وجه رئيس الهيئة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان وهي هيئة حقوقية رسمية بالجزائر اتهامات مباشرة للمغرب مفادها أن الرباط تستعمل المُخدرات كسلاح ضد الجزائر. وأكد فاروق قسنطيني في حوار بثته وكالة الأنباء الجزائرية و تداولته على نطاق واسع الصحف الجزائرية الصادرة أول أمس أن من واجب الدولة الجزائرية،الدفاع عن نفسها ب«مواقف صارمة»لحماية شعبها واقتصادها مبديا في الوقت نفسه استغرابه من بعض الأصوات المطالبة بإعادة فتح الحدود مع المغرب في ظل تفشي ظاهرة تهريب المخدرات قائلا بالحرف «لا نستطيع اعادة فتح الحدود مع المغرب حاليا لأن قوافل المخدرات لاتزال تعبر الجزائر بالقناطير». وتواترت خلال الأشهر الأخيرة بلاغات للسلطات الجزائرية تكشف تباعا عن عمليات ضبط شحنات مخدرات تم تسريبها عبر الشريط الحدودي المشترك مع المغرب لكن نفس البلاغات تتفادى في الغالب الاشارة الى هوية مهربيها وجنسيتهم بقدر ما تتعمد تلقائيا في تحميل المسؤولية عنها الى نظيرتها المغربية . وكان وزيرالشؤون الخارجية مراد مدلسي قد صرح قبل أسابيع أن مشكل تهريب المخدرات أصبح «يقلق الجزائر حاليا» مشيرا إلى أن «الجزائر شبه مستهدفة». والغريب أن ربط المواقف الرسمية للمسؤولين الجزائرية ملف فتح الحدود البرية بين البلدين الجارين بحل مشكلة تهريب المخدرات يثير العديد من علامات الاستفهام بالنظر الى أن التحليل الأمني المنطقي و الرصين يفترض أن شحنات المخدرات لا تتنقل في أي حال من الأحوال عبر المعابر الحدودية القانونية بل تتسلل عبر الشريط الحدودي المشترك بين البلدين و الذي يمتد على مسافة لا تقل عن 1300كلم . وكانت الخارجية الجزائرية قد رهنت نهاية شهر يونيو الفارط فتح الحدود البرية بين البلدين بمجموعة من الشروط وعلى رأسها التعاون الفعلي للمغرب من أجل إيقاف تدفق التهريب، وخاصة المخدرات وهو ما أثار استغراب و تحفظ الرباط التي إعