في محاولة البحث وتتبع الحدث الهام في الرياضة الوطنية المتجلّى في الإعلان عن تمويل برنامج هيكلة البنية التحتية لكرة القدم المغربية بشراكة 4 مؤسسات حكومية وازنة في مقدمتها وزارة الداخلية والمالية والتجهيز والشبيبة والرياضة هذا التمويل خصص مبلغا ماليا قدره 1.5 مليار درهم لتجهيز90 ملعبا للهواة بالعشب الاصطناعي وخلق 11 مركزا للتكوين و4 أكاديميات جهوية. يمكن أن نلمس عدة عوامل تفسر هيمنة كرة القدم وهي هيمنة لا تفسير لها باعتبارها جزءا من منظومة الرياضات الأولمبية بشكل عام ، لكن الآن كما تبلور يظهر أن هذا التصور ملتزم بدفع كرة القدم باسم مكونات سياسية ومن تصور معيّن ويمكن القول إن البنية التحتية تمثل الإطار الصحيح والمناسب والضروري لأية استمرارية ونهضة كاملة لكن من المفروض أن تشمل أهم الرياضات الأولمبية الشعبية لأنها هي الأخرى تصرخ وتطالب بحق الاهتمام وليس بالنتيجة فقط ،ونستحضر هنا ما حصل في الأسبوع الماضي بمجلس المستشارين حيث طالب نواب الفريق الاستقلالي نواب الخميسات وتيفلت وباقي المنطقة في عرض الأسئلة الشفوية وزير الشبيبة والرياضة بتقديم مشروع بناء مسبح وملعب وحلبات رياضية محروم منها مواطنو وسكان هذه المنطقة .ولم يكن وزير الشبيبة والرياضة صادقا مع ممثلي الشعب بل استعمل لغة الوعود الغامضة ، لم يوضح أنه لا يتوفر على ميزانية البناء وأن المالية والتجهيز هما المسؤولان وأن ميزانية الدولة لوزارته لا تنفعه حتى لإصلاح معهد مولاي رشيد الذي ينخرب ،وليس بغريب عنا صدقية الوزير لقد تعوّدنا منه خرجات وفلتات إعلامية بطريقته الخاصة فهو الذي قال إن إنجازات عويطة ، نوال المتوكل ، والكروج والأبطال الآخرين جاءت من عطاء الحظ والطبيعة ،هكذا إذن حطم تألق المغرب لسنوات طويلة على المستوى العالمي، السيد الوزير هو الذي قال : الآن الرياضة المغربية وكرة القدم تعرف الانطلاقة الصحيحة ،ونسي أو تجاهل أن وزراء وشخصيات مسؤولة (جطو ، بنسليمان ،عباس الفاسي،)سبق وأن قاموا بمخططات وبرامج مهمة جدا تشمل الرياضات الأولمبية والبنية التحتية وإلا من جاء بالمركبات الحالية الآن ؟ لا يسعنا ونحن نثير هذا إلا أن نعبّر صادقين على أنه من الواجب التوضيح للرأي العام أن 1.5 مليار درهم التي خصصت لكرة القدم هي من تمويل الجماعات المحلية والقروية والولايات ، جميعها ستساهم في تمويل هذا المشروع وطبعا جميع هذه المؤسسات تستمد ميزانيتها بجزء من وزارة المالية وجزء آخر من مداخيل الضرائب سواء المباشرة أو غير المباشرة التي يؤديها المواطن : الموظف ، العامل ، التاجر،الفلاح،والمستهلك، هذه المؤسسات كذلك تساهم في توفير منحة للجمعيات والأندية الرياضية والأكثر من هذا بل الأهم أننا نعلم أن البطولة الاحترافية لها مداخبل متنوعة من الإشهار والنقل التلفزي ، ومع ذلك هناك تساهل وغموض كبير في الاستفادة من الإعفاء والتحايل الضريبي الخاص بما يسمى المشغل أو ربّ العمل . اليوم أمام هذا الموضوع الخاص برصد 1.5 مليار درهم لا ندعي أننا نضع علامة حمراء ضد هذا المشروع ، بل نطالب بالشفافية في نشر العروض العامة أمام المقاولة المتوسطة والصغرى المغربية لبناء وإنجاز هذا المشروع والعمل بالشفافية في اختيار طلبات الترشيح ودفتر التحملات ، وتفادي تفويت المشروع بمعايير الزبونية والتزكية من مراكز النفوذ والسلطة ، حتى لا يحصل ما نعيشه حاليا باكتشاف عدم صلاحية العشب الاصطناعي للعديد من الملاعب حيث تأكد أنه من الدرجة الثانية وليس الأولى كما هو في دفتر التحملات ، ومع ذلك لم تتم محاسبة الشركة القائمة بالأعمال والأكيد بل المؤكد أن هذه الشركة ستأخذ نصيبها من المشروع الجديد ، لذا نعود لنطالب بأن تكون العروض ملتزمة بالشفافية تفاديا للتلاعب بالمال العام ، وهذا يعبّر رغبة الانتقال إلى العمل الوطني النزيه والمسؤول الذي يخلصنا من هيمنة الأسلوب التقليدي . وإذا كان رئيس الحكومة قد سبق وأن طالب بمذكرة وزارية إلى مراقبة كل صفقات المشاريع ، فندعوه أن يعمل شخصيا على رئاسة هذه اللجنة والإشراف على متابعة عملية المنافسة في طلبات الترشيح ودفتر التحملات حتى يتحمل كل مسؤولياته التاريخية في إدارة وتدبير المال العام.