا الرد؟ ج: كلامي عام, ويدخل في سياق تصحيح مجموعة من المفاهيم توجد داخل حركتنا, وأجدها عند أقرب الناس إلى, كما أجدها عند جماعة العدل والإحسان وعند جماعات إسلامية أخرى, فصحيح قد ينطبق الخطاب أكثر عند جماعة العدل والإحسان, لكنها لا تستثنينا فنحن نخوض منذ تأسيس حركة التوحيد والإصلاح سنة 1996, معركة يومية لتصحيح مجموعة من المفاهيم وإعادة بنائها, وكثير من هذه المفاهيم وفد إلينا من الأدبيات الحركية المشرقية العربية وغير العربية, ولذلك نعتبر أنفسنا حركة تؤسس عملها بكل تحرر واستقلالية, ومما يدل على أن هذا الخطاب غير موجه لجماعة العدل والإحسان على وجه الخصوص، أنى اردده حتى في اللقاءات الداخلية الخاصة بالحركة. س: يلاحظ المتتبعون أن علاقة حركتم تحسنت بجماعة العدل والإحسان بعد الوحدة بين الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي, فهل هناك تنسيق وتواصل بين أهم مكوني المشهد الإسلامي المغربي؟ ج: العلاقة مع العدل والإحسان دائما كانت حسنة, ما ككان يشوبها الاحتكاكات الجامعية بين الطلبة الذين يقعون في مواجهات ومزايدات سيرا على دأب سلفهم غير الصالح, اليسار الذي كانت أساليبه وخطابات في معالجة الخلافات تحكمها العقلية الإقصائية, وهذه أمور ورثها الإسلاميون عن اليسار, لكن خارج نطاق الجامعة نادرا ما كان يقع احتكاك لفظي, وحتى إن وقع يبقى في الحدود المعقولة والضرورية ما دمنا مختلفين, وقد تبادلنا نقاشات على المنابر الإعلامية في هذا الصدد. س: لكن لو عدنا إلى التاريخ لوجدنا أنه كان هناك احتكاك حاد بين الحرة وبين جماعة العدل والإحسان, بسبب المواقف المبكرة للحركة من المشاركة السياسية ومن نظام الحكم بالمغرب, مما دفع الجماعة إلى اتهامها علنا بتهم قاسية وصلت حد الاتهام بالعمالة للنظام المغربي على حساب المشروع الإسلامي وهذا كان يحدث خارج الجامعة ومن خارج الدائرة السياسية؟ ج: هذا يقتضي أن نفرق بين حركة التوحيد والإصلاح وما قبلها, حيث يجب أن نفرق بين حركة الإصلاح والتجديد, وحركة التوحيد والإصلاح... س: هذا لا ينفي أن الحركة الحالية هي امتداد للمشروع الذي كانت تحمله الحركة السابقة؟ ج: هذا صحيح, ولكن بعد الوحدة حصلت تغيرات عميقة على مستوى ضبط الإيقاع, ولا يمكن أن تكون الحركة الحالية استمرار للإصلاح والتجديد, أو لرابطة المستقبل الإسلامي بل هي خطوة متطورة عنهما معا, ومن جهة أخرى فالانتقادات الشديدة التي كانت تصدر عن العدل والإحسان إلى حدود بداية التسعينات ترجع إلى أمر لابد أن ننتبه إليه وهو أن الخطوات التي اتخذتها الإصلاح والتجديد كانت جديدة أحيانا كانت سريعة ولذلك كانت محفوفة بتخوفات حقيقية من أطراف أخرى في صف الحركة الإسلامية بلكن بعد زمن تبين أن هذا التوجه متزن ومنضبط وليس مجرد انجرار أو احتواء فأعيدت الحسابات وخفت لهجة النقد. س: هل تجمعكم لقاءات على مستوى قيادات العدل والإحسان؟ ج: نلتقي للتنسيق في إطار مجموعة من التنظيمات الإسلامية الأخرى ونصدر بيانات ومسيرات مشتركة للتعبير عن مواقفنا خصوصا من القضايا الكبرى التي تهم الأمة الإسلامية, لكن ليست لنا لقاءات ثنائية مع العدل والإحسان. س: تحدثم عن الوحدة التي لازالت تفرض نفسها في النقاش داخل الصف إسلامي, وهناك خطابان يتناولانها إلا أنهما يسيران بشكل متوازي ولا يلتقيان, خطاب رسمي يشيد بها ويعتبرها ناجحة, وطاب غير رسمي تعبر عنه القواعد على الخصوص يعتبر توحيد حركتين إسلاميتين في ظروف معينة خطأ عطل مسار الحركة الإسلامية المغربية, فهل هناك نقد ذاتي داخلي لمسار الوحدة بعد هذه السنوات؟ ج: أما فيما يخص الخطاب الثاني, فلم أسمع به أبدا... س: لا يمكن ذلك, خصوصا أننا نعلم أ، الوحدة أثارت صدى داخليا, وهناك قطاعات مع المكونات التي تم توحيدها انسحبت احتجاجا على هذه الخطوة, ومؤخرا وصل الصدى الى الصحافة, حيث قرأنا مقالات موقعة ربما بأسماء مستعارة لكنها تعود لأشخاص من داخل التنظيم ينتقدون الوحدة ويعتبرونها خطأ ما كان يجب أن يحدث... ج: يجب أن نعطي للأمور حجمها الحقيقي, والذين انتقدوا وحدة مجموعة المكونات الإسلامية لم يغادروها, كانت هناك ردود فعل رفضت الوثيرة والإجراءات التي تمت بها العملية وانتقدوا هيمنة التوجه السياسي خاصة أنها تزامنت مع إعادة هيكلة المغرب, أما المقالات المشار إليها فأقول أن ما يكتب إذا كتب بأسماء مستعارة فهو يفقد قيمته. س: ماذا قدمت هذه الحركة الجديدة التي يعتبرها غيرنا نموذجية في توجهاتها وتنظيمها ومواقفها ودرجة فعاليتها داخل المجتمع, كما تحسنت العلاقات بين بقية الأطراف الإسلامية بحكم المنهج التوحيدي, كما أحدثنا اختراقا نوعيا في العالم العربي, حيث أننا استفدنا من تجارب سابقة لكننا تجاوزناها كما وكيفا, فمثلا تجربتنا الإعلامية هي الأولى من نوعها في تاريخ الحركات الإسلامية, حيث أصدرنا جريدة يومية وهذه بعض واجهات التطور الحركي. س: الجمع الوطني الأخير لحركتكم يعتبر محطة نوعية في تاريخ الحركة الإسلامية المغربية, فهي أول مرة تعقد حركة إسلامية جمعها العام في أماكن رسمية وبشكل رسمي وتفتتح أشغاله في قاعة عمومية بتزكية من السلطات في الوقت الذي تعيش فيه حركات إسلامية أخرى حضرا قانونيا, ما سر هذه المفارقة؟ لماذا تنعمون بالاعتراف القانوني الذي يحرم منه غيركم؟ ج: هذه "النعمة" عملنا لأجلها زمنا طويلا, فقد بادرت حركة الإصلاح والتجديد وقبلها الجماعة الإسلامية بوضع ملفاتها القانونية ومتابعتها بشكل مستمر, ورابطة المستقبل الإسلامي وما قبلها وضعنا ملفاتنا كذلك وعملنا بصفة قانونية من خلال جمعيات مثل جمعية "الدعوة" بفاس, و"الجمعية الإسلامية" بالقصر الكبير, وجمعية" الشروق" بالرباط, فهناك إصرار على الاعتراف القانوني وكل من أطال الوقوف بباب فتح له, ومن جهة أخرى لم نعد نكتفي بوضع الملفات بإصرار وبشكل متكرر بل فتحنا حوارات مع المسؤولين وبقي الحوار مستمرا في كل المناسبات, فالاعتراف جاء قطرة قطرة خلال عشرين سنة, لكن الإخوة في جماعة العدل والإحسان زهدوا في هذه المسألة, تقدموا بملف, وأعطي لهم الوصل ثم سحب منهم وبقي التصعيد سيد الموقف ولم يهتموا بالاعتراف القانوني, فما مواقفنا من السلطة محرجة لهم, فنحن نؤيد بيعة الملك, فنلقي الدروس أمامه فبأي منطق يمنعون عنا الاعتراف القانوني بعد ذلك؟ س: أية علاقة بين حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية الإسلامي؟ ج: في الفق المنظور, علاقتنا يمكن تسميتها بالتحالف الاستراتيجي, على خدمة هذا البلد من منطلقات إسلامية, والعمل على الإصلاح من نفس المنطلقات, فالحزب مستقل تماما وهذه خصوصيات هذه التجربة حيث أن حركات إسلامية أخرى أنشأت أحزابا واعتبرتها فروعا تابعة لها عكس ما هو عندنا... س: في لقاء سابق صرحتم بأن الحزب واجهة سياسية للحركة, فهل هذا الموقف الجديد تطور في مسار التجربة؟ ج: الحزب إطار للعمل السياسي لأعضاء حركة التوحيد والإصلاح, وليس واجهة, فحركتنا تعتبر قناتها وجسرها إلى السياسة هو الحزب وهذا لا يتعارض مع كونه مستقلا عنها، كما أن عمنا داخل الحركة له أبعاد سياسية بمعنى أعمق وأوسع من مجرد تدبير الشأن العام. س: أين يتموقع السياسي في إطار ترتيب أولويات حركتم، كحركة إسلامية؟ ج: نحن داخل الحركة أولوياتنا هي الدعوة والتربية والتكوين في صفوف المجتمع وفي المؤسسات الرسمية، والعمل السياسي ليس على رأس أولوياتنا، ونحن نقاوم عن وعي حتى في اجتماع هيآتنا هيمنة الشأن السياسي ونحاول تقليل الخير الذي يعطى له. س: السياسي قد يحيل على الإعلامي، فلديكم مفارقة مثيرة، فالحزب الذي يحتاج إلى منبر إعلامي يومي يصدر أسبوعية، بينما تصدر الحركة جريدة يومية يحضر فيها الشأن السياسي بشكل كبير بماذا تفسرون هذه المفارقة؟ ج: هذا يؤكد أنه لكل من الحركة والحزب مسار مستقل, فالحركة اقدم من الحزب لهذا نضجت هذه الخطوة لدينا ولم تنضج بعد داخل الحزب. س: الحديث عن هذه المنابر يجرنا للحديث عن الإعلام الإسلامي، فإذا تصفحنا الساحة الإعلامية المغربية لا نكاد نجد حضورا قويا للإعلام الإسلامي الملتزم، ما رأيكم في هذا الواقع الإعلامي؟ ج: ليس هناك إعلام إسلامي بالمغرب وجريدتنا إذا وضعت ضمن لائحة ما هو موجود فهي لن تمثل اكثر من 1%، مع ضعف أدائها، لكن هذه الصورة القاتمة لا تثنينا عن التقدم المحاولة، لأننا نشعر بالإثم ونتساءل: هل نحن عاجزون الى هذه الدرجة؟ فنحن نملك ما يملكه غيرنا، لذا نحاول السير إلى الأمام في خطوة ستتلوها خطوات... س: ما هي المعوقات الحقيقية أمام أي مشروع إعلامي ملتزم بقضايا الأمة الحقيقية؟ ج: الإعلام هو استثمار مالي، يحتاج إلى رأسمال كبير والى مدد مستمر، وهذا ما نفقده ولكن ذلك لا يعني أننا نستطيع التضحية والمقاومة والاستثمار. س: بعد وزير الأوقاف السابق، عين الملك أحمد توفيق وهو شخصية إسلامية لها انتماء صوفي، كما أنه ألقى درسا أمام العاهل المغربي حث فيه على إعادة الاعتبار للتصوف، مما فتح نقاشا أكد فيه البعض أن النظام المغربي حاول من خلال هذه الخطوة سحب البساط من تحت الحركة الإسلامية وفتح مجال آخر للاستقطاب الإسلامي، ما رأيك في هذه الآراء؟ ج: هذه مجرد تخمينات مبالغ فيها، فقد كان لابد من وزير أوقاف جديد، لأن الوزير السابق قضى على رأس الوزارة عشرين سنة، فصار من الطبيعي مع الملك الجديد والحكومة الجديدة تجديد وجه وزير الأوقاف، والأمر الثاني أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق رجل مثير للجدل، لم يكن من الوزراء الذين يسيرون أمورهم بأي وجه كان، بل له مواقف أثارت عليه خصوما من داخل مختلف الأوساط، صرح بعضهم أن ذهابه شرط للاستمرار في المشاركة السياسية، وهذه الضغوط أتت أكلها، وأظن أن النظام لم يفكر في وزير جديد من نوع خاص، فكانت هناك أسماء مرشحة اختير منها أحمد التوفيق دون تفكير مسبق في توجهه... س: يعني أن هذه القراءات لا معنى لها حسب رأيكم؟ ج: إنها مجرد تخمينات صحفية س: كانت لديكم علاقات إيجابية مع الوزير السابق، هل جمعتكم لقاءات مباشرة مع وزير الأوقاف الإسلامية الحالي؟ ج: لا لم يحدث ذلك لحد الآن. س: ما موقفكم من التصوف كظاهرة بدأت تفرض نفسها في أوساط المثقفين المغاربة كواجهة أخرى لاستقطاب الشباب المتدين؟ ج: ليس لنا في حركة التوحيد والإصلاح موقف من التصوف، لذا سأتحدث بشكل شخصي، وفي رأيي قضايا المجتمع تحتاج إلى جميع الجهود ويجب أن يلتقي حولها الجميع ولا فرق في ذلك بين سلفي وصوفي، وبين رسمي وشعبي، والاختلافات لها مجالها، وأرى أن التصوف التي لنا عليها مؤاخذات في النهاية هي خير من الفسق والفجور والانحلال والإباحية، وانبعاث التصوف لا يزعجنا. س: بدأ الحديث في الصحافة عن الشيعة المغاربة، فهل يوجد في المغرب شيعة حسب رأيكم؟ ج: نعم هناك شباب مغاربة مسلمين أصبحوا شيعة وانتظموا في مجموعات في مختلف المدن المغربية، وقد يكونون بالمئات... س: هل وجود مجموعات شيعية في المغرب يمكن أن يقلق، وقد يهدد واقع معين قائم على الإجماع؟ ج: هذا لا يهدد، لأني لا أعتقد أنه لا مستقبل للتشيع في المغرب الذي لن يكون فيه شيء سوى السنة، أن توجد مجموعات شاذة عن المنهج السني وتتوسع إلى أن ينقلب المجتمع المغربي الى التشيع فهذا لن يحدث، فالمغرب عرف كل الطوائف وافرق ولكن لم يستقر فيه سوى المنهج السني، وفي ظل الانفتاح الذي نعيشه سيكون من الغريب أن يوجد بيننا مسيحيون وشيوعيون وإباحيون ولا يوجد الشيعة، لكن سيظلون فئة محدودة جدا ولي لها تأثير كبير في المجتمع. حاورته: مريم التيجي