سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العرض السياسي للأخ الأمين العام لحزب الاستقلال في دورة المجلس الوطني: الاستقرار السياسي لا يمكن تحقيقه بالقمع والغطرسة وتجاهل حاجات المواطنين وتطلعاتهم المشروعة
يسرنا غاية السرور أن نجدد اللقاء بإخواننا أعضاء المجلس الوطني،صفوة المناضلين الاستقلاليين،ويطيب لنا أن نطلعكم على أهم الأحداث،وأن نخبركم بأهم المنجزات، لقد كانت هذه الفترة فترة ما بين المجلس الوطني السابق ومجلسنا هذا هي الأخرى،فترة انتظار،وفترة جس لنبض الشارع،وفترة إنصات لهموم المواطنين، تجاوبنا فيها مع الإرادة الشعبية المعبر عنها في مختلف المحافل، والتقينا فيها مع شرائح واسعة من المجتمع. كما كانت هذه الفترة،فترة حراك داخل الحزب، وحوار ونقاش بين المناضلين، لتجميع أفكارهم، وتوحيد تصوراتهم. وكانت أيضا فترة متابعة لما يجري في الساحة السياسية، وفترة تقييم مستمر لمسيرة الحزب حيث اتضحت لنا فيها الخلاصات التالية: تأكد لدينا بالملموس وفي الميدان، أن الانسحاب من الحكومة كان حدثا تاريخيا عظيما، وفتحا سياسيا بارزا، ستظهر آثاره وأبعاده لعموم الدارسين والمحللين بطريقة جلية فيما بعد، ولربما اتخذه الباحثون في العلوم السياسية مثالا للاستشهاد به في مسألة اختيار الأحزاب والتفضيل بين الالتزام بالقيم، والوفاء للمبادئ، ورفع التحديات، وبين الانتهازية والرضا بالمناصب، والاستسلام للتعنت والفردانية والتسلط. وهو فتح سيحاول أصحاب العقلية الانتهازية تجاهله أو التنقيص من شانه، ولكن الوقائع تؤكده، والأبحاث تدل عليه. ففي الوقت الذي يستعيد فيه حزب الاستقلال دوره في الحياة السياسية، ويسترجع مكانته الأولى في المشهد السياسي، ويندمج تدريجيا في قضايا المواطنين وهمومهم، فإن العديد من الدارسين والباحثين في التحولات السياسية المغربية، يرصدون تآكل رصيد الثقة في الحكومة،وحالة الموت البطيء الذي تتعرض له مصداقية الأحزاب داخلها، نتيجة انحصار دور هذه الأحزاب، وضعف وظيفتها، وانعدام تأثيرها،وتضخم أعداد وزرائها، وغياب الانسجام بين مكوناتها، بل هناك من أكد أن بعض الوزارات وبعض الوزراء لا مردودية لهم، ولا داعي لانتدابهم ولا لوجودهم نهائيا، باستعمال كل المقاييس، واستخدام كل التقنيات، بل يمكن اعتبار وجودهم معرقلا للعمل الحكومي، مبطئا لسيره، وسلبي النتائج. إن التضخم الحكومي الذي لا داعي له إلا تأثيث الواجهة الديمقراطية، وإرضاء الخواطر، التي لا شأن، ولا حاجة، ولا فائدة، للمواطن المغربي بها، يمكن اعتبار نفقاتها إهدارا صارخا للمال العام، تجب فيه المحاسبة السياسية، وتجوز فيه حتى المحاسبات الأخرى، لو كان وضعنا متقدما في المجال الديمقراطي.لقد سجلت الدراسات والمتابعات أيضا تلك الفوارق المتعاظمة بين تصريحات الأحزاب المشكلة للحكومة وبين ما عليه الحال في الواقع، وأشارت إلى ذلك الشرخ العميق بين تصوراتها المعلنة، وشعاراتها الكبيرة، وبين مواقفها العملية، ونتائجها الهزيلة. فلو استثنينا الأعمال الجليلة التي يقوم بها صاحب الجلالة، واستبعدنا مبادراته السامية في مختلف المجالات، لما بقي للحكومة أي رصيد، بل سيكون رصيدها السلبيات ومراكمة الأخطاء. كالزيادة المهولة في الأسعار، إغراق الدولة في الديون، ارتفاع معدلات البطالة، الارتباك في اتخاذ القرارات. .أيتها المناضلات أيها المناضلون،إن حزب الاستقلال ليس بناية وعنوانا، أو مجموعة من المقرات، أو ضيعة يتوارثها الأبناء، أو عددا من الأفراد بمسؤوليات متفاوتة، بل هو عقيدة، ورسالة، وقيم، ومبادئ، وأخلاق، ومدرسة، ومشروع مجتمعي متميز. صحيح أن حزب الاستقلال قد مر في مسيرته التاريخية بمحطات مختلفة، وأرغمته الظروف السياسية للبلاد على تقديم تنازلات عديدة، وكان مكرها مرارا على القيام باختيارات اعتبرت في وقتها ضرورية، وطرأت على أسلوب اشتغاله تغيرات جذرية، وعرف تطورات مهمة، لكن الأمر الذي بقي ثابتا، لا يتزحزح عنه الاستقلاليون، هو إيمانهم بعقيدتهم، والتزامهم بالقيم التي أسس عليها بنيان الحزب، واحترامهم للمبادئ التي توارثها مناضلوه. فالعقيدة الاستقلالية تؤمن بالإسلام وتحترم النظريات الحديثة وتحاول الموافقة بينهما، وتأخذ من الدين الإسلامي الحنيف وسطيته، واعتداله، وسماحته وانفتاحه، ودعوته الدائمة إلى السلم، والتعايش، والتعارف، وحفظ الحقوق التي كرم الله بها الإنسان. وتأخذ من النظريات اعترافها بالحريات، ودفاعها عن حقوق الإنسان، وثقافة المواطنة، ومبادئ الديمقراطية. وتتميز أيضا هذه العقيدة، بالتمرد على الظلم والاستبداد، بكل أنواعهما ومظاهرهما، وترفض الجمود القاتل، وتتطلع إلى المستقبل المشرق، وترى أن الديمقراطية ليست صورة وشكلا ولكن محتوى ومضمونا، وفعلا وممارسة.وترتكز العقيدة الاستقلالية في جانبها الاقتصادي والاجتماعي أيضا، على نظرية التعادلية، التي تدعو إلى حرية المبادرة، ورفع مستوى المعيشة للمواطنين، والتوزيع العادل للدخل القومي، والفرص المتكافئة لكل المواطنين، وتحرير الفرد من جميع أنواع الاستغلال. إن نظرية التعادلية لم تزدد في عصر العولمة والرأسمالية المتوحشة إلا رسوخا، ولم يزدها عصر انهيار الإيديولوجيات إلا صمودا، لأن التعادلية أسلوب دينامي متحرك، يتفاعل مع كل مستويات التطور، وتتغير نقط ارتكازها بتغير التوازنات. أما المبادئ والقيم والسلوكيات الحميدة، فهي الوسائل الكفيلة بصياغة شخصية المناضل، صياغة تمكنها من الانحياز إلى الخير، ومن التمسك بالحق والعدل، وتحثها على النهوض والبناء والدفع بعجلة التقدم، والعمل على نشر رسالة الحزب وتحقيق أهدافه، والسعي الدؤوب من أجل إشاعة الوعي بين الناس، والاستعداد الدائم لمواجهة التحديات الطارئة. إن ارتكاز الحزب على مجموعة من العقائد والمبادئ والقيم، يحتم عليه أن يجعل من مهامه، القيام بعملية التكوين والتأطير، وبهذا يكون الحزب نفسه عبارة عن مدرسة حقيقية لتخريج المناضلين، ولتوضيح المفاهيم، ولتلقين القيم والمبادئ، وتفعيلها على مستوى الممارسة السياسية في الحكم أو في المعارضة. كما يجب أن يكون للحزب مناهج، ولعل من أهم ما يتميز به الحزب هي منهجية النقد الذاتي، التي هي نوع من النزاهة الفكرية، التي تهدف في الحقيقة إلى التقويم الذاتي، وهو عملية مراجعة لسياسة الحزب، وأساليب عمله، لتدارك نواقصها وثغراتها وإدخال التعديلات الضرورية عليها. ويعتبر هذا السلوك سلوكا إيجابيا حتى على مستوى الأفراد أيتها المناضلات أيها المناضلون، حضرات السادة بفضل تمسك المناضلين والمناضلات بهذه القيم، تسنى للحزب أن يمتلك مناعة أتاحت له أن يصمد لشتى الزوابع، وأن يتجنب الانسياق وراء الشعارات الخادعة، والوقوع في مزالق التاريخ، وأن يتحلى بالضبط في استيعاب بعض المفاهيم، المتداولة من أصحابها على غير علم ولا كتاب منير، ومن ذلك مفهومي الحداثة والاستقرار. الحداثة مفهوم بدأ يأفل نجمه، ويخفت لمعانه، وانتهت ساعته، وبطل مفعوله، لأنه أسيء استعماله وتوظيفه، أصبح لفظا من ألفاظ التضليل، ومصطلحا من مصطلحات المكر والخداع، ومثار شبهة عند مستعمليه. في الغرب أيضا نبذوا هذا المفهوم وتركوه، وبدؤوا يتحدثون على ما بعد الحداثة، أو على نقد الحداثة، نظرا لما أحدثته الحداثة من كوارث وما تسببت فيه من معضلات، لا زالت تعاني منها الإنسانية، والعالم تحت أنظاركم فانظروا إلى الأحداث والأخبار. وإذا كان لابد من ذكر الحداثة، فهي في مفهومنا، هي الحداثة التي خرجت من رحاب القرويين، انفتاح واع وحكيم، على كل نافع تقتضيه حتمية التطور، وتستوجبه مجاراة الركب الحضاري، نحو استشراف آفاق المستقبل. الحداثة تعايش سلمي وتعاون مثمر، بين الأديان والثقافات والحضارات وكل الأجناس، كما أسس لذلك علماؤنا الأوائل، وأجيالنا المتنورة. الحداثة انخراط في قافلة التقدم مع المحافظة على المقومات الشخصية، وإخلاص للقيم الدينية والوطنية والحضارية، التي تتكون منها ثوابت الأمة. الحداثة هي حسن الجمع، بين الجديد النافع، والقديم النافع، في تناسق وتكامل وتفاعل. وبذلك فهي معادلة صعبة لا يستطيع حلها إلا الأفذاذ من الرجال، من أمثال علال الفاسي. الحداثة فعل إبداعي، وسلوك عبقري، يخط للشعب سياسة مستمدة من حقائقه وشخصيته، مرتكزة على مقوماته، وملبية لاحتياجاته. وليست الحداثة كما يفهمها، وينادي بها، ويطبقها البعض، تنسك وتعبد في محراب الرذائل، وتحرر مطلق يؤدي إلى فقدان الشخصية، وتقليد أعمى ومذل للآخر، يؤدي إلى الانسلاخ من الهوية، وانبهار ساذج وسخيف بنماذج هشة، يؤدي إلى الانحلال الأخلاقي، الانحراف السلوكي، وإلى انهيار الأمة والمجتمع. أما مفهوم الاستقرار كما تداولته ألسنة بعض السياسيين، سامحهم الله، فيجب أن يكون الإنسان عديم الحياء، قليل المروءة، مفرط الغرور، جهول اللسان، لا يحترم ذكاء الشعب المغربي، لكي يدعي أنه صانع الاستقرار الذي ينعم به هذا البلد الأمين، أو يعتقد أنه صاحب الطمأنينة التي ترخي بظلالها على هذه الربوع، وأن يوحي إلى سامعيه، في خطبه الهزلية، أن الاستقرار ملك يمينه، يفعله ويقيمه متى شاء، ويزيحه ويلغيه متى شاء، ويفعل ذلك بأسلوب المن الذي لا تخلو مضامينه من معاني التهديد المبطن والوعيد بالمرموز، والذي يؤدي شعور المغاربة.