ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرض السياسي الهام للأستاذ حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال في الدورة الرابعة للمجلس الوطني
نشر في العلم يوم 27 - 10 - 2013

عقد المجلس الوطني لحزب الاستقلال دورته الرابعة العادية بعد المؤتمر السادس عشر المنعقدة بمدينة الدارالبيضاء يوم السبت 26 أكتوبر 2013، وقد شكلت هذه الدورة فرصة حقيقية للنقاش المثمر والحوار المسؤول حول مختلف القضايا المستجدة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وبعد العرض السياسي الهام الذي قدمه الأخ حميد شباط الأمين العام باسم اللجنة التنفيذية للحزب، والذي استعرض فيه مختلف القضايا التي تستأثر بالرأي العام على الصعيد الوطني والعربي والدولي، وبعد التداول في المواضيع المدرجة في جدول أعمال الدورة،وبعد المناقشات المستفيضة حول الأوضاع العامة بالبلاد،في ضوء المستجدات والتطورات السياسية والاقتصادية،خاصة بعد تعيين الحكومة التي يرأسها السيد عبد الإله بنكيران في نسختها الثانية،حيث تمت مناقشة الخطوط العريضة لمشروع القانون المالي لسنة 2014 ، والذي جاء ليكرس الوضعية المتردية التي تتسم بالتأزم الاقتصادي والتدهور الاجتماعي، نتيجة الخيارات اللاشعبية التي كرستها توجهات الحكومة خلال السنتين الأخيرتين ،وقد تمت الإشارة خلال هذه الدورة إلى حالة التذمر وخيبة الأمل لدى المواطنين بخصوص حصيلة التدبير الحكومي التي كانت نتائجها وخيمة على الاقتصاد الوطني وعلى مستوى عيش مختلف فئات المجتمع .
وفي هذا السياق ثمن أعضاء المجلس الوطني،عاليا مضامين العرض السياسي للأخ الأمين العام، وجدد تأكيدهم التشبث بالمواقف الثابتة للحزب المرتكزة على تعبئته الشاملة والمتواصلة للدفاع عن الوحدة الترابية وعن مصالح جميع فئات الشعب المغربي، والحرص الدائم على تحصين وتعزيز المكتسبات وترسيخ دعائم المجتمع الديمقراطي، والانخراط القوي في الأوراش الإصلاحية التي يقودها جلالة الملك من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضمان شروط العيش الكريم لكافة المواطنين.
في ما يلي النص الكامل للعرض السياسي للأستاذ حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال :
باسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا" صدق الله العظيم.
أخواتي الاستقلاليات، إخواني الاستقلاليين،
سعيد غاية السعادة أن أجدد بكم اللقاء في إطار أشغال الدورة الرابعة لمجلسنا الوطني، الذي ينعقد في فترة مهمة من تاريخ مغربنا الحبيب، وفي محطة متميزة من محطات نضال حزبنا العتيد.
إنه لمن حسن الطالع أن ينعقد هذا المجلس في مدينة الدار البيضاء، مدينة السنة، ومفخرة المغرب، وواجهته الاقتصادية، وقطبه الصناعي والمالي، ومركزه التجاري ومينائه الدولي، وقاطرة تنميته، وأمله في التطور، تحضى بمكانة خاصة في قلبنا وقلوب جميع المغاربة. وتثير مشاعر الاعتزاز والفخر في جميع النفوس.
الدار البيضاء التي رغم دواعي الحداثة ومستلزمات التقدم، وهجمة التكنولوجيا، لم تتخل عن أصالتها العريقة، ولم تفقد روحها المغربية، وطابعها الحضاري،. اجتمع فيها بانسجام ما تفرق في ربوع البلاد، والتقى فيها بالمحبة الوافدون من كل الأنحاء، حتى أصبحت صورة مصغرة لواقع الوطن،
كفى الدار البيضاء فخرا أن الملك المنعم جلالة المغفور له محمد الخامس كان يلقب بملك "الكاريان سنترال"، وكان جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني _طيب الله ثراه- يخصها بعناية فائقة، وقد أقام على أرضها أكبر معلمة دينية وحضارية بعد بيت الله الحرام ومسجد نبيه عليه السلام: مسجد الحسن الثاني، وقال في حقها جلالة الملك محمد السادس كلماته الخالدة، وعباراته النيرة، في افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان يوم الجمعة 11 أكتوبر 2013 والتي ليست إلا بوحا بما يغمر قلبه الشريف من محبة وعطف على هذه المدينة، وما يملأ وجدانه الطاهر من غيرة على مصالح ساكنتها. فهي في نظر جلالته السديد تستحق قدرا أحسن من قدرها، ورجالا أكفأ من الذين ضيعوا حقها. وهي كلمات من نور ستكتب بمداد الذهب في سجل التاريخ، وإن اختيار الحزب لرمزية مدينة الدار البيضاء، وبالضبط قلبها النابض، الحي المحمدي، الذي كان شاهدا على بطولات الكفاح والمقاومة، ومسرحا لفصول الدفاع عن كرامة المغرب وحريته، لينطلق منها في الصدع بكلمة الحق، ويعلن منها دخوله السياسي، لهو أقوى دليل على جدية قضيتنا، وأفصح رسالة دالة على صدق عزمنا، من أجل الدفاع عن مؤسساتنا، وحماية مكتسباتنا.
وتحية منا لهذه المدينة الصامدة، قلعة الكفاح والنضال، ومنبت المجاهدين الأحرار، ومرقد الشهداء الأبرار، ومنارة الإشعاع الثقافي، ومرتع المواهب والمبدعين الذين شرفوا الثقافة المغربية، ومثلوها أحسن تمثيل.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
إن الحزب، في هذه السنة، قد استطاع أن يتخذ قرارات جريئة أكدت مصداقيته، وأن يخطو خطوات ثابتة مكنته من استرجاع لياقته وحيويته. وأن يخوض نضالات حاسمة، من أجل تنفيذ توصيات المؤتمر العام السادس عشر، وتفعيل برنامج التغيير، وتدبير القرارات الحكيمة لمجلسنا الوطني، التي أرجعت الحزب إلى مكانته الريادية، وجعلت من نشاطه مادة غنية للمتابعة الإعلامية، ونقلت مواقفه إلى الواجهة في المشهد السياسي، وأعادت الحزب إلى أيام عزه وعقود مجده.
وإننا، بعد تتبع حركية الكثير من مناضلي ومناضلات الحزب، في المجلس الوطني، واللجنة المركزية، ومكاتب فروع الحزب، وأعضاء مجالسه الإقليمية والجهوية، والبرلمانيين والمنتخبين الاستقلاليين، وشبيبة الحزب، ومنظمة المرأة الاستقلالية، والنقابة، وروابط الحزب وجمعياته، وبعد الاطلاع على مشاركتهم في العديد من اللقاءات الإعلامية أو المناظرات السياسية، أو الندوات الفكرية، وبعد الوقوف على تواجدهم وحضورهم في مختلف الجهات، لشرح مواقف الحزب، وتوضيح رؤاه، والدفاع عن معتقداته، تأكدت لدينا القناعة الراسخة أن الحزب يزخر بالكفاءات العالية، ويتوفر على أطر في غاية النضج السياسي.
إن هذا الاقتناع هو الذي يبعث الارتياح في نفوسنا، وهو الدافع لنا على المثابرة، وبذل الجهد لمواجهة التحديات، وهو الحافز لنا على تعميق الثقة بالمناضل الاستقلالي، وتقوية الإيمان بقدراته، واعتباره الثروة الحقيقية التي يفخر بها الحزب.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
إن المناضل الاستقلالي كان ولازال وسيبقى متشبثا بالعقيدة الصحيحة والحنفية السمحة، التي لا يضل عنها إلا هالك، ومتمسكا بالمبادئ السامية والقيم النبيلة، التي لا ينحرف عنها إلا مارق، وهو ما يعطيه يقظة عالية في حسه الوطني، ويمنحه مصداقية كبيرة في عمله السياسي، واستقامة في سلوكه الاجتماعي، وإيمانا راسخا بالثوابت الدينية والمقدسات الوطنية، وهو ما يجعله فاعلا مؤثرا في محيطه، منفتحا على كل الذين يتقاسمون معه نفس المبادئ والقيم، ومستعدا للتعاون المثمر، على البر والتقوى، مع كل المخلصين والأوفياء للوطن، عملا بقوله تعالى :" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".
ولكن أيضا، نفس هذه المبادئ، هي التي تعطيه قدرة على التدافع الإيجابي الذي أمر الله به، وشجاعة في مجابهة قوى الظلم والجور، واستماتة في محاربة عقليات الاستبداد والطغيان، وحنكة في مقاومة أسلوب الخداع والتضليل. قال الله تعالى: "ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض".
ولا شك أن المناضل الاستقلالي أصبح لدى الجميع واضح المعالم ومعروف الصفات، فهو ليس من طينة الذين لا تمثل لهم القيم سوى أقنعة يلبسونها وهم عنها مرتدون، يفرغون النضال من مضمونه الجوهري ونبله الفكري، ولا هو ممن اتخذوا الحرباء مثالا في السياسة، يتلونون ولا يستقرون على مذهب. بل هو المعروف في الأوساط السياسية بمواقفه الثابتة، في الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، التي راكمها الشعب المغربي والقوى الحية في البلاد، وبرفضه لاستعمال عصا القمع والتضييق على الحريات والأرزاق كيفما كان نوعها أو مصدرها، وبمقاومته للتقهقر والرجوع إلى عهود الانحطاط السياسي مهما كانت مبرراتها ومسوغاتها.
ثم إن المبادئ والقيم في حزب الاستقلال، ممارسة وأخلاق، وقناعات ومواقف، نلمسها في سلوك المناضلين، ولا يمكن أن تتحول، كما عند الغير، إلى مجرد شعارات فارغة من المعنى، وخطابات رنانة عديمة المحتوى،لا تصلح إلا إلى الدعاية المغرضة، والنيل من الخصوم، وتضليل العقول الساذجة، ولا ترقى إلى مستوى الفعل، ولا تجد طريقها إلى التطبيق.
إن العمل الحزبي في مفهومنا، ليس ظاهرة صوتية، تختزل في إطلاق الكلام على عواهنه ، ولا مجالا يقبل اتساع الفجوة بين الخطاب والممارسة، ولكنه ورش مفتوح لإنتاج الأفكار الممكنة التطبيق، والرؤى التي تترجم إلى برامج واضحة وسياسات مدروسة قابلة للإنجاز. قال تعالى: " يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟ كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون."
ولهذا اعتبرت مدرسة زعيم التحرير، المرحوم علال الفاسي الحزبية رسالة من أشرف الرسالات، والمبدأ خيارا أخلاقيا أساسه الحق وهدفه تغيير الفساد وتقويم الانحراف، والوفاء هو مطابقة القول للفعل، والتضحية هي أنجع السبل لبلوغ الأهداف.
وانطلاقا من كل هذه الاعتبارات، يبقى الإيمان بالقيم بالنسبة لنا، هو بطاقة الانتساب الحقيقية إلى حزب الاستقلال، والغيرة الوطنية هي آصرة القرابة بين الاستقلاليين. فكم في المغرب من استقلاليين لا يمتلكون بطاقة العضوية، وكم من حامل للبطاقة يتمرد على الحزب بمجرد المساس بمصالحه.
و لهذا فإن كل من ارتد عن مبادئ الحزب أو انقلب على قيمه، أو استهتر بمقررات مؤسساته، أو كان ولاؤه لمصلحته الشخصية ضدا على المصلحة الوطنية، أو تمسك بمنصبه ومنفعته الذاتية ضدا على الأخلاق و الأعراف، أو صار عونا وسندا لخصوم رسالة الحزب، أو مداهنا ومتملقا لمن يجب في حقهم الزجر، فهو في نظرنا، ونظر كل الاستقلاليين، انتهازي، قد أسقط عن نفسه صفة الاستقلالية، وصفة النضال، دفعة واحدة، وبطريقة تلقائية لا هوادة فيها.
أيتها الأخوات أيها الإخوة،
فبعد التشبع بالمبادئ والتمسك بالقيم والاجتهاد في الحق، كأساس للعمل الحزبي، يأتي دور النضال والعمل الميداني. وقد قيل: " الرأي قبل شجاعة الشجعان ". وهكذا فنضال حزب الاستقلال منذ تأسيسه، يتم بناء على رؤى واضحة، وحسب مناهج مدروسة، ويرتكز في الغالب على محورين أساسيين:
- محور الجهاد الأصغر في مواجهة المعتدين على أرضه ووحدته، والتي جسدها الكفاح الوطني والمطالبة بحرية الوطن، ويجسدها اليوم الدفاع على وحدته الترابية والحفاظ على لحمته الوطنية والمطالبة باسترجاع أراضيه المغتصبة.
- ومحور الجهاد الأكبر من أجل استكمال بناء الدولة الديمقراطية القوية، ومواجهة التخلف والفقر والجهل، وكبح المتلاعبين بمصالحه وبمستقبله، والتي يجسدها النضال الديمقراطي والمطالبة بحرية الشعب وكرامته.
وإذا كان الكفاح الوطني الذي قاده حزب الاستقلال، وقدم في سبيله أرواح الشهداء ومهج الأبناء، كان من أجل بناء مغرب حر، مستقل وموحد، تسوده الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فنحن اليوم متشبثون بالدفاع عن قضية المغرب الكبرى، قضية الوحدة الترابية، وهو ما جسدته الزيارة التاريخية للجنة التنفيذية لأقاليمنا الجنوبية، وعبر عنه الاستقبال الرائع الذي خصصه المناضلون الاستقلاليون، وكان أحسن رد على خصوم وحدتنا الترابية.
أما النضال المستمر والمتواصل اليوم، فهو من أجل صيانة النموذج الديمقراطي، وبناء دولة المؤسسات، وإقامة دولة الحق والقانون، ومن أجل الدفاع عن الكرامة الإنسانية لكافة المواطنين والمواطنات، ومن أجل العمل على نشر قيم المواطنة، واحترام حقوق الإنسان.
وفي هذا الإطار، لا يجوز بحال من الأحوال أن يتوهم أحد أن المناضل الاستقلالي سوف يتخلى عن مهمة النقد البناء، في تعاطيه مع الحياة السياسية الوطنية، أو سوف يتساهل في التصدي لأعداء الخيار الديمقراطي، لأنه بحكم مدرسة النقد الذاتي التي تربى فيها، مطالب بالانحياز إلى صفوف الضعفاء، وإلى جانب من يعانون من الإقصاء والتجاهل، وبانتهاج الصرامة في تفعيل المنهجية الديمقراطية.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
أما على المستوى الداخلي، فقد شكل تدبير ممتلكات الحزب وماليته، أحد مظاهر الحكامة الحزبية وإحدى العلامات الكبرى لمرحلة التغيير، فبالإضافة إلى اعتماد مبدأ ترشيد نفقات الحزب للتغلب على العجز المالي، فقد تم الشروع في تنفيذ البرنامج الاستعجالي لإنقاذ الرصيد العقاري للحزب، وتعيين مجلس إداري جديد لشركة الرسالة، بغية تحقيق النجاعة في تدبيرها المالي.
ثم إن قيادة الحزب قد جعلت من بين أولوياتها، ضبط أشغال الأجهزة الحزبية، والحرص على انتظام انعقادها، وهكذا فقد عقد المجلس الوطني دورتين، بعد دورة انتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية، كما عقدت اللجنة المركزية ثلاث اجتماعات، وتم عقد أربع دورات لمجلس المفتشين.
وفي إطار تكريس نضال القرب ونهج اللامركزية الحزبية فقد تم عقد العشرات من التجمعات الجماهرية الحاشدة في العديد من الجهات.
وسجلنا بافتخار مواصلة الهيئات الحزبية لأنشطتها وعملها الريادي عبر تنظيم العديد من التظاهرات.
فقد نظمت الشبيبة الاستقلالية "الجامعة الفكرية الجهوية" في معظم الجهات، و"مسيرة الغضب الشبابي"، و"الدورة الثانية للمهرجان الوطني للشباب والطلبة"، كما أحيت "ليلة الرواد"، وأشرفت على المؤتمرات الوطنية لكل من "الاتحاد العام لطلبة المغرب"، و"جمعية الشبيبة المدرسية"، هذا بالإضافة إلى حضورها البارز في المشهد الشبابي، وعبر مواقفها من مختلف القضايا التي تشغل بال الشباب.
ونظمت المرأة الاستقلالية ندوتين وطنيتين، في كل من مراكش والدار البيضاء، تناولتا موضوعين أساسيين، يتعلق الأول ب"حقوق المرأة المغربية بين التضمين والتمكين" والثاني ب"العنف ضد النساء".
وقد اهتمت قيادة الحزب بتنظيم المنتخبين الاستقلاليين، وعقدت لقاء تواصليا مع رؤساء الجماعات الترابية، تم على إثره انتخاب "مكتب رؤساء الجماعات الترابية الاستقلاليين.
كما حرصت قيادة الحزب على تنظيم مجموعة من اللقاءات مع الفريقين الاستقلاليين في مجلس النواب ومجلس المستشارين للتشاور وتبادل وجهات النظر. وقد نظم الفريقان الاستقلاليان بالبرلمان خلال هذه السنة عشرة أيام دراسية، وتقدما ب18 مقترح قانون، ووجها ما مجموعه 962سؤالا شفويا و425 سؤال كتابي، وتقدما ب 98 طلب عقد اجتماع للجن البرلمانية
أما على المستوى الخارجي، فقد انخرط الحزب، في عمل دبلوماسي جريء، من أجل تقوية روابط الأخوة وتمتين علاقات الصداقة والتعاون مع أحزاب الدول الشقيقة والصديقة. وقد استقبل الحزب عدة وفود من أحزاب صديقة وشقيقة، من هولندا والصين، والفيتنام والأرجنتين وفلسطين وليبيا ومالي وإسبانيا وموريتانيا، كما قمنا بزيارة عمل للعديد من الأحزاب كانت أبرزها الزيارة التاريخية إلى موريتانيا ومالي.
وقد كان المركز العام للحزب مسرحا لعدة لفاءات مع أزيد من خمسين سفيرا يمثلون دول أوربا وأمريكا وإفريقيا وآسيا والدول العربية والإسلامية.
أما على مستوى التعاون مع منظمات التعاون الدولي فقد عزز الحزب علاقاته مع المعهد الديمقراطي الأمريكي ومع المعهد الجمهوري الأمريكي ومع حزب المحافظين البريطاني.
أيتها الأخوات أيها الإخوة،
لقد أولينا عناية خاصة لذاكرة الحزب ورموز الكفاح الوطني، فقد تم تنظيم الذكرى39 لوفاة المرحوم علال الفاسي بسيدي قاسم تحت شعار: "الأسس المقاصدية للمجتمع التعادلي" كما نظم الحزب الذكرى الثالثة والأربعين لوفاة زعيم الوحدة عبد الخالق الطريس بتطوان تحت شعار "عبد الخالق الطريس رائد النضال الوحدوي. ونظم الحزب أيضا مهرجانا خطابيا جماهريا لتخليد ذكرى معركة واد المخازن المجيدة، وتم تنظيم حفل كبير في مدينة كلميم من أجل تكريم ثلة من الوطنيين في أقاليمنا الجنوبية.
أيتها الأخوات أيها الإخوة،
على قدر اعتزازنا بمؤسسات الحزب وأجهزته وهياكله وهيئاته ومنظماته الموازية، فنحن أيضا معتزون بالقرارات الصادرة عنها، والتوصيات المنبثقة عن أشغالها، لأن لحظات القرار عندنا، هي لحظات صدق وإخلاص، ولحظات تفكير وتركيز، ولحظات مخاض ومعاناة، وهي تفعيل للحوار الصريح والنقاش الحاد، القائم على إحساس بمسؤولياتنا الوطنية وبالأمانة الملقاة على عاتقنا. ولأنها فوق هذا وذاك عمل ديمقراطي، يقوم على ممارسة حقيقية للحقوق والحريات: حرية الاجتهاد، وحرية الرأي، وحرية التعبير، وحرية النقد، وحرية الاحتجاج...
وهكذا نتوخى أن تكون قراراتنا دائما، قرارات سليمة، تتسم بالنزاهة والموضوعية، والحكمة وبعد النظر، وتعكس الوفاء للقيم السامية، وتتجسد فيها الغيرة الوطنية، التي تدل على تشبثنا بالمصالح العليا للبلاد، بعيدا كل البعد عن المصالح الحزبية الضيقة، أو المصالح الذاتية المقيتة.
ولهذا أيتها الأخوات أيها الإخوان، فبعد الاطمئنان على وجاهة قراراتنا، يصير الدفاع عنها أمرا ملزما لكل المناضلين، الذين عليهم أن يتحلوا بالجرأة التي يدعمها الإيمان بصحة توجهنا، وبالشجاعة التي تذكيها غيرتنا الوطنية الصادقة، وبالإصرار النابع من فيض الرصيد النضالي الهائل الذي راكمه حزب الاستقلال، وباللغة المناسبة لكل ظرف، والمعجم الملائم لكل شخص.
وأعتقد أن نفس هذه القيم، هي التي طبعت سلوكنا جميعا، في تصريف القرار الحكيم بالانسحاب من حكومة عبد الإله بنكيران، التي أيدناها بداية، رغبة منا في إنجاح هذه التجربة، وتأكيد الاستثناء المغربي، ورحبنا بتشكيلها عن حسن نية، وأردنا لها التوفيق والنجاح صادقين، وتحملنا تعثرها وبطء أدائها صابرين، وقدمنا لها النصح والمشورة مخلصين، واستنفدنا كل السبل الممكنة، واكتشفنا متأخرين أنهم قوم لا يحبون الناصحين "، وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون"الآية.
حكومة قوم ارتضوا لأنفسهم المراوغة والخداع، واختار رئيسهم نهج الطغيان والاستكبار، وأسلوب الأذن الصماء اتجاه الاقتراحات و الحلول والبدائل التي تقدمنا بها، وهو أسلوب من يعاني من عجز فادح في استيعاب الأوضاع الجديدة، ومن نقص في التكيف مع المتغيرات المتسارعة، أسلوب من يفتعل الغموض واللبس، لأنه لا يمتلك أجوبة حقيقية، ولا يحمل رؤية إصلاحية.
ولما تأكد لدينا أن القيام بدورنا أصبح متعذرا من داخل الحكومة، كان قرار الانسحاب أمرا حتميا، يحسب فضل اتخاذه لمجلسنا الوطني الموقر، الذي قدم درء المفاسد على جلب المنافع، والتزم بالمبادئ والقيم التي نؤمن بها، والتي تحثنا أولا على وقاية البلاد من شرور التقهقر والانحطاط، وحمايتها من براثن الرداءة والابتذال.
أيتها الأخوات أيها الإخوان،
لم يكن واردا أن نبقى في الحكومة لاعتبارات كثيرة، يصعب حصرها، نذكر منها: أن الحكومة تخلت عن وعودها جملة وتفصيلا، وأوقفت جل التدابير التنموية، وانقلبت على الخط السياسي الذي يضمن الحد الأدنى من الانسجام، ولا ترى في تنزيل الدستور وتفعيل مقتضياته مسؤولية مستعجلة من مسؤولياتها، ولا تعير أهمية كبرى لعامل الوقت ولتدبير الزمن السياسي، الذي يستلزم المبادرة الفورية إلى حل القضايا وبدون إبطاء. ولا تعتبر تشغيل المعطلين من بين أولوياتها، وتجعل منهم، عن قصد أو عن غير قصد، وقودا احتياطيا يهدد السلم الاجتماعي، وامتدت يدها مرارا إلى جيب المواطن البسيط لتجاوز ما تخلقه من أزمات بسوء تدبيرها، إلى أن آل الحال إلى ما آل إليه.
أيتها الأخوات أيها الإخوة،
لقد ضقنا ذرعا بالخطاب الحكومي، الذي لم يستطع طيلة هذه المدة أن يرقى إلى مستوى الخطاب السياسي الرزين، بل كانت خطب رئيس الحكومة مجرد خطب لرئيس حملة انتخابية لا يراد لها أن تنتهي، تفتقد إلى المنطق العقلاني، ولا تقوم على الأسس العلمية والمنهجية للخطاب، خطب عبثية بمضمون سطحي وأسلوب فرجوي، ميال إلى افتعال الصدامات مع كائنات وهمية، مع اعتماد العنف اللفظي، لإغراق المشهد السياسي داخل بنية صراعية. خطب المقصود منها هو التعمية والتضليل، وليس التوضيح والتعبير الذي يستند إلى ضرورات الإقناع السياسي، والتفاعل مع تطلعات المواطنين.
وكان القرار الصائب والمسؤول، هو اختيار المعارضة، عملا بقوله تعالى: " فأعرض عنهم وعضهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا".
ولابد من الإشارة في هذا الصدد أن المعارضة في نظرنا ليست تشويشا على الحكومة، كما يحلو للعقول المتحجرة أن تسميها، ولا وضعا للعصا في العجلة كما هو متداول عند أصحاب الرأي الواحد، بل هي ضرورة من ضرورات النظام الديمقراطي، وعمل من أعمال أجهزة مسؤولة، هدفها هو الرفع من أداء الحكومة، وتجنيب المغاربة عواقب فشلها الأكيد، عبر تنبيهها إلى أخطائها، وفضح عجزها، وانتقاد تماديها في التراجع عن المكتسبات، والتصدي لإجهازها الممنهج عل القدرة الشرائية للمواطنين، مساهمة منا في خدمة المصلحة العليا للبلاد، من خارج الحكومة التي تفتقد لأبسط عوامل الانسجام، ولأوائل شروط النجاح.
واليوم، في هذه المرحلة المهمة من مراحل الانتقال الديمقراطي والتحول الدستوري في المغرب، تعرف حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وضعا سورياليا وكارثيا، يستعصي على الفهم، وتتكبد ديمقراطيتنا خسائر فادحة يصعب تداركها،
فبعد نضال مرير من أجل عودة العمل الحزبي إلى واجهة العمل الحكومي، وفي الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى تأهيل النشاط الحزبي، حتى يقوم بدوره في تشخيص المعضلات، وتقديم الحلول والبدائل الممكنة، وخلق الأجوبة المقنعة، وبلورة الرؤى الواضحة، تأتي بعد طول انتظار، النسخة الثانية من حكومة عبد الإله بنكيران،مخيبة للآمال، لتفرز أسوأ حكومة في تاريخ المغرب الحديث، ولتكرس هيمنة التقنوقراط على العمل الحكومي، ولسان حالها يشكك في أداء الأحزاب السياسية، ويميل إلى سحب الثقة عن العمل السياسي.
وفي هذا إعلان صريح بنهاية السياسة، وانعدام الثقة، ونهاية التاريخ، حيث يتوارى الحزبي إلى الخلف، ويهيمن على أهم القطاعات الحكومية، والمناصب الإستراتجية، من لا لون سياسي لهم. وهو ما يؤدي حتما إلى تمييع المشهد السياسي، وإلى اتساع رقعة اللاسياسة في الوعي المجتمعي، وإلى استفحال العزوف عن الممارسة السياسية، والإعراض عن المشاركة في الانتخابات. وهو وضع لا تستقيم معه أية حياة سياسية سليمة، ويؤدي إلى انحطاط عميق وانحراف عن السكة الصحيحة للإصلاح، ويفوت الفرصة على الأحزاب للقيام بدورها في تعبئة الجماهير، وتأطير المواطنين والمواطنات، وتكوينهم سياسيا، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وتدبير الشأن العام.
