يعيش المغرب في الآونة الأخيرة ترقبا شديدا بشأن ما سيقدمه المبعوث الشخصي للامين العام كريستوفر روس المكلف بملف قضية الصحراء المغربية و الأمين العام للأمم المتحدة بشأن تقريره المقدم لمجلس الأمن ، بشأن منظور الأممالمتحدة للوضع الحالي في الأقاليم الجنوبية ، وهو ما يراهن فيه المغرب على البلدان الصديقة والحليفة من أجل دعم موقفه، عرفانا بالمجهود المبذول سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا بالمنطقة . ولا شك أن الدبلوماسية المغربية تبذل مجهودات حثيثة في الدفاع عن ملف الوحدة الترابية من خلال دبلوماسية عادية، توازيها دبلوماسية إعلامية متواضعة، بسياسة إخبارية حذرة عادية، لا ترقى حتى إلى مستوى الإعلام الإلكتروني اليومي المستقل بشأن الصحراء المغربية من طرف الحلفاء والخصوم ؛ حيث سبق ان أشرنا في مقال سابق إلى ان الظروف تقتضي اليوم تعديل استراتيجية العمل الدبلوماسي على مستويين: تسريع العمل ورفع وتيرة العمل الحكومي في ملف الوحدة الترابية من جهة، والانتقال إلى العمل الإعلامي الهجومي الداعم لملف الوحدة الترابية، من أجل زعزعة الطابوهات الوهمية التي يحاول جاهدا كل من النظام الجزائري والإسباني وغيرهما ترسيخها في بعض المنتديات الدولية. لقد حان الوقت للمناداة باللجوء إلى سياسة إعلامية مبادرة متميزة ، وذلك بالانتقال بها من سياسة إعلام دفاعي إلى إعلام ذي قدرة هجومية عوض إعلام "رد الفعل"، في إطار استراتيجية إعلامية واضحة للدولة بشأن ملف الوحدة الترابية والوطنية، وذلك بتوفير الإمكانيات المادية واللوجستيكية ثم بنك المعلومات والمعطيات اللازمة من أجل حضور المنتديات الدولية للتصدي لطروحات الخصوم، وهو ما يفرض اليوم على الحكومة نهج سياسة تشاركية في وضع معالم استراتيجية تواصلية سياسية واضحة، وخاصة في مرحلة الأزمات التي يفتعلها الخصوم بهذا الشأن، وذلك تفعيلا لمضامين الخطاب الملكي الأخير في الخطاب الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء في 6 نونبر 2013 ، حيث وضع جلالة الملك مسؤولية عظمى على الجميع، من أجل الذود عن قضية الوحدة الترابية بشكل جماعي ومسؤول. وإن من بين الإبداعات الممكن ابتكارها في السياسة الإعلامية الهجومية الجديدة للمغرب في تسريع وتيرته النضالية في موضوع الوحدة الترابية : إحداث قسم خاص بإعلام الأزمة بهذا الشأن، من منطلق تردد الفاعلين والمسؤولين عند مرور المغرب بظرفية أزمة بهذا الشأن ، والعمل على إحداث إعلام متخصص في قضايا الوحدة الترابية، وابتكار وكالة انباء المغرب في شؤون الأقاليم الجنوبية وبأهم اللغات الأجنبية تنويرا للرأي العام الدولي، وإحداث موقع إلكتروني خاص بقضية الوحدة الترابية، تدعمه الحكومة بالمعلومات اللازمة والأساسية، التي من شأنها إفادة الماكينة الإعلامية المغربية النشيطة، كما من المتعين أيضا العمل على دعم الآلة الإعلامية الوطنية بمختلف أنواع الدعم، من أجل مخاطبة الرأي العام الدولي بدرجة أساسية، من منطلق أن المعركة أصبحت معركة إقناع الخارج أكثر من الداخل ، دحضا لأطاريح الآلة الإعلامية الجزائرية النشيطة في التضييق على المغرب وقضاياه العادلة. إن أهم الاستنتاجات الممكن انبثاقها عن دورة مجلس الامن الدولي المقبلة هو تمديد جديد مهام هيئة "المينورسو" مرة أخرى بسنة إضافية وحث أطراف النزاع على التعاون مع المبعوث الأممي السيد كريستوفر روس في مساعيه الحثيثة المتباطئة في حلحلة الأزمة الطارئة والمفتعلة من طرف خصوم المغرب في وحدته الترابية ، ويبدو ان رغم مناورات الجزائر وصنيعتها البوليساريو لن يحققوا نتيجة ما في مساعيهم بشأن ملف حقوق افنسان المفتعل من طرفهم، في ظرفية سياسة دولية مأزومة بالنزاع الأخير في أوكرانيا وكوريا الشمالية وسوريا وفلسطين وليبيا وإفريقيا الوسطى ومصر وتونس وغيرها ، بل بما فيه ما يقع بالجزائر من أزمة ربيع شعبي جماهيري رافض لانتزاع السلطة والسيادة من الشعب الجزائري في ترسيخ الديموقراطية. وإن أهم خرجة إعلامية قام بها الإعلام المغربي العمومي هو اختراق قناة العيون الجهوية مؤخرا لجدار التعتيم الذي تفرضه البوليساريو مخيما وسجون تندوف بنقلها لشهادات حية لنساء وشباب صحراويين من قلب سجن المحبس يطالبون الأممالمتحدة وكافة المنظمات الدولية لحقوق الانسان بالتدخل العاجل من أجل إنقاذهم من الأوضاع المأساوية الخطيرة التي يعيشونها بتندوف تخليصا لهم من عصابات البوليساريو، الذين استباحوا اعراض امهاتهم واخواتهم وكل النساء المحتجزات وتم الإلقاء بهم في عالم البطالة دون دراسة أو عمل أو دعم مادي أو معنوي. لقد جاءت قناة العيون بأدلة دامغة يمكن أن يوظفها المغرب وحلفاؤه في تحريك قسم المفوضية الأوروبية وكذا تحفيز رئيسة الدبلوماسية الأوروبية السيدة "كاثرين آشتون" ومساءلتها حول مظاهر تنامي "التجاوزات من طرف مسؤولي جبهة البوليساريو وكذا الجيش الجزائري ضد ساكنة مخيمات تندوف في إفلات تام من العقاب". وهو ما بدأ معه العديد من البرلمانيين الأوربيين أيضا من أصدقاء المغرب يسائلون معه الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية عن الإجراءات الممكن اتخاذها ضد الانزلاقات والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف، بوضع حد لهذا القمع العسكري من جهة، وإعادة النظر في موضوع المساعدات الإنسانية من جهة ثانية، وذلك بالعمل على توزيعها بشكل مباشر على الأسر المعوزة، عوض تقديمها لسلطات "البوليساريو" الفاسدة من أجل التوزيع غير العادل، وهو أيضا فرض ثمينة يمكن لإعلامنا المغربي ترويجه بالخارج ضد الخصوم ، دحضا لفكرة المناورة الحقوقية التي تركب عليها الجزائر والبلويساريو، حيث لم يعد من حق من بيته من زجاج أن يقذف المغرب المتقدم بالحجر. [email protected]