مرة أخرى يثور الجدل في أوساط المواطنين بسبب تقديم عقارب الساعة ستين دقيقة طيلة ستة أشهر، جدل مشوب بالاستياء والاستنكار والسخط، كل مواطن يدلي بأسباب عدم رضاه على تغيير التوقيت، فهذا يقول بأنه ليس لعبة بيد غيره، يحركها متى يشاء، والآخر يرى أن ساعته البيولوجية التي تحرك رأسه وكيانه ترفض الانسجام مع تحريك عقارب ساعته، وآخرون قلقون على أبنائهم الصغار الذين سيصعب عليهم التكيف كل صباح مع هذا التوقيت الجديد، وهم يستعدون للفترة الصباحية من الدراسة، وشريحة عريضة من سكان القرى والجبال ممن يقطع أبناؤهم عشرات الكيلومترات مشيا على الأقدام للالتحاق بمدارسهم أصبح عليهم مغادرة بُيُوتهم في جنح الظلام. ولعل ما يميز هذا الجدل الدائر بين المواطنين بسبب التوقيت الصيفي هو الإجماع على رفضه، رغم أن الأسباب والتعليلات مختلفة. وتكاد معظم أسباب الرفض تتفق على تسييس قرار الحكومة تطبيق نظام التوقيت الصيفي، وربط هذا الرفض بالإداء الحكومي، وهؤلاء رغم أنهم مقتنعون بفكرة ترشيد الطاقة، فهم يذهبون إلى المبالغ المالية التي ستنجح الحكومة في توفيرها من هذا التوقيت الجديد، هي أقل بكثير من تلك التي تم اختلاسها وتبديدها من المال العام للدولة، أو التي تم تهريبها إلى الخارج، وأنه لو تخلى بنكيران عن سياسة عفا الله عما سلف، وحرص على استرجاع الأموال المنهوبة، وعملت محاكم جرائم الأموال على تسريع وتيرة الملفات المعروضة عليها حاليا، وأحالت وزارة العدل والحريات ملفات المجلس الأعلى للحسابات على القضاء، وتم تنفيذ أحكام محكمة العدل الخاصة قبل إلغائها، وهي بالملايير، لَمَا لجأت الحكومة إلى هذا القرار، الذي يهدف إلى اقتصاد الطاقة قبل أن يهدف إلى تقريب التوقيت من نظيره الأوربي. هكذا ينظر المواطنون إلى التوقيت الجديد، يربطونه بالسياسة الحكومية، ويرون بأنهم عبارة عن مشجب تعلق عليه الحكومة فشلها، بل إنهم يؤكدون أنه كان على الحكومة نهج أكثر من طريقة للترشيد والحفاظ على المال العام، من خلال التحلي بالشجاعة الحقيقية لمحاربة هدر مال الدولة عوض إصدارالقرارات والمراسيم التي تظل حبرا على ورق كالمتعلقة باستعمال واستغلال السيارات الحكومية لأغراض شخصية، ومحاربة هدر المال العام، وسن حقيقي لتكافؤ الفرص، وغير ذلك من القرارات. لو لمس المواطنون ان الحكومة انخرطت فعلا في سياسة الإصلاح لما أثير هذا الجدل القديم مرة أخرى، بل على العكس من ذلك فلربما باركوا بالإجماع قرار التوقيت الصيفي، بل قد يتدافعون إلى تطبيقه ولو بزيادة الساعة إلى ساعتين أو أكثر ليقينهم بأن ذلك سيعود بالمنفعة على وطنهم. أما في حالة تشبث الحكومة بسياسة »عفا الله عما سلف«، فإن المواطنين سيظلون متشبثين بالاستياء والاستنكار، رافضين لهذه القرارات الترقيعية، مرددين أن الساعة هي ساعة الله التي أراد سبحانه للمغرب أن يكون في خط غرينيتش، لا ساعة الحكومة التي تريد أن تُنَغِّصَ عليهم طريقة عيشهم.