إذا كانت العديد من البرامج الإذاعية التي تقدمها الإذاعة الوطنية المركزية تحمل هموم الأغنية المغربية بمجهودات مثيرة للإعجاب، فهذا لا يعني أن تخرج البعض منها من قبيل برنامج ،أذيع ليلة 4 نونبر الجاري ليلا ولمدة ساعتين عن المواجع الحقيقية التي تعاني منها هذه الأغنية، بفسح المجال في الحديث وبإسهاب عن دور شركات الإنتاج والقطاع الخاص في هذه الأغنية لمنظور غلب عليه طرح مشاكل هذه الشركات أكثر من التطرف أو التعمق في القضايا الشائكة للأغنية موضوع هذا البرنامج، الشيء الذي اختلط فيه الأمر على المستمعين بين من المعني هل الأغنية ومشاكلها أو قضايا هذه الشركات المنتجة لهذه (الأغنية)، وأي أغنية..!؟ إننا حين نتطرق لمناقشة برنامج ما ، فنحن نريد أن نخرج منه المستمع المتلقي بتصور واضح ومفيد عن محاوره التي تعرف النقاش. كما أن المعنيين بأمر هذه الأغنية من فنانين وكتاب كلمات وعازفين، يهمهم أكثر طرح قضاياهم الحقيقية بعيداً عن العموميات وتكرار كلام قيل وردد بدون فائدة. كم نتمنى أن تعرف البرامج الفنية والمهتمة بصفة خاصة بالأغنية المغربية نوعا من الجرأة الموضوعية التي تدخل أعماق مشاكلها، بدءاً من دواعي حل الأجواق الوطنية التي كانت رافداً للفنانين للإستمرار في إنتاجاتهم، ومروراً بحذف التعاقدات التي كانت مبررة مع الملحنين خارج الإذاعة بتقديم عدد معين من الأغاني سنوياً وإنتهاء برعاية الأصوات الغنائية الجديدة التي كان يتعهد بها الملحنون الرسميون بأجواق الاذاعة المركزية والاذاعات الجهوية، وأخيرا بتقوية لجن الكلمات والألحان لسد الطريق عن هبوط المستوى. أمام شركات الإنتاج والقطاع الخاص ، مادام أن همها الربح ، فبالشركة الوطنية خبراء قادرون على التعاقد معها لمنتوجات إذاعية جيدة من مختلف الأصناف الغنائية، أما أن نترك الفنان وجها لوجه مع المنتجين، فإن لهؤلاء منطق واحد هو ما يقبله السوق،، بمعنى أن مبدع الأغنية المغربية الجادة الملتزمة عليه أن ينتظر زمنا غير هذا الزمن.