لم يكن القرار الذي اتخذته حكومة بنكيران في اعتماد المقايسة بخصوص أثمنة المحروقات كما ادعى السيد محمد نجيب بوليف، بل إنه كان ولايزال مطلبا ملحا من مطالب وإملاءات صندوق النقد الدولي الذي يطالب المغرب بإلغاء صندوق المقاصة ودعم المواد الأساسية. وليست في تطبيق المقايسة في الواقع سوى زيادة مقنعة في كل المواد الأساسية على اعتبار أن المقياس الأساسي المتحكم في الأسعار هو ثمن المحروقات، ولا أدل على ذلك الزيادات في أثمنة العديد من المواد الاستهلاكية والنقل إلى الزيادة في أثمنة المحروقات. ولم تمر هذه الزيادات دون ردة فعل، فقد عبرت العديد من الأحزاب السياسية الوازنة والنقابات عبر تظاهرات حاشدة عن انشغالها بهذا الوضع ورفضها لهذه الهجمة على القدرة الشرائية للطبقات الأقل حظا في المجتمع المغربي. وفي محاولة لتجنب غضب شعبي أمام زيادات محتملة لأثمنة المحروقات تبحث حكومة بنكيران عن مخارج لهذا المأزق. هكذا وفي تكتم شديد وحسب ما أعلنته جريدة »فايننشال تايمز« أن المغرب عقد اتفاقا ملحقا لبورصة »وول ستريت« من أجل تغطية الزيادة في أثمنة البترول في السوق الدولي. وللإشارة، فإن مشتريات المغرب من المحروقات كان يقوم بتغطيتها البنك المغربي للتجارة الخارجية الذي يتعاون مع كل من »باركلايس« و»مورغان ستاتلي« وهذه الأبناك كانت تحصل على تأمين عن المخاطر والمعاملات المنجزة تغطي جزءا من استهلاك المحروقات في المغرب لما تبقى من سنة 2013 والذي يتراوح بين 50 و60 مليون دولار. وحسب جريدة الفايننشال تايمز فإن المغرب اشترى صيغا أوروبية لشراء الديازيل وهي الصيغة التي تعطيه حق اقتناء المحروقات بثمن محدد مسبقا على امتداد باقي السنة مما يجنبه الارتفاعات المحتملة والمفاجئة لأثمنة المحروقات. وهذا الاتفاق يمكن المغرب أيضا من الاستفادة من التخبط إذا نزل سعر النفط عالميا. ومن المثير أن حكومة بنكيران تجري هذه الاتفاقيات في سرية تامة. ويبدو من خلال هذه الإجراءات أن حكومة بنكيران تواجه في آن معا الضغط الشعبي والمعارضة التي لا تقبل بمزيد من الهجوم على القدرة الشرائية للفئات الفقيرة، ومن جهة ثانية تواجه إملاءات المؤسسات المالية الدولية خاصة صندوق النقد الدولي الذي انتقد بطء الإصلاحات المطلوبة.