دخل وزير المالية الجديد محمد بوسعيد في حالة ارتباك اثر مفاجأته بتصويت مباغت في لجنة المالية المنعقدة الاربعاء الماضي في سياق اجتماع بشأن القانون التنظيمي للمالية. ولم يكن يتوقع محمد بوسعيد الذي واجه اول امتحان في سياق تنزيل القانون التنظيمي الذي طالبت به فرق البرلمان منذ فترة، لم يكن يتوقع ان تساهم الصناديق السوداء التي تشتهر بحسابات الخزينة في رص صفوف الاغلبية والمعارضة والتصويت بالاجماع لفائدة تعديل يقضي باخضاع مخصصات الصناديق للمراقبة البرلمانية. حالة الارتباك فضحتها ردة الفعل السريعة وغير المفهومة لوزير الاقتصاد والمالية التجمعي الذي سارع الى وقف الجلسة والانسحاب لاجراء مكالمات هاتفية خاطفة في محاولة لفهم ماجرى ولم يكن في حسبانه، معلنا قبل ذلك تحفظه على اعتبار ان الامر يتعلق بحسابات مؤقتة وأن الحكومة التزمت بعرض تفاصيلها ابتداء من القانون المالي للسنة المقبلة، هذا في الوقت الذي ظل فيه وزير الميزانية ادريس الازمي هادئا وبدا مطلعا على مجريات التصويت لفائدة مقترح اصلاح الصناديق الخصوصية واخراجها من دوائر الظل لادراجها ضمن اليات المراقبة والفحص والمتابعة. يذكر ان هذا الاصلاح الذي حظي بالاجماع من خلال التصويت كان محط تشريح دقيق للفريق الاستقلالي خلال مناقشة ميزانية 2014 الذي طالب باخضاع جميع موارد المالية العمومية للمراقبة البرلمانية، وهو ما يشمل الصناديق الخصوصية للخزينة، أي تلك التي يشرف عليها الخازن العام للمملكة وتصل 70 حسابا ولا تعرف الحكومة ولا البرلمان أيا من تفاصيلها، وقيمة اعتماداتها وكيفية صرفها. وتتبع هذه الخطوة مبادرة مجلس النواب احداث لجنة دائمة تاسعة تتولى مراقبة المالية العامة. جدير بالذكر ان هذا التوجه دعمه الوزير الأسبق في المالية نزار بركة خلال مناقشة مشروع قانون المالية 2013 أمام نفس اللجنة من خلال المادة 18 مكرر. وتاتي هذه الخطوة حسب عدد من اعضاء لجنة المالية ضمانا للمزيد من الشفافية في المالية العامة وتخليق الإدارة خاصة على مستوى هذه الصناديق التي تضم ملايير الدراهم وتتوزع بين رئاسة الحكومة والداخلية والدفاع الوطني والمالية التي تدبر حوالي 32 حسابا من مجموع الحسابات الخصوصية. وتهيمن ستة حسابات مرصدة لأمور خصوصية هي «صندوق دعم أسعار بعض المواد الغذائية» و"الصندوق الخاص باستبدال أملاك الدولة" و"صندوق دعم التماسك الاجتماعي" و"صندوق تضامن مؤسسات التأمين" و"مرصدات المصالح المالية" و"صندوق تدبير المخاطر المتعلقة باقتراضات الغير المضمونة من طرف الدولة" بحيث تمثل حوالي 85 في المائة من المبلغ الإجمالي للنفقات.