قالت مصادر خليجية إن الوفد الوزاري السعودي رفيع المستوى حمل معه أمس في زيارته إلى الدوحة ما يشبه الرسالة الأخيرة للمسؤولين القطريين بتنفيذ ما سبق أن تعهد به أمير قطر الشيخ تميم بن حمد في اتفاق الرياض. وضم الوفد، الذي ذهب إلى الدوحة بتكليف شخصي من الملك عبدالله، كلا من وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير خالد بن بندر، ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، ومن المنتظر أن يؤدي الوفد بعد ذلك زيارة إلى الإمارات والبحرين. وتأتي هذه الزيارة بعد تسلم وزراء خارجية دول مجلس التعاون تقريرا عن نتيجة المهلة التي تم منحها لقطر لمراجعة موقفها من التدخل في شؤون جيرانها، وكذلك دعم جماعة الإخوان والتحريض على مصر في وسائل إعلامها وخاصة "قناة الجزيرة". وكشفت المصادر ل"العرب اللندنية"، أن الوفد أعلم القيادة القطرية أن هذه الزيارة تمهد لقطر الفرصة الأخيرة كي تعود إلى السرب الخليجي والعمل على تطوير التعاون بين دول مجلس التعاون مع ما يستتبع الموقفين من قرارات ونتائج، لافتة إلى أن اللقاء تم في أجواء من الصراحة والمناصحة في سعي من القيادة السعودية لإعادة قطر إلى الصف الخليجي رغم أن الدوحة لم تؤشر على تغير إيجابي في مواقفها. ولاحظ مراقبون خليجيون استخدام وكالة الأنباء السعودية لكلمة أخوية في وصفها للزيارة ما يعني عدم رغبة السعوديين في إظهار الزيارة على أنها غاضبة وأن هدفها الوصول إلى حل ينهي حالة التأجيل المستمرة التي يعمد إليها القطريون في التعاطي مع المطالب الخليجية. وقال المراقبون إن نوعية الوفد تحمل مؤشرات مهمة وهي الرغبة في توجيه رسالة للقطريين ولغيرهم مفادها أن اللعب على الأجنحة لن ينفع وأن الموقف السعودي موحد تجاه الملفات مثار الخلاف بين الرياضوالدوحة. وكانت السعودية والإمارات والبحرين استدعت في 5 مارس الماضي سفراءها في الدوحة، في سابقة أولى من نوعها، احتجاجا على ما وصفته ب"تدخل قطر في شؤونها". وتشير مصادر خليجية ل"العرب"، إلى أن الأمير متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني ونجل الملك عبد الله قد قام بمحاولات لتقريب وجهات النظر، ولكن لم يحدث اختراق على مستوى العلاقات الخليجية حسب المصادر ذاتها . وذكر المراقبون أنه وحتى وقت قريب حاولت السلطات السعودية ضبط نفسها وإعلامها عن التعرض لقطر وصدرت تعليمات تتبنى النوايا الحسنة والتفاؤل بتحسن العلاقات، لكن الدوحة قابلت تلك الجهود بالرفض بل وعينت في قناة "الجزيرة" شخصا عرف عنه عداؤه للسعودية، كما سلطت كتابا ومحللين تابعين لها للهجوم على السعودية ما أثار غضب الرأى العام السعودي الذي انتظر من حكومته تحركا يواجه ذلك لكن الرياض تعاملت مع الوضع بروح الشقيق الأكبر. وتجدر الإشارة الى أن دوائر مقربة من أمير قطر طمأنت دوائر مقربة منها حول انتهاء الأزمة بعد زيارته لجدة قبل أسابيع، لكن المخاوف زادت أمس بعد رؤية حجم ونوعية الوفد السعودي الزائر مما أشاع حالة من عدم الاطمئنان داخل الدوحة. وتؤاخذ الدول الخليجية قطر على غموض مواقفها تجاه اتفاق الرياض، إذ ترسل أحيانا إشارات جدية حول نيتها في تنفيذه داعمة بذلك تعهدات الأمير تميم، لكن عند التنفيذ تختفي تلك الإشارات، ما يفسر وجود لوبي قوي من الحرس القديم يحول دون تنفيذ أوامر الأمير ما يعني أن لا مفر أمامه من مواجهة هذا اللوبي. وتشترط السعودية والإمارات والبحرين أن تبادر قطر إلى تطبيق اتفاق الرياض الذي أمضى عليه الأمير تميم نهاية العام الماضي، وذلك لإعادة السفراء إلى الدوحة. ويقضي اتفاق الرياض ب"الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول مجلس التعاون بشكل مباشر أو غير مباشر". وينص الاتفاق كذلك على "عدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي".