حجت جماهير غفيرة من مناضلي حزب الاستقلال وضيوفه، إلى المسرح الوطني محمد الخامس أول أمس الثلاثاء، لحضور الملحمة الفنية الكبرى التي نظمها الحزب في إطار فعاليات تخليد الذكرى الثمانين لتأسيس النواة الأولى الحزب، وبمناسبة مرور 40 سنة على رحيل زعيم الحزب ورائد التحرير الوطني، الأستاذ المناضل الأكبر علال الفاسي. وقد افتتحت الملحة التي شارك فيها 300 بين فنانين وفنانات مغاربة مرموقين وتقنيين وفرق متنوعة، بكلمة مصورة للأخ الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، أكد خلالها على الأهمية البالغة للتاريخ المغربي بانتصاراته وإخفاقاته في حياة الشعوب، مسلطا الضوء على التنوع الثقافي المغربي الذي يشكل مصدر اعتزاز وقوة لبلادنا، وصمام أمان واستقرار للوطن.. ما يجعل من هذه الملحمة التاريخية، يقول الأخ الأمين العام، "نبراسا ينير طريقنا ويقوي عزيمتنا لبناء مغرب الغد، مغرب المؤسسات، مغرب القيم، مغرب المبادئ، مغرب الثوابت والتجديد والحرية والرخاء، مغرب المناصفة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية". وأضح الأستاذ شباط، أن هذه الملحمة الفنية والتاريخية الكبرى، تشكل محفزا للشعب المغربي لاسترجاع ما تبقى من أراضيه المغربية المغتصبة، مثل كولوم بشار والقنادسة وحاسي بيضا، والصحراء المغربية الشرقية الحبيبة، والثغرين السليبين سبتة ومليلية والجزر الجعفرية. مبادرة ومحطات منيرة.. وقد جاءت مبادرة الحزب بتنظيم هذه الملحمة الفنية الكبرى، من منطلق الدور الأساسي الذي يضطلع به الفن في توثيق الأحداث والتعريف بها، وجعلها في متناول العموم من خلال آليات تواصلية تزاوج بين المعلومة والفرجة. وهو ما تجسد فعليا على ركح مسرح محمد الخامس، من خلال عمل استعراضي راهن على التعريف بأهم محطات تاريخ المغرب النضالية منذ العشرية الأولى من القرن العشرين إلى عهد الملك محمد السادس. وضم العمل الذي أنتجه حزب الاستقلال، وأشرف عليه أنور الجندي، وألفه كل من محمد حسن الجندي، هاجر الجندي وعبد المجيد فنيش، (ضم) نخبة من الفنانات والفنانين المغاربة من أجيال مختلفة، مثل نعيمة المشرقي وعبد القادر مطاع وعبد العالي الغاوي وأمينة رشيد وصفية الزياني والمحجوب الراجي عزيز موهوب وحسن ميكيات وأمل التمار وأحمد الناجي، بنعبد الله الجندي، وحسن الجندي، عبد اللطيف احسينة، وفاء المسعودي، أحمد جواد ومجموعة تكادة وفرقة البهجة وعيساوة والأفارقة وآ خرين. وتتكون الملحمة، التي تفاعل معها الحضور بشكل كبير، من أربع لوحات رئيسية، تضم كل واحدة منها مجموعة من المشاهد يمتزج فيها الحوار المسرحي بالغناء والكوريغرافيا، متناولة أحداث كمؤامرة الغرب لاحتلال المغرب، والمقاومة المغربية، والحركة الوطنية وأدوارها الطلائعية، وتضحيات الشعب المغربي بدعم من العرش لتحقيق الاستقلال، وتلاحم العرش والشعب، وانخراط الرموز السياسية في بناء الدولة، والانخراط في تحديث الدولة وترسيخ قيم المصالحة والمناصفة والمحاورة. شهادات استحسان وامتنان.. ما أهّل هذه الفرجة لتكون بحق، من أهم مظاهر الاحتفال بالذكرى الثمانين لتأسيس النواة الاولى لحزب الاستقلال من خلال كتلة العمل الوطني سنة 1934، وكذا الذكرى السبعين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال يوم 11 يناير 1944، وأحياء الذكرى الأربعين لرحيل الزعيم الخالد علال الفاسي. في هذا السياق، عبر مخرج الملحمة أنور الجندي عن بالغة سعادته بهذه المناسبة، وأضاف في تصريح ل"العلم" "أنا سعيد مثل مثل باقي الفنانين الذين شاركوا في هذه الملحمة، فأن تسند لنا هذه المهمة من لدن رجل ثقافة وفن، رجل سياسة، رجل اقتضى نظره أن يحيي ماضيا جميلا، ماضي الأعمال الوطنية، فما أحوجنا لهكذا أعمال". وعبر الجندي باسمه وباسم كافة الفنانين المشاركين في العمل (حوالي 300 فنان وراقص وتقني ومطرب) عن جزيل الشكر وبالغ الامتنان للسيد حميد شباط على "هذه الفكرة الفردوسية التي حقيقة أحيت وضخت دماء جديدة في نفوسنا نحن الفنانين، وأتمنى كمخرج للعمل أن أكون عند حسن الظن، من أجل إحياء أعمال بهذا الحجم والتي تتزامن مع الثمانين لتأسيس الحركة الوطنية والأربعين لرحيل الزعيم سيدي علال الفاسي". وأشار الجندي أنه من أجل ذلك، "حاولت استقطاب خير الممثلين والممثلات من الرعيل الأول ومن جيل القنطرة والشباب، لنكمل هذا العمل ونضع الأصبع على أهم المحطات التي عرفها المغرب منذ سنة 1906 إلى غاية سنة 2014 في ظل ملوكنا الأساوش، جلالة المغفور لهما حمد الخامس الحسن الثاني، وصاحب الجلالة ذي الأوراش الكبرى محمد السادس". من جهته، اعتبر الفنان أحمد الناجي، أن هذه المبادرة الوطنية جيدة جدا وشكر الذين سهروا على تنظيم الملحمة لأنها "فرصة سانحة للاتصال بين الكثير من الفنانين والجمهور، فهناك فنانون لم يسمح لهم الوقت بالالتقاء لمدة فاقت 15 سنة، كما أن هذه الملحمة تذكرنا بالعديد من الأعمال التي تمت في الماضي ونتمنى أن تكون مؤشرا لانطلاق أعمال أخرى ورسائل لكل الأحزاب لتسلك هذا المسلك"، مضيفا في تصريح ل"العلم"، أن هذه الملحمة هي كذلك فرصة عمل للعديد من الفنانين من أجل ازدهار الحركة المسرحية في بلادنا. في ذات الصدد، شدد الفنان المحجوب الراجي، في تصريح ل"العلم"، أن "الملحمة تذكرنا بالأمجاد الوطنية على اعتباري أحد الذين شاركوا في أحداث هذه الملحمة واقعيا، وتذكرنا بالشبيبة الاستقلالية التي وقفت صفا واحدا لاسترجاع بطل التحرير محمد الخامس، ما يجعلني أعتبر نفسي شخصية مخضرمة عاشت الأحداث على مستوى الواقع والتمثيل". وأضاف الراجي، أن الأعمال الوطنية مسألة هامة خاصة بالنسبة للشباب الذين لم يعاصروا هذه الأحداث التي تؤرخ للعديد من الشخصيات والأبطال لأن استقلال المغرب لم يتحقق إلا بالدماء وأرواح الشهداء وبالمعاناة والكفاح أيام الكتلة وبعدها حزب الاستقلال وأحزاب أخرى. وقد فكر حزب الاستقلال في هذه المسألة مشكورا لأن جميع الوطنيين كانوا أعضاء فيه. كما اعتبر الفنان، عزيز موهوب، في تصريحات ل"العلم" أن "مشاركتي كرجل مسرح في هذا العمل، جاءت تلبية لطلب صديق عزيز، هو أنور الجندي، وهو عمل وطني يذكر بأحداث المقاومة وبالاستقلال وبأمور أخرى تعود على الوطن بالحسنى، وأشارك في هذه الملحمة رفقة ممثلين وممثلات كبار مرموقين، وبمشاركة فرق في الرقص والفلكلور وفرق من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وأنا جد مسرور بمشاركتي وأتمنى التوفيق لهذا العمل". ميثاق لإنقاذ البلاد وفي ختام الحدث المتميز، الذي اهتزت لأكثر من مرة جنبات مسرح محمد الخامس بالتصفيقات له، صعد المنصةَ الأخ حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي دعا وسط الفنانين وبحضور ممثلي عدة أحزاب إلى ميثاق شرف بين الأغلبية والمعارضة من أجل إنقاذ البلاد، مبرزا، أن المصالح العليا للبلاد تبقى فوق أي اعتبار، في ظل التحديات الكبرى التي من المفروض أن تتضافر جهود جميع الفاعلين من أجل التغلب عليها. وعبر الأخ حميد شباط، بهذه المناسبة، عن شكره وتقديره لجميع الفنانات والفنانين الذين شاركوا في إنجاز " الملحمة الكبرى "،داعيا الحكومة وجميع الأحزاب إلى الاهتمام بالفنانين والنهوض بأوضاعهم، والعناية بالفن والثقافة والمسرح باعتبار أن هذه المجلات تمثل أسس بناء المجتمعات والشعوب، موضحا أن المسرح ساهم بشكل قوى في استنهاض همم الشعب المغربي خلال مرحلة الاستعمار، وإذكاء روح المواطنة خلال مرحلة الاستقلال.