بعد مرور أزيد من سنتين على الإصلاح الدستوري الذي علق عليه المغاربة آمالا كبيرة لتحقيق تحول ديموقراطي حقيقي في مختلف المجالات ، بما فيها المجال المرتبط بحقوق الانسان وفي ظل الاحتفال بالذكرى الخمسينية على أول تجربة نيابية عرفها المغرب المستقل في سنة 1963 من حق المغاربة أن يتساءلوا بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للحقوق الانسان عن مدى التزام الحكومة والبرلمان بالتفعيل السليم للدستور فيما يخص تعزيز مبادئ حقوق الانسان كما هو متعارف عليها دوليا وتكريس قيمها وترجمتها في الواقع الملموس حتى لا تظل مجرد مقتضيات دستورية بدون قيمة قانونية على أرض الواقع. ماهي الإجراءات المصاحبة المتخذة من أجل ترسيخ دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم ؟ ماهي التدابير المتخذة لحماية منظومتي حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني والنهوض بهما والاسهام بتطويرهما ؟ إلى أي حد أصبحت الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب تسمو على التشريعات الوطنية ومدى ملاءمة هده التشريعات مع ما تتطلبه هذه الاتفاقيات ؟ إلى أي حد عملت السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم ومشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ؟ ماهي الاجراءات المصاحبة المتخذة من أجل أن تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام والمنظمات غير حكومية، في إطار الديموقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية وكذا في تفعيلها وتقييمها ؟ لماذا لم يتم بعد إخراج القانون التنظيمي الذي بموجبه يمارس المواطنون الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع وعرائض الى السلطات العمومية ؟ لماذا لم يتم بعد إخراج القانون المتعلق بحق المواطنين في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الادارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بالمرفق العام ؟ إذا كانت الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية مطالبة بالعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين على قدم المساواة من الحق في العلاج والعناية الصحية، الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية ، التعليم والتكوين السكن اللائق الشغل ، التنمية المستدامة وغيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كما هو منصوص عليها في الفصل 31 من الدستور ، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه بإلحاح : إلى أي مدى تمكنت الدولة من تحقيق هذه الأهداف ؟ وكذلك الشأن بالنسبة لضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة ، بما فيهم الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة وكذا توفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الاطفال ؟ لماذا تعطل ميثاق المرافق العمومية الذي يحدد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الادارات العمومية والجهات والجماعات الترابية والأجهزة العمومية بما يضمن حق المواطنين في ولوج المرافق العمومية على أساس المساواة ومعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية وفقا لمبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة ؟ إذا كان الفصل 120 من الدستور قد نص على حق كل شخص في محاكمة عادلة، فلا بد من التساؤل عن الاجراءات القانونية والتنظيمية والادارية الكفيلة بتحقيق هذا المبتغى ؟ ماهي التدابير التي تم اتخاذها إلى حد الآن لمكافحة مظاهر الشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز والقضاء على مختلف أنواع الفساد واقتصاد الريع والاثراء غير المشروع باعتباره يضرب في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص ؟ ماهي الاجراءات القانونية والتنظيمية والادارية الكفيلة بتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ؟ إنها أسئلة وغيرها تطرح نفسها بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان كما هو متعارف عليها دوليا المدنية منها والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، بما يضمن تحصين البلاد بإعطاء هذه الحقوق مدلولها الحقيقي .