أعلن المدير العام للمكتب الأوربي لمكافحة الفساد، فرانس هيرمان برونر، الأسبوع الماضي، عن انتهاء المكتب من تحقيقه في ملف تحويل المساعدات الإنسانية الموجهة إلى سكان مخيمات تندوف، وهو التحقيق الذي جاء استجابة لدعوات عدة منظمات دولية غير حكومية ضد تحويل المساعدات الإنسانية من قبل قياديي جبهة البوليساريو، بعد أن كشفت عن رصدها لوجود مساعدات إنسانية لسكان مخيمات تندوف بالأسواق الموريتانية والجزائرية. وأكد برونر، خلال مؤتمر صحفي خصص لتقديم تقرير أنشطة هذه المنظمة المكلفة بالتحقيق في حالات الفساد والرشوة وباقي الأنشطة غير المشروعة التي تمس بالمصالح المالية وسمعة مؤسسات الاتحاد الأوربي، أن «المكتب الأوربي لمكافحة الفساد أنهى تحقيقه بهذا الشأن وأن خلاصاته قد أحيلت على المكتب المكلف بالمساعدة الإنسانية في المفوضية الأوربية وباقي الهيئات المعنية». في سياق ذلك، اعتبر عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، مصطفى ناعمي، أن التحركات الأخيرة ل«خصوم الوحدة الترابية»، والتي عكستها عدة تصرفات من خلال «التأويل المغرض» من طرف وسائل الإعلام الجزائرية لرسالة الرئيس الأمريكي إلى الملك واستقبال مسؤولين جزائريين لممثلي انفصاليي الداخل مؤخرا، ليست بالغريبة عن هؤلاء الذين يشنون «هجوما» على المغرب حاليا، عشية انطلاق مفاوضات غير رسمية مع البوليساريو، مؤكدا على ضرورة تعامل السلطات المغربية بحذر وبجدية مع هذه «الخرجات» الإعلامية التي تؤكد عدم رغبة الطرف الآخر في الدخول في مفاوضات جدية. ويقوم عدد من النشطاء الحقوقيين الصحراويين من الأقاليم الجنوبية، منذ منتصف الأسبوع الماضي، بزيارة للعاصمة الجزائرية، التقوا خلالها بمسؤولين جزائريين وبأعضاء من جبهة البوليساريو، ويساهمون في تنشيط عدة ندوات من تنظيم ما يسمى «اتحاد الشبيبة الصحراوية بالجزائر العاصمة»، في إطار الجامعة الصيفية للشباب والطلبة الصحراويين. واستُقبل الناشطون الصحراويون من طرف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الأمة الجزائري، صويلح بوجمعة، الذي أكد لهم على دعم الجزائر للصحراويين «لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال». وأضاف ناعمي، في تصريح ل»المساء»، أن «خصوم الوحدة الترابية» يجدون أنفسهم في وضع هجومي عندما يعتزم المنتظم الدولي عقد لقاء بين الأطراف من أجل التوصل إلى حل لمشكل الصحراء، مشيرا إلى أن «على السلطات المغربية أن تتبنى موقفا وحدويا واضحا في إطار التعريف بمخططها لمنح حكم ذاتي للأقاليم الصحراوية، بعيدا عن منطق الإلحاق الذي أبان أصحابه عن ضيق أفقهم فلم يقدموا إلى القضية الوطنية النتائج المرجوة»، ومؤكدا في نفس السياق على ضرورة تبني رؤية أكثر شفافية في ملف مقاربة الصحراء. وفي جوابه عن سؤال حول النتائج المرجوة من اللقاءات غير الرسمية أواخر هذا الشهر، بفيينا، بين البوليساريو والمغرب، اعتبر ناعمي، الباحث الأكاديمي في شؤون الصحراء أيضا، أنه «لا يتوقع نتائج كبيرة من مثل هذه اللقاءات»، قبل أن يستدرك موضحا أن مجرد اللقاء مع الطرف الآخر يعتبر خطوة إيجابية في صالح المغرب، للدخول في مرحلة مفاوضات يمكن لهذا الأخير أن يكسبها إذا استطاع تقديم الحجج والأدلة على أهمية مقترحه القاضي بمنح حكم ذاتي للصحراويين، في إطار السيادة الوطنية. من جهته، أشار رئيس الجمعية الصحراوية لحقوق الإنسان، رمضان مسعود، إلى أن تواجد ممثلي انفصاليي الداخل بالجزائر، هو «دليل على مدى الحرية التي يتمتع بها أبناء الصحراء المغربية، حيث لم يكتفوا بأنشطتهم الانفصالية على مرأى ومسمع من السلطات المغربية، بل يسافرون بجوازات سفر وطنية إلى الخارج ويلتقون بقياديي البوليساريو»، مشيرا إلى أن ذلك «يكذب ادعاءات البوليساريو ومن ورائها الجزائر، الذين يرفعون ورقة حقوق الإنسان للتأثير على صورة المغرب الخارجية»، ومؤكدا في نفس السياق على أن مثل هذه التصرفات تعتبر من التحديات التي ينبغي أخذها بجدية من طرف السلطات المغربية، خاصة عشية استئناف المفاوضات مع الطرف الآخر. جدير بالذكر أن المغرب والبوليساريو سيستأنفان، نهاية الشهر الجاري بالعاصمة النمساوية فيينا، لقاءات غير رسمية، بإشراف من موفد الأمينِ العام للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء، كريستوفر روس، بهدف تعبيد الطريق أمام جولة جديدة من المفاوضات الرسمية التي توقفت في مارس سنة 2008 بسبب اتساع الخلاف بين الجانبين.