إن الاستقرار السياسي لا يمكن تحقيقه بالقمع والغطرسة وتجاهل حاجات الناس وتطلعاتهم المشروعة. فليس الزهو بالقوة وخيلائها، وأوهامها، هو الذي يجبر الناس على الهدوء، أو ينجز مفهوم الاستقرار أيتها المناضلات أيها المناضلون،إنه لمن حسن الطالع أن تجتمع لنا مسوغات واعتبارات عديدة تجعل مجلسنا هذا مجلس احتفاء وفرح، ومجلس اعتزاز وفخر، يكرمنا الله فيه بأربع مزايا، ويجمع لنا فيه أربع منن، قلما تجتمع في مجلس من المجالس. فالمنة الأولى هي: تجديد الثقة في حزب الاستقلال من طرف سكان مولاي يعقوب ، فقد حقق الحزب انتصاران كبيران متتاليان، الأول انتصار اعتبرناه عاديا وطبيعيا، وإدلاء الناخبين فيه بأصواتهم كان حرا وتلقائيا، ولكن المجلس الدستوري ألغى نتائجه، ونحن نحترم قرارات المجلس الدستوري مهما كانت في غير صالحنا، لأنها تلغي النتائج فقط، وليس من مهامها أن تلغي تعلق القلوب بالحزب العريق، ولهذاجاء رد الساكنة بمضاعفة التصويت إمعانا في التأكيد، ولهذا كان الانتصار الثاني تأكيديا، وهما مؤشران على تصاعد شعبية حزب الاستقلال، وتمسك الجماهير الشعبية به، وتضامن المواطنين مع قراراته، وهذا يلقي على عاتقنا جميعا مسؤوليات جسام، وعلينا أن نكون في مستوى هذه المسؤوليات. المنة الثانية: صدور الحكم القضائي مؤيدا لإرادة المجلس الوطني،أيها الإخوة، بقدر ما نحن سعداء جدا بحكم المحكمة، فإننا نأسف جدا للذين جروا الحزب إلى المحاكم، وشككوا في مصداقية مؤسساته، وفي اختيارات مناضليه، ولفقوا له التهم الباطلة، والأكاذيب المكشوفة، وشوهوا سمعته أمام الأصدقاء والخصوم، نأسف لهم ونرثي لحالهم، لأنهم اتبعوا أهواءهم، وغلبوا أنانياتهم، ولم يرقبوا إلا مصالحهم، وألغوا من عمر الحزب سنتين، ضاعتا في الانتظار. و لهذا فإن مرحلة ما قبل النطق بالحكم، كانت مرحلة انتظار، اقتصرنا فيها على تصريف أعمال الحزب، وكانت أنشطتنا شبه معلقة، وقراراتنا الكبرى محجوبة وموقوفة، في انتظار تأكيد شرعية وجودنا، ذلك لإيماننا أن شرعية قراراتنا تستمد من شرعية وجودنا ، التي كانت قضية حسمها وتأكيدها بيد القضاء. والآن، قد قال القضاء كلمته الفصل، وأصدر حكمه العدل، الذي جاء بردا وسلاما على نفوس المناضلين، وأعطاهم انطلاقة البدء، وفتح لهم باب العمل على مصراعيه، جاء إذن وقت العمل، وإعداد البرامج، ووضع المخططات، وانتهى الوقت الضائع، ووقت الانتظار، ومن المهام المستعجلة التي يجب أن نوجه إليها جهودنا، هي إعادة الهيكلة داخل مؤسسة الحزب، ومن المبادئ التي نسعى إلى تفعيلها هو مبدأ المسؤولية للجميع. فسنعمد من خلال تنظيمات الحزب إلى تركيز المسؤولية في يد أعضاء الحزب وتنظيماته، دون إغفال أي