عرف قطاع السياحة بمدينة أكادير، انتعاشا ملحوظا خلال شهر غشت، فبعد الركود النسبي المسجل خلال شهر رمضان المعظم المعروف بعاداته التعبدية والغذائية المختلفة بالمقارنة مع باقي الشهور، عادت السياحة لتنتعش من جديد، حيث يؤكد بعض المهنيين أن الوجهة السياحية الثانية بالمغرب، سجلت مباشرة بعد عيد الفطر، تدفقا غير مسبوق للوافدين سواء على مستوى السياحة الداخلية أو الخارجية، وحققت معظم الفنادق المصنفة وغير المصنفة نسبة ملء كامل، بالإضافة إلى ارتفاع الإقبال على الشقق المفروشة من قبل الأسر المغربية بالخصوص، ومن مظاهر هذا الانتعاش الضغط الكبير على مستوى حركة السير بسبب ارتفاع عدد السيارات الوافدة وامتلاء جنبات الشوارع عن آخرها بالعربات المركونة وأصبحت أكادير فعلا مدينة لا تنام. ويظهر من المعطيات الأولية غير الرسمية أن هذا الارتفاع تجاوز نسبة مائة في المائة بالمقارنة مع الشهر الماضي، ويفيد المهنيون أن مدينة أكادير قادرة على استقبال المزيد من الوافدين عليها، لو أن السلطات المحلية والأجهزة المنتخبة ممثلة في المجلس البلدي، قامت باتخاذ التدابير الضرورية للتغلب على الصعوبات والإكراهات، وساهمت في الإسراع بتجديد الفنادق المغلقة وفتحها أمام الزوار، وتسهيل المساطر الإدارية ومأمورية التمويل أمام من يرغب في القيام بذلك. ويبرز هؤلاء المهنيون أن الاستمرار في إغلاق العديد من الوحدات الفندقية لأسباب مختلفة، يتسبب في خسائر فادحة لخزينة الدولة من العملة الصعبة، بالإضافة إلى الخسائر التي يتكبدها أصحاب هذه الوحدات كفندق السلام والقصبة، ولا يقتصر الأمر على الوحدات التي هي ملك الخواص، بل يتعداه إلى الوحدات التابعة للدولة كما هو الشأن بالنسبة لفندق عبر المحيط الموجود في موقع استراتيجي، إلا أنه أغلق منذ عدة سنوات دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء عملية الإغلاق، والخطير في الأمر أن هذه الوحدات أصبحت تتعرض بناياتها للتخريب وتجهيزاتها للنهب. ويشير المهنيون إلى أن مدينة أكادير المصنفة كوجهة سياحية متقدمة، مازالت تعاني من إكراهات هيكلية على مستوى تدبير القطاع السياحي بعلاقاته بمختلف الأنشطة ذات الصلة، وفي مقدمتها غياب فضاءات التنشيط والترفيه التي بإمكانها إغراء السياح على الخروج من الفنادق والاستفادة من هذه الأنشطة والانخراط في فضاءات المدينة، وحتى ساحة الأمل التي كان من المفروض أن تشكل متنفسا حقيقيا لمثل هذه الأنشطة والعمل على جعلها شبيهة بفضاء جامع الفنا بمراكش، أقدم رئيس المجلس البلدي على تخصيصها لموقف السيارات، حيث اختار الرئيس الحل الأسهل لمشكلة غياب موقف منظم للسيارات يستجيب لمقومات المدينة السياحية، علما بأن هذه الساحة تعتبر هبة ملكية لمجلس العمالة، إلا أنه تم تفويتها للمجلس البلدي في ظروف غامضة .. وتبرز معطيات المجلس الجهوي للسياحة بأكادير أنه بالرغم من جميع الإكراهات والصعوبات، فقد استطاعت وجهة أكادير أن تتصدى لتداعيات الأزمة العالمية على المستوى السياحي، وتفيد في هذا المجال، أن الستة أشهر الأولى من السنة الجارية سجلت ارتفاعا بنسبة 11.36 في المائة في عدد السياح الوافدين، وبنسبة 12.23 في المائة في عدد ليالي المبيت، كما أن نسبة الملء في الفنادق سجلت هي الأخرى ارتفاعا بنسبة 51.28 في المائة مقارنة مع 44.66 في المائة المسجلة خلال الفترة نفسها من سنة 2012. ويوضح المجلس الجهوي للسياحة بأكادير أن هناك مجموعة من نقط الضعف التي يجب التغلب عليها، ومنها المشكل المتعلق بالتراجع المستمر في الوافدين من السوق الألمانية التي سجلت انخفاضا بنسبة 2.72 بالمائة على مستوى عدد الوافدين، وبنسبة 5.96 بالمائة على ليالي المبيت خلال الفترة نفسها، وفي السياق نفسه يضيف المجلس أنه بالرغم من المراجعة التي همت برنامج « رينوفوطيل في نسخته الثالثة» والمخصص لتمويل عمليات تجديد الوحدات الفندقية، فإن الاستفادة منه ظلت مستحيلة من قبل الصناعة السياحية، خصوصا أمام الفنادق الصغيرة والمتوسطة، والوحدات المعلقة التي تجد نفسها غير قادرة على المشاركة في البرنامج، لما يلزم الأمر من تقديم بيانات الميزانيات العامة، علما أن هذه الفنادق توقفت خدماتها مباشرة بعد الإغلاق، وكانت النتيجة هي رفض البنوك لملفاتها المتعلقة بالتجديد، وعلى هذا الأساس يستوجب الأمر إيجاد آليات جديدة للتشجيع هؤلاء المهنيين السياحيين للنهوض بوحداتهم وضمان رقيها وتطوير خدماتها. ويشدد مسؤولو المجلس على ضرورة العمل من أجل بلورة استراتيجية متكاملة لمعالجة المشكل المتعلق النقل الجوي على الصعيد الوطني بشكل عام وعلى صعيد وجهة أكادير السياحية بشكل خاص.