بمناسبة انعقاد الملتقى الوطني الخامس لنادي الصحافة صفرو 21 22 23 فبراير 2014 1 الإعلام والوحدة الترابية : يحظى موضوع "الإعلام والوحدة الترابية في إطار استكمال الوحدة الوطنية" أهمية بالغة في الوقت الراهن ، لما للإعلام من دور طلائعي في الذود عن مكونات الهوية المغربية بمختلف عناصرها المادية والمعنوية والروحية ، ويُتوخى من طرح الإشكالية جعل الإعلام أحد الوسائل الأساسية من أجل تحقيق الغاية النبيلة أعلاه، في إطار طموح مشروع يروم توافر المغرب على إعلام ديموقراطي نزيه موضوعي مُدعّم من طرف الدولة ، حتى يكون قادرا ومؤهلا للقيام بوظيفته الوطنية والدولية. إن موضوع الإعلام وهو يعالج الوحدة الترابية يتقاطع مع العديد من القضايا والمجالات كقضايا الجهوية مثلا، بصفته موضوعا سياديا يُعالج في إطار العلوم السياسية، كما يتقاطع مع علوم الإعلام وعلم الجغرافيا، ويعي الإعلام اليوم عدم اقتصاره أثناء معالجته للقضايا الوطنية ، عدم الاقتصار على معالجة الوحدة الترابية فقط، بل توسيع مجال الدراسة والتحليل ليشل مكونات وعناصر الوحدة الوطنية، التي تشمل كل من الوحدة الترابية والوحدة المجتمعية، هذا الحاضن لكل من الوحدة القومية والوحدة اللغوية والوحدة الدينية والوحدة التاريخية وغيرها… 2 تأثير الإعلام في الوحدة الوطنية والترابية: وإن الإعلام بمختلف تجلياته إذ له كل هذا التأثير الفعال والقوي في مختلف القضايا الحيوية، فإن تأثيره ينبغي أن يكون أكثر فعالية وأكثر قوة في قضية وحدة المغرب الترابية والوطنية ككل، مما يتطلب أن تكون للدولة بشكل عام استراتيجية إعلامية واضحة، وأن تكون للحكومة بصفتها سلطة تنفيذية سياسة إعلامية مندرجة في إطار تلك السياسة العامة ككل، ويتعين أن يعي المسؤولون هذا التأثير القوي للإعلام، وأن بإمكانه أن يقنع الحلفاء والخصوم على السواء بصدقية ومصداقية موقف المغرب من قضيته الوطنية العادلة في الأقاليم الجنوبية، وتترسخ لدى الجهات الرسمية أن الإعلام سلاح وقوة أساسية في معادلة الصراع مع الخصوم، وأنه قوة موازية لباقي القوى الأخرى وليس بديلا عنها، أحزابا سياسية كانت او نقابات أو مجتمعا مدنيا او غيرها. إن وضعية الإعلام بمختلف تجلياته المكتوب والمرئي والسمعي والإلكتروني والمنقول وسائطيا ، تطرح تساؤلات عدة على التحولات الهيكلية التي يشهدها بما فيها تأثيراتها على المجتمع المغربي، حيث تغيرت التوازنات فيما بين وسائل الإعلام وتغيّرت تأثيرها وانعكاساتها، حيث لا تزال نسبة المقروئية ضعيفة جدا وسط مجتمعنا المغربي بنسبة قراءة تقدر رسميا ب 1.5 في المائة ، وإقبال ضعيف على الصحافة المقروءة بإصدار حوالي 500 ألف صحيفة يوميا، أي ما يعادل نسبة 13 صحيفة لكل 1000 مواطن، وإعلام مسموع بنسبة حوالي 15 – 16 مليون مواطن يوميا وإعلام مرئي بمعدل مشاهدة يراوح حوالي 40 بالمائة من المشاهدين، وإعلام إلكتروني باستقطاب ملفت للاهتمام يناهز حوالي 60 بالمائة من المبحرين يوميا . ويعد الإعلام الإلكتروني أحد وسائل الإعلام الأكثر انتشارا والأكثر تأثيرا على المستوى العالمي وعلى المستوى الوطني، حيث بعدما أصبح مثيرا للاهتمام أضحى هذا الإعلام الإلكتروني بما فيه "الإعلام الاجتماعي" أداة أساسية في توعية الشعوب وتنويرها بالمستجدات والأخبار التي يتعذر إيجادها في الوسائل العادية المألوفة، من منطلق أن الإعلام الإلكتروني أضحى ذاك الإعلام الأرخص والأنجع والأسهل من حيث الولوج ومن حيث تبليغ المعلومة والخبر، بل الأكثر تأثيرا على الشعوب من أجل إحداث حراك بشكل غير مسبوق ، كما سبق ان حدث في بلدان الحراك العربي. وإذ يستقطب الإعلام الإلكتروني بالمغرب ما يناهز حوالي 60 بالمائة من المُبحرين يوميا بشكل نافس وفي وقت قياسي باقي وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية من حيث الاستقطاب؛ فإن من المفروض على الدولة اليوم مراجعة استراتيجيتها على مستوى دور الإعلام ووظيفته الحيوية في القضايا الوطنية، حيث أضحى لزاما على الدولة الإسراع إلى اعتماد آلية الإعلام الإلكتروني في موضوع الوحدة الوطنية بما فيها الوحدة الترابية. وإن إثارة موضوع الوحدة الترابية لا مندوحة في أن المقصود من ورائه ذود الإعلام عن قضاياه الترابية التاريخية ، بما فيها تلك التي لا تزال لم تُستكمل بعد ، سواء على مستوى الحقوق المشروعة بالأقاليم الجنوبية، أو على مستوى الحقوق التاريخية المشروعة بالمنطقة الشرقية والجنوبية الشرقية، أو على مستوى الأقاليم الشمالية ، وكذا استرجاع المياه الإقليمية بالشمال والجنوب ، ولا شك ان المغرب بعد استكمال أقاليمه الجنوبية سيكون على أتم الاستعداد للنظر في مصير اللجنة المشتركة المحدثة في عهد سابق مع إسبانيا من أجل النظر في القضايا الترابية لكلا البلدين. إن الحديث عن الوحدة الوطنية وعنصرها الترابي يستلزم اليوم استحضار الدسترة الجديدة في الموضوع، والتي عمل الدستور الجديد على دسترة مكونات الهوية الوطنية ، وعلى تحديد مضامين الثوابت الوطنية الخمسة أيضا، والتأكيد على ارتكاز التنظيم الترابي بالمغرب على اللامركزية القائمة على الجهوية المتقدمة كأحد أهم مقومات معالم الجهوية المرتقب تنزيلها على أرض الواقع من خلال القانون التنظيمي المرتقب في المستقبل القريب، وعلى دسترة الحق في الإعلام لأول مرة في تاريخ القانون الدستوري وحقوق افنسان والحريات العامة، وإحداث هيئة حكامة دستورية مكلفة برقابة هذه الحريات المكفولة على مستاوى الإعلام السمعي البصري. 3 وظيفة الإعلام وانعكاساته على القضايا السياسية: تختلف وظيفة الإعلام بشكل عام حسب طبيعة النظام السياسي السائد ، ناميا ومتخلفا كان أو ذا طابع ديموقراطي، حيث أضحت وظيفة الإعلام في البلدان الديموقراطية واضحة المعالم ، وتتجلى في الإسهام في التحول الديمقراطي للمجتمع ، ابتداء من نشر المعرفة إلى توفير المعلومة وخلق نقاش وحوار مجتمعي هادئ بناّء يكون له انعكاس إيجابي على الحياة السياسية ، وكذا الإسهام في نشر مبادئ وقيم الديموقراطية والسهر على تتبعها ومرقابة سريانها في دواليب الدولة ومؤسساتها وأخيرا إسهام الإعلام في صنع القرار والتأثير عليه بشكل أو بآخر. وبخصوص أهمية الإعلام وخطورته تم التأكيد على أن الإعلام هو سلطة رابعة في البلدان الديموقراطية التي تعرف فصل السلط، يراقب مدى تعاون أو حكر السلط ، كما أنه أحد الوسائل الفعالة لتنفيذ السياسات الخارجية للدول، التي يمارسها رئيس الدولة والبرلمان، والحكومة من خلال وزارة الخارجية وسفاراتها بتحقيق اهداف الدولة من خلال سياسة إعلامية واضحة المعالم. ويمكن التذكير بأمثلة مؤثرة للإعلام بشكل عام والتي كان له فيه دور خطير في تغيير بلزعزعة موازين القوى في بعض البلدان، مثل العمل على إسقاط بعض الحكومات ، كما حدث بشأن قضية "ووترغيت" بالولاياتالمتحدةالأمريكية ، التي ترتب عنها استقالة الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون" سنة 1974، على إثر تجسسه على الحزب الديموقراطي، وكذا دور الإعلام في حرب الفيتنام ، بعد نقله صور جثت الجيش الأمريكي ، والتي ترتب عنها التذمر الواسع للرأي العام الأمريكي الذي طالب بوقف تلك الحرب المدمرة ، مما خلّف تأثيرا على سلبيا على صانعي القرار وأركان الحرب والجيش ، وتسبب في انهزام الجيش الأمريكي في تلك الحرب، ومنذ ذلك الحين قررت القيادة الأمريكية فرض رقابة على كل الصور والتقارير الإخبارية الواردة من الخارج بشأن المعارك العسكرية التي تخوضها الولاياتالمتحدةالأمريكية ، وهو ما حصل بشأن حربي الخليج الثانية ، والحرب من أجل احتلال العراق مع قوات التحالف، والتي بعدما تم التشويه فيه بالجنود العراقيين وإشاعة توفرهم على سلاح نووي وصواريخ عابرة للقارات تهدد الولاياتالمتحدةالأمريكية ذاتها خصص البنتاغون والكونغريس 150 مليار دولار من أجل التسويق الإعلامي للهجوم الأمريكي على العراق، وهو نفس الدور الذي قام به الإعلام أثناء حادثة تشيرنوبيل الخطيرة سنة 1986 ، بعد فضح القمر الاصطناعي "سبوط" عملية انفجار المفاعل النووي وإبراز حجم التسربات النووية وانتشارها على الأراضي الروسية والأوربية المجاورة ، وهو ما تذمر بسببه الروس ساخطين على الصمت الحكومي الخطير ، مما أى إلى بروز سياسات روسية جديدة تعمل على تطبيق سياسة الشفافية من خلال "البروسترويكا والغلاسنوست"، وهو ما حصل أيضا بالنسبة للإعلام أثناء ثورة شعب رومانيا سنة 1989 إنهاء لحكم الديكتاتور "تشاوشيسكو" حينما عمل الثوار بعد احتلالهم مقر التلفزيون على القيام بالبث الحي بنقل الثورة تلفزيا، دون إغفال دور الإعلام الإلكتروني سنة 2011 في بلدان شمال إفريقيا أثناء الحراك العربي . 4 واقع وتحديات من أجل إعلام خادم للوحدة الوطنية: وبخصوص واقع الإعلام المغربي بشأن الوحدة الوطنية المغرب ، يتعين الإشارة إلى أنقوة وسائل الإعلام الوطنية على مستوى القضايا العامة هي أمر لا شك فيها ، لكن على مستوى قضية وحدة المغرب الترابية والوطنية أضحى من اللازم مضاعفة الجهود بشأنها إذ لا يزال تأثيرها على المستوى الخارجي متواضعا، كلما كانت الرغبة ملحة في التصدي للماكينة الإعلامية الجزائرية. بعدما وظّفت الدولة الإعلام المكتوب في العقود الثلاثة الأولى من استقلال المغرب ، التجأت إلى الإعلام السمعي البصري في أكثر من مناسبة لجعله في مقدمة المدافعين عن ثوابت المغرب وهويته الوطنية ، حينما شعرت بوجود نقاش في الساحة السياسية بشأن البعض منها ، وهكذا حينما كانت الحاجة ماسة إلى مضاعفة الجهود من أجل ترسيخ مقومات العنصر الديني تم إحداث كل من إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم وقناة السادسة، وحينما شرع اعطى جلالة الملك انطلاقة الاعتراف بالثقافة الأمازيغية بأجدير وأحدث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تم إحداث قناة الأمازيغية، وهو نفس الشعور بالنسبة للوحدة الترابية، حيث تم إحداث كل من الإذاعتين: العيون (1974/1975) والداخلة (1980) الجهويتين ثم قناة العيون كأول قناة تلفزية جهوية بالمغرب . لا شك أن الرغبة الأكيدة والملحة في المطالبة بدعم وتقوية مختلف أنواع الإعلام المغربي هي من أجل صد المناورات الخطيرة لإعلام الخصوم، حيث بدا واضحا ان ثمة اكثر من جهة إعلامية أجنبية تتربص بوحدتنا الوطنية الترابية واللغوية والمجتمعية والدينية والسياسية والمجالية والثقافية وغيرها، وفي مقدمتها الإعلام الجزائري، الذي أسس إذاعة الجمهورية الوهمية سنة 1975 حاملا إياها على شاحنتين عسكريتين ، مباشرة بعد استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، ويعمل منذ ذلك الوقت على تشويه الحقائق والتشهير بالمغرب في مختلف المنابر الدولية، إلى حد تأويله المغلوط لمختلف المبادرات الإيجابية التي يعلن عنها المغرب كمسألة فتح المغرب للحدود الشرقية وإزالة التأشيرة عن الجزائريين مثلا ، وكذا تأويله المغلوط لقرارات مجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية، بل توجهه اللامسؤول إلى حد دعم إسبانيا في الخلافات الثنائية مع المغرب ، كما كان الشأن في قضية جزيرة "ليلى" المتواجدة على التراب المغربي. ومن بين ما يتعين الإعداد له إعلاميا ودبلوماسيا الإعلام الإسباني ، الذي ينشط في بث الإشاعات الخطيرة ضد المغرب، كإشاعات وكالة الأنباء الإسبانية أثناء الادعاء بما يقوم به المغرب ضد "البوليساريو" من خلال بث صورة لأطفال فلسطينيين من ضحايا غزة، والتدخل اللامسؤول للصحافة الإسبانية في أحداث "أكديم إزيك" بمدينة العيون، بشكل أثرت فيه على قناعة بعض دول الاتحاد الأوربي، التي نادت بضرورة توسيع صلاحيات المينورسو، إلى حد تجرؤ قناة "أنتينا 3″ الإسبانية نشر صور ضحايا إحدى الجرائم البشعة التي وقعت بالدار البيضاء بتاريخ 26 يناير 2010، والادعاء على انها لمواطنين صحراويين سقطوا ضحايا أحداث مخيم أكديم أزيك، وهو ما كذبته مؤخرا المحكمة الابتدائية ببروكسيل ، وحكمها على القناة بتعويض العائلة المغربية المتضررة المقيمة بالبيضاء ب 215 ألف أورو. إن حجم المسؤولية السياسية والإعلامية كبير على الدولة في النهوض من أجل دعم مختلف المنابر الإعلامية الوطنية للرد على المزاعم والادعاءات الي تنفثها كل من وسائل إعلام الكيان الوهمي "البوليساريو" وإعلام الجزائر وإسبانيا ، والتي غالبا ما تركز خطأ وبشكل مقصود على انتهاك المغرب لحقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية، ويبدو بأن حان الوقت إضافة إلى الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي الاعتماد على الإعلام الإلكتروني، حيث أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم إحدى أهم الوسائل التواصلية المستعملة بالأقاليم الجنوبية، حيث يلجأ إليها مواطنو المنطقة وخاصة الشباب منهم بشكل كبير وباللغات الثلاث :العربية والإسبانية والفرنسية، مما يتعين معه على الحكومة من خلال وزارة الاتصال توفير المعلومة بشكل يومي ومتواصل، حتى يتم تبادلها بشكل سهل فيما بين ساكنة المنطقة بشأن ما يروج وما تعتزم الدولة القيام به من منجزات بالمنطقة لدحض ترهات الخصوم. 5 استنتاجات من أجل إعلام مغربي قوي بشأن القضية الوطنية: بات واضحا ضرورة تدعيم مختلف وسائل الإعلام الوطنية وبكافة اللغات في موضوع الوحدة الترابية الوطنية ، حيث بدا واضحا تواضع إعلامنا الوطني على المستوى الخارجي ، خلافا للخصوم الذين يركزون بشكل كبير على الإعلام الخارجي، إذ تبين أن المعركة هي معركة خارجية يتعين فيها التضييق على الإعلام الجزائري والإسباني، وهو ما يتعين فيه اليوم مثلا توظيف الزيارات الملكية لمختلف بلدان العالم (الولاياتالمتحدةالأمريكية والخليج وإفريقيا..) ، والتي يتم فيها إقناع هذه الأقطار بعدالة الموقف المغربي في مختلف المجالات الحيوية بما فيها قضية الأقاليم الجنوبية . إن ما نعلمه بالمغرب أن إعلامنا الوطني ليس كإعلام الدول المتقدمة له من الإمكانيات والقدرات ما يسمح له بأن يؤثر بشكل أو بآخر في المشهد السياسي الداخلي والخارجي، لكن بالرغم من ذلك وحتى لا نستهين بواقعنا الإعلامي يتعين استخلاص أن ما يقوم به الإعلام المغربي بالرغم من تواضعه هو إنجاز مهم يتعين، حيث بعد تنكيله بالنظام الجزائري وفضحه امام الرأي العام الدولي ، فوّت على الجزائر فرصة إحقاقها لما كانت تحلم به من سياسة توسعية ، إلى حد فضحه لها بأنها اليوم ذاك الرجل المريض الذي لم يعد يقوى حتى على تصدير أزماته، وأنه فاشل في تحقيق حتى ما هو مكلّف به على الصعيد الداخلي ، إن ما يبرهن على قوة إعلامنا بالرغم من تواضعه في منظورنا هو تصريحات الجهات الرسمية الجزائرية التي تعلن من حين لآخر انزعاجها من التصريحات الإعلامية الأخيرة ، وما يثبت ذلك هو أن الجزائر كانت تشترط دائما مسألة وقف الحملات الإعلامية ضمن شروطها من اجل فتح الحدود الشرقية. إن المغرب مطالب اليوم بتغيير سياسته الإعلامية، والانتقال بها من سياسة إعلام دفاعي وإعلام رد الفعل إلى إعلام ذي القدرة الهجومية، في إطار استراتيجية إعلامية واضحة للدولة في موضوع والوحدة الترابية والوطنية ، وذلك بتوفير الإمكانيات المادية والمعنوية والمعلومات والمعطيات اللازمة من أجل حضور المنتديات الدولية والتصدي لطروحات الخصوم، وهو ما يفرض اليوم على المغرب ضرورة تجاوزه التدبير التقليدي لملف الوحدة الترابية، ونهج سياسة تشاركية في وضع معالم استراتيجية تواصلية سياسية واضحة في مرحلة السلم أو أثناء الأزمات التي يفتعلها الخصوم بهذا الشأن، وذلك تفعيلا لمضامين الخطاب الملكي الأخير لذكرى المسيرة الخضراء في 6 نونبر 2013 ، والذي وضع جلالة الملك مسؤولية عظمى على كافة الفاعلين بما فيهم الإعلام بجانب باقي المؤسسات الدستورية من أجل الذود على قضية الوحدة الترابية بشكل مسؤول. من حق الإعلام المغربي تحمل مسؤوليته كاملة في إثارة موضوع الوحدة الترابية في مختلف المنتديات وتحليل المواقف الحكومية وغير الحكومية بما يلزم من الموضوعية والمسؤولية ، بما في ذلك حق هذا الإعلام في توجيه ملاحظاته وانتقاداته البناءة للجهات الحكومية عند إساءتها تدبير أحد عناصر الملف ، دون أن يُفهم من تلك الانتقادات خدش أو المس بالوحدة الترابية ، انطلاقا من ربط المسوؤلية بالمساءلة. إن الخلاصة الأساسية التي يمكن الخروج بها مما سلف ، هي أن الإعلام انطلاقا من كونه قوة أساسية في المعادلة ، حان الوقت لتحيين سياسة الدولة الإعلامية تجاه الوحدة الترابية ، حيث بات من الضروري الانتقال إلى ذاك الإعلام الذي لا يقتصر على الإخبار والتثقيف والترفيه بل يقوى بدعم الدولة على أداة تعبئة المواطنين في القضايا العامة والتأثير على التوجهات السياسية الخاطئة لاستراتيجية الدولة في الإعلام وغيره، كما أن الحاجة باتت أكيدة إلى إعلام متخصص في قضايا الوحدة الترابية، وإلى إحداث قسم خاص بإعلام الأزمة بهذا الشأن ، تفاديا لما تقع فيه الحكومة المغربية من ارتباك من حين لآخر ، كما كان الشأن مثلا في قضية أميناتو حيدر وقضية أكديم إزيك وغيرها . لا شك أن الدبلوماسية المغربية تبذل مجهودا كبيرا في الدفاع عن عدالة الموقف المغربي بشأن قضية وحدتنا الترابية والوطنية ، وهو ما نصفق له ونثمنه أحيانا ، وما ننتقده أحيانا أخرى دون أن يكون لذلك الانتقاد أي تأثير على سير الدفاع عن القضية الوطنية ، إلا ان السياق الدولي الجديد بات يفرض ضرورة تجاوز التدبير الدبلوماسي التقليدي لملف القضية الوطنية، حيث يتبين أن الدول العظمى ذاتها ابتكرت ما تصطلح عليه اليوم ب"الدبلوماسية الرقمية". إن المغاربة وهم يهيبون بمجهودات الدبلوماسية المغربية بالخارج ، بالرغم من الإمكانات المحدودة ، أضحت اليوم ملزمة بدعم المكاتب الإعلامية بسفاراتها بالخارج على المستوى الرقمي والإلكتروني، وذلك بإحداث الدولة لموقع إلكتروني خاص بقضية الوحدة الترابية، مما يتعين تدعيمه بالمعلومات اللازمة والأساسية التي من شأنها إفادة الماكينة الإعلامية المغربية، كما من المتعين العمل أيضا على دعم الآلة الإعلامية الوطنية لمخاطبة الخارج بدرجة أساسية، من منطلق أن المعركة هي معركة إقناع الخارج، وخاصة ضد الآلة الإعلامية الجزائرية النشيطة في التضييق على المغرب وقضاياه العادلة. إن الدبلوماسية تعرف في الظروف الراهنة تطورات هامة ، حيث برز في العقود الأخيرة ما يُعرف منها بالدبلوماسية الإعلامية كدبلوماسية موازية، يقوم فيها الإعلام من خلال تطوره التكنولوجي بلعب دور أساسي وطلائعي في الدفاع عن القضايا الوطنية من زاويته كسلطة رابعة مؤثرة وفاعلة في الحياة السياسية الداخلية والدولية. لا ينازع أحد في ان الدولة المغربية وهي تقوم بالعديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كسبت ثقة المجتمع الدولي ونالت رضاه في مختلف أوراش التنمية والديموقراطية التي شرع فيها منذ تولي جلالة الملك محمد السادس الحكم ، حيث كان لهذه الأوراش التنموية تأثير على الاستقرار والسلم ليسس بالمغرب بل حتى في منطقة شمال إفريقيا، خلافا لما هو عليه الأمر لدى الدول المجاورة ، وهذا التأثير الإيجابي انعكس على قضية الوحدة الترابية ، التي لا يزال المغرب ينادي في مفاوضاته مع الأممالمتحدة استعداده لتنزيل الحكم الذاتي في إطار الجهوية المتقدمة ، كلما رغبت الأطراف المتنازعة بهذا الشأن حل المشكل بشكل عادل ونهائي، وهو ما نخلص معه المغرب مطالب منه مواصلة السير قدما في دمقرطة حياته السياسية الداخلية بشكل أفضل ، حيث أن المسيرة الديموقراطية التي ينهجها المغرب ستبقى صمام أمان وخير ضمان على صوابية ومصداقية الطرح المغربي العادل، لأن القوة الناعمة المقنعة للخارج اليوم ، تتجلى في هذا المشروع السياسي الديموقراطي الذي ينهجه المغرب بشكل هادئ ورزين امام الرأي العام الدولي . [email protected] (حقوق الطبع محفوظة) الدكتور بوشعيب اوعبي 22 فبراير 2014 a id="ssba_email_share" href="mailto:?Subject="الإعلام والوحدة الوطنية" بمناسبة انعقاد الملتقى الوطني الخامس لنادي الصحافة صفرو&Body= http://taza-today.info/2014/03/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%b3%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%b9/"