غَرِيبٌ عَلَى سَطْحِ المَدِينَةِ.. بقلم // محمد الشوفاني

أمَّاهُ مَا حَلَّ بِالنّورِ
مَالِي لاَ أرَاهْ
حَفْنَةُ قُرُونٍ تَحْجِزُ عَقْلِي،
هَائِماً بَيْنَ فَيَافِي الصَّمْتِ
أرْتَدُّ إلَى دَاخِلِي
هَامِدَ الإحْسَاسْ
لاَ مِنْ أنِيسِ وَلاَ مِنْ سَمِيعٍ،
وَلاَ مِنْ طَيْرٍ يَطِيرْ،
أقْصَى أمْنِيّاتِي
ألاَّ يَجْتَرَّنِي في عزلتي
حُزْنُ المَسَاءْ.
المَوْتُ مُتَحَفّزٌ
أشْبَاحُ الوُحُوشِ حَوْلِي تَسِيرْ
تَتَرَقّبُ انْكِسَارِي
هَلْ يُنْقِذُ غَرِيباً تَمَائِمُ وَدُعَاءْ.
لاَ أمْلِكُ إلاّ أنْ تُجَرْجِرَنِي أقْدَامِي
أجَوبُ بِقَاعاً مُمْتَدّةً
يَلْفَظُنِي التّنّينُ مُضْغَةً
يَلْقَفُهَا فَكّا أفْعُوَانْ.
يَتَبَاهَى النّفَاقُ زَيْفاً :
زَمَانُنَا مِنَ الذّهَبِ أغْلَى.
وَعَلَى جِبَاهِهِ وَشْمٌ
ألْفُ كَلاّ وَكَلاّ.
زَمَانُنَا عَنَاقِيدُ خُرَافَاتٍ
وَمَسْرَحِيّاتٌ هَرِمَتْ شُخُوصُهَا
لَيْسَ إلاّ.
يَا أمّاهْ
مَا حَلَّ بِالنّورِ فِي سَمَائِي
مَالِي لاَ أرَاهْ
يَقْتَحِمُ بِسِرِّهِ البَابْ،
يُدْفِئُ عَزَائِمِي وَقُوَايَ،
يَدْعَمُ خَطَوَاتِي المُتَرَجْرِجَةْ.
حَلَّ الشّتَاءُ، سَبْعُونَ وَلّتْ،
رُوحِي رَاجِفَةٌ فِي العَرَاءْ
مِنَ البَرْدِ وَسَوْطِ الصَّقِيعْ،
ذَلِكَ الغَائِبُ مَتَى أرَاهْ.
إحْتَمَلْتُ دَهْراً فِي عُزْلَتِي
أرَاقِبُ مَا يَضْطَرِبُ
دُونَ لَوْنٍ أوْ طَعْمٍ أوْ مَقَالْ
شَاهَدْتُ زَوَايَا الرُّؤيَةِ تَمِيلْ
يثقلُهَا الجَشَعُ وَالغُرُورْ
وَيَصِيرُ كُلُّ تَرْكِيبٍ لِلسّيَادَةِ
مُحَالْ
مَتَى غَشّوا فِي جَلاَلِ الإنْفِعَالْ.
محمد الشوفاني
من المجموعية الشعرية
نبض نهر ينساب...قيد الطبع.