وفي الوقت الذي اتفق فيه الجميع على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة السياسية، تأتي حكومة بنكيران لتجرد الشعب من حقه في مساءلة من يخل بالمسؤولية، وتكرس حالة الإفلات من المتابعة، لنشهد تراجعات خطيرة حتى عن مكتسبات خطاب 9 مارس، ونلاحظ خرقا سافرا لمقتضيات دستور فاتح يوليوز.
ثم أليس من حقنا أن نتساءل: كيف يدعي الحزب الأغلبي تفعيل برنامجه الإصلاحي في ظل تخليه عن القطاعات الإستراتجية في الحكومة؟
ألا يعني الزهد في القطاعات الإستراتجية والاكتفاء بتواجد رمزي داخل الحكومة، أن الحزب الأغلبي لا يمتلك أي مشروع مجتمعي, ولا أي منظور مستقبلي، وأنه يحرص فقط على المناصب الحكومية ويتمسك بالكراسي الوثيرة؟
أليست هذه وضعية تكشف حالة الازدواجية بين القول والفعل، واتساع الهوة بين الخطاب والممارسة، وتفضح انقلاب الحزب الأغلبي المذكور على عقيدته السياسية المزعومة جملة وتفصيلا؟
كيف لمجتمع أن ينجح إذا كانت الحكومة التي تدير شؤونه فاشلة أصلا، وغير موفقة حتى في تحديد تشكيلتها؟
إننا نعتبر هذه الحكومة فاقدة للشرعية البرلمانية، وهي غير قادرة على تقديم برنامج حكومي حقيقي، لأنها لا تمتلك أي تصور واضح عن دورها المستقبلي. وليس في جعبتها أية حلول ناجعة. فهي تعمل جاهدة فقط للهروب من المساءلة البرلمانية، ومن النقاش السياسي. ولو أنها كانت حكومة تحترم نفسها، وتحترم الشعب المغربي، لكانت على استعداد دائم لتقديم برنامجها ومناقشته في كل المحافل.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
إن الدليل المادي على انعدام وجود برنامج حكومي، هو وثيقة مشروع القانون المالي لسنة 2014، والذي لا يمكن نعته إلا بالعقم، وبالرداءة و"بالفضيحة". فهو لوحده يؤكد افتقاد الحكومة لرؤية اقتصادية واضحة، ويكرس الارتجال والعبث في تدبير الشأن العام. مشروع معطوب، فارغ من أي محتوى سياسي، يمكن أن يؤسس لعمل تنموي ولرؤية اقتصادية واضحة.
لقد كان من المفروض، أن تقوم الحكومة باقتراح التدابير الكفيلة بتحريك عجلة الاقتصاد، في إطار تجديد النموذج التنموي لبلادنا، والتحكم في قيادة الاقتصاد من دون الخضوع لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، وأن تقوم بإصلاحات حقيقية للمقاصة، والتقاعد، والمنظومة الضريبة من خلال تفعيل حقيقي لتوصيات المناظرة الوطنية للجبايات، وليس التحايل على خلاصات تلك المناظرة من أجل سن إجراءات ضريبية تعمق من واقع اللاعدالة الضريبية التي تعرفها البلاد، لذلك جاءت الإجراءات والتدابير مفككة ومعزولة، تفتقد للخيط الناظم، وللتكامل الضروري لبلوغ الأهداف المرسومة.
فالخطوط العريضة وتوجهات هذا المشروع تحمل أبعادا سلبية، سواء على مستوى منظومة الإنتاج أو على مستوى منظومة الاستهلاك.
فبالنسبة لمنظومة الإنتاج لم يتضمن مشروع قانون المالية أية تدابير كفيلة بإنعاش الاقتصاد، عبر تقوية وتحسين الإنتاج، خاصة الموجه للتصدير، واستقطاب الاستثمار الخاص، المنتج للثروة وللشغل، ولا أية إجراءات لتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة، هذا علاوة على الآثار الاقتصادية الوخيمة الناجمة عن تقليص نفقات الاستثمار.