أحد عن المسؤولية، فهي تتوزع على كل واحد من المناضلين بغض النظر عن الموقع الذي يوجد فيه. فالمسؤولية اتجاه البناء تشمل الجميع. كما سنعمل على رد الاعتبار للكفاءات الحزبية، للاستفادة من مهاراتها وقدراتها، و التي عليها أن تتواصل من الآن مع أجهزة الحزب لاقتراح المهام، والمشاريع والأهداف. المنة الثالثة : النجاح الباهر لتظاهرات فاتح ماييسعدني باسمكم أيها الإخوة أن أوجه تحية إكبار وتقدير إلى مناضلات ومناضلي الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، على الأدوار الطلائعية التي يقومون بها، والنضالات الجبارة التي يخوضونها، كما يسعدني أن أهنئهم بالنجاح الباهر بكل المقاييس الذي حققوه بمناسبة فاتح ماي والحضور القوي والتواجد المكثف لكل جهات المملكة، ولكل القطاعات المهنية. وعلى التنظيم المحكم الذي طبع مراحل التظاهرة، كما أهنئهم باسمكم على روح المسؤولية و المثابرة التي يتحلون بها. كما لا أنسى أن أذكر بتظاهرة شارع النصر التي رفعت رؤوسنا عاليا، وأثلجت صدورنا، والتي دخلت التاريخ من بابه الواسع، وكانت نصرا حقيقيا للطبقة العاملة المنة الرابعة تكمن في تزامن مجلسنا الوطني هذا مع إحياء الذكرى الأربعين لرحيل زعيم التحرير علال الفاسي، ولا أخال روحه الطاهرة إلا مرفرفة في أرجاء هذه القاعة، فخورة بكم، تبارك أشغالكم، وتدعو لكم بالتوفيق، وتطالبكم ببذل المزيد من الجهد، حتى يتبوأ الحزب على يدكم مكانته التاريخية الأولى. ولا أضن أحدا منكم يجهل رمزية رقم أربعين، كرقم يرمز للنضج، ويرمز إلى الأمانة وأوان تبليغ الرسالة. وبهذه المناسبة لابد من التذكير ببعض ما أوصى به الزعيم، وببعض ما استأثر باهتمامه. إن الانشغالات التي استأثرت باهتمام فكر الزعيم كثيرة جدا ومتنوعة، ولا يمكن الإحاطة بها في كلمة واحدة ، أو حتى الإشارة إليها في عجالة ، ولهذا سنحاول أن نثير من المواضيع ما نرى في التذكير به فائدة للظرفية الحالية، ومن أهم المواضيع ذات الأولوية، وتتوافق مع رمزية الذكرى الأربعين، نجد مسألة: رسالة الحزب ودور المناضل الحزبي. وهما وجهان لعملة واحدة. إن الرسالة المقدسة التي طوق بها الزعيم عنق الحزب، وجعل منها رسالة تتوارثها الأجيال، تكمن في رعاية مصالح الشعب، رعاية تضمن حقوق الفرد وحقوق الجماعة، وتكفل للناس عيشا كريما في ظل احترام الحريات والقوانين وحق المواطنة الكاملة، وتتجلى في ترشيد الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، على النحو الذي يقتضيه الاختيار الديمقراطي في دولة الحق والقانون، وتوفر لكل الأفراد والفئات فرصة المساهمة في التنمية وحق الانتفاع بها، وتعينهم على واجب القيام بتوعية الرأي العام وتحسيسه في القضايا الطارئة التي تهم حاضره ومستقبله، ولن يتأتى ذلك إلا بالنضال المستمر، والتعاون المثمر مع باقي الأحزاب الوطنية، ومكونات المجتمع المدني المتنور، وبسيادة الأخلاق واستقامتها، وتقويم ما يطرأ من انحراف عليها، فالأخلاق أساس من أسس الدولة تقوم بقيامها وتنهار بانهيارها. ومن أول واجبات المناضل الالتصاق بالمواطنين ونفعهم، وخدمة مصالحهم، ومد يد المعونة للمحتاجين منهم، والتحلي بروح المسؤولية والحزم، وتلافي تضييع المصالح بعدم الاهتمام أو بالتسويف أو التأجيل والإرجاء. والاجتهاد لتحسين فعالية التدبير، والمسارعة إلى القيام بكل الخدمات التي هدفها جلب المنافع ودرء المفاسد، وتفعيل مقاصد الإسلام الذي هو دين التكافل والتعاون والتضامن، والالتزام بالأخلاق الحميدة، وبالإخلاص الجدير بالمناضل. وقد جعل من الخدمة أرقى درجات النضال إذ كان يذكر في جل مجالسه بالحديث النبوي الشريف "سيد القوم خادمهم". هذا مع الالتزام بتنفيذ تعليمات الحزب، وتفعيل برامجه، والتعاون مع كل منظماته وهيئاته، من أجل أن يتبوأ الحزب المكانة التي يستحقها في المشهد السياسي الوطني. أيتها المناضلات، أيها المناضلون، الضيوف الكرام، لقد اعتنى الزعيم بشباب الأمة وبشبيبة الحزب، ودعا إلى إفساح المجال للأجيال الصاعدة، وفتح آفاق المستقبل أمام شباب المغرب، ليتعلم ويدرس ويشتغل ويعمل ويستفيد ويفيد ويسهم في النهوض بوطنه وبلده اجتماعيا وثقافيا وحضاريا، وكان يعلق آمالا كبيرة على شبيبة الحزب، من أجل مواصلة المسيرة الجهادية والنمائية في كل الميادين، ولكي يضيفوا صفحات جديدة إلى سجل تاريخ الحزب الحافل، حتى تبقى مسيرة الحزب مستمرة ومتجددة في تاريخنا المعاصر. وكان يعول عليها لإتمام ما بناه السلف الصالح، وحققه من صالح الأعمال، وأرساه من قواعد الأمن والاستقرار. لقد آمن الزعيم أيضا، بذكاء المرأة المغربية وكفاءتها، وجعلها في صلب تفكيره، ومن أولويات اهتمامه، وكان في مقدمة من نادوا بإصلاح وضعها، وتصحيح صورتها، وتمكينها من حقوقها المدنية والسياسية، وتمتيعها بكل ما يتمتع به الرجال من حقوق، ومطالبتها بكل ما يقومون به من واجبات، شريطة أن يتحرر الرجال أنفسهم من أغلال الجمود العتيق ومن قيود التقاليد البالية التي لا علاقة لها لا بالدين ولا بالحضارة. وبين في رؤى واضحة، أنها تملك من المقومات الفكرية والخلقية ما يسمح لها بتقلد أعلى مراتب الهرم السياسي،كما تحدث عن الجانب الإنساني للمرأة، وأعطاها المكانة الكبرى في بنية الأسرة، التي تعتبر النواة الأساسية في النسيج الاجتماعي، وجعل لها دورا مهما في تربية النشء وتقويم الأخلاق، إلى أن اعتبر أن صلاح الأمة من صلاح المرأة. وخصص لها حيزا مهما في أعظم كتبه، كتاب النقد الذاتي، حتى صار كل المدافعين عن المرأة من بعده يقتبسون قبسات من فكره، ويستشهدون بشذرات من كتاباته. وفي الختام نحمد الله تعالى على نعمه ظاهرة وباطنة، ونشكره تعالى على مننه التي أغدقها على حزبنا، ونسأله أن يسدد خطانا، ويرشدنا إلى ما فيه خير وطننا وشعبنا، ونسأله أن يتغمد فقيد الحزب بواسع رحمته، وأن يجزيه عنا خير الجزاء، وأن يجعل الجنة مثواه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته