لم تجد الحكومة من وسيلة للتخلص من ورطة الزيادة في سعر الحليب غير الادعاء بأن هذه المادة ليست مشمولة بالدعم العمومي و أن سعر الحليب غير مقنن و أن الشركات المعنية هي التي قررت الزيادة ، الحكومة بهذا التبرير سعت جاهدة إلى تبرئة ذمتها من هذه الضربة الجديدة للقدرة الشرائية للمواطنين ، و بالتالي تجنبت تحمل مسؤوليتها الكاملة ، و هذا سلوك عادة ما يصدر عن الحكومات الضعيفة ، المترددة ، الخائفة . و لكن مع كل ذلك ليس هذا هو المهم في تبرير الحكومة ، بل الأهم و الأخطر في هذا التبرير الواهن أن الحكومة تحرض باقي الشركات المنتجة للمواد الاستهلاكية و الخدماتية على الزيادة في الأسعار ، فحينما تقول بأن الشركات المنتجة للحليب هي التي قررت الزيادة ، فإنها تعلن رسميا و علنيا للشركات بأنها لا تتدخل في قرارات الشركات المتعلقة بالزيادة ، و بذلك فإن الحكومة تطلق يد الشركات للعبث في القدرة الشرائية للمواطنين ، و هذا تصرف يكتسي خطورة بالغة للغاية . طبعا ، لا يمكن لعاقل أن يتصور لحظة واحدة أن الحكومة لم تكن على علم بقرار الزيادة ، و إذا ما حصل هذا الأمر فعلا ، فإن حكومة الأستاذ بنكيران ستكون أحسن و أعظم حكومة عرفتها البشرية في نظر الشركات المنتجة للحليب في المغرب ، لا ، الحكومة كانت على علم بالزيادة و وافقت عليها ، و وافقت على توقيت إعلانها الذي يصادف شهر العطل بالنسبة للجميع ، لكنها مع كامل الأسف لم تتحمل مسؤوليتها ، و لن نأمل في تدخل الحكومة ليستفيد الفلاح الصغير من هذه الزيادة ، لأنها أعلنت رسميا استقالتها من هذه القضية .