وبالنسبة لمنظومة الاستهلاك يجهز مشروع قانون المالية لسنة 2014 على القدرة الشرائية للمواطنين من خلال إرجاء ترقيات الموظفين خلال سنة 2014، وإحداث فقط حوالي 3000منصب شغل صاف، مع احتساب المحالين عل التقاعد، وكذا الرفع من الضريبة على القيمة المضافة على العديد من المواد الاستهلاكية مما سيؤدي إلى رفع الأسعار بصفة عامة في الأسواق الوطنية، علاوة على أن تقليص الغلاف المالي المخصص للمقاصة إلى 35 مليار درهم، سيؤدي إلى الزيادة في أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية الأساسية.
إن مضامين مشروع قانون المالية الجديد تندرج ضمن القرارات الاحتيالية لهذه الحكومة، وتؤكد فشلها في مواجهة الأزمة الاقتصادية، واستهدافها الممنهج للقدرة الشرائية، وسعيها الدءوب للزيادة في الأسعار وتجميد الأجور، وهي بذلك تشكل جزءا من المشكل، ومن الأزمة، وليس طرفا يسعى إلى حل المشاكل، ونزع فتيل الاضطرابات الاجتماعية.
أيتها الأخوات أيها الإخوة،
لقد تمكن حزبنا من الظفر بمقعدين خلال الانتخابات التشريعية الجزئية التي شارك فيها خلال السنة الماضية، فبالإضافة إلى الفوز بدائرة دمنات أزيلال، جاء الفوز الكاسح للحزب، وبفارق كبير، في انتخابات مولاي يعقوب الشهيرة، والتي تناقلتها قنوات الأخبار الوطنية والعالمية لدلالاتها العميقة، ورمزيتها السياسية.
يعتبر هذا الفوز، محطة من المحطات المهمة التي ميزت فترة ما بعد القرار التاريخي بالانسحاب من حكومة بنكيران، وهو مؤشر واضح على التفاعل الإيجابي للناخب المغربي مع قرار الانسحاب، وعلى تحول ملموس في الرأي العام الوطني اثر الإجراءات اللاشعبية، والقرارات الانفرادية التي اتخذتها الحكومة للتمادي في استهداف القدرة الشرائية للمواطنين.
ونغتنم هذه الفرصة لنجدد عبارات الشكر إلى ساكنة دائرة مولاي يعقوب على ما أظهروه من وعي كبير، ووطنية صادقة، رغم ما تعرضوا له من دعايات مغرضة وإشاعات كاذبة، ونهنئهم على ما تحلوا به من يقظة، وعلى تجاوبهم العميق مع مرشح الحزب ومناضليه، ونبارك لهم انتصارهم للحقيقة،
ونطمئن ساكنة مولاي يعقوب أن الأخ حسن الشهبي لن يألو جهدا من أجل الدفاع عن مصالح المنطقة، وإسماع صوت ساكنتها، وذلك لما يتوفر عليه من كفاءة عالية، وما يتمتع به من صدق، ونعدهم أن الحزب سيكون إلى جانبهم في كل الأحوال وكل الظروف.
أيتها الأخوات أيها الإخوة،
نعدكم أن يبقى صوت مدرسة علال الفاسي ورفاقه عاليا ومدويا، حاضرا ومسموعا، يتأمله الجميع، وأن يبقى صوت الحزب قويا ونقيا، يعلو للجهر بكلمة الحق في فضاء أصبح مليئا بالضجيج والكذب والتضليل والتلبيس والتيئيس.
نعدكم بأن نضل أوفياء لمبادئ الحزب سائرين على النهج القويم الذي رسمه الزعماء الأوائل، ملتزمين بالميثاق النضالي الذي تسلمناه، محافظين على الرصيد الغني للحزب، مصممين العزم على مواصلة العمل بحزم وصرامة وبدون هوادة، لأن طريقنا لازال طويلا ومضنيا، ونعدكم أن نظل مستحضرين، في كل محطات نضالنا أرواح شهدائنا لنستخلص العبر من جهادهم والتذكير بما بذلوا من تضحيات، وسنظل نرجع إلى زعمائنا وأساتذتنا في النضال أطال الله عمرهم، لنقتبس من أفكارهم ونتزود من نصائحهم حتى نكون جديرين بحمل الأمانة ومواصلة الرسالة.
ونعدكم أن نتخذ من توصيات المؤتمر السادس عشر وبنود برنامج التغيير المجيد، خارطة طريق، نسير على هديها، ونستلهم من فلسفتها.
وفي ختام هذه الكلمة نعلن أن الحزب قد انتقل فعلا:
من الفردية إلى المؤسسية، ومن الضبابية إلى الشفافية والوضوح، ومن العفوية والارتجال إلى التخطيط، ومن التكرار إلى الاستقرار، ومن التقليد إلى التجديد، ومن انقطاع التجربة إلى التراكمية.
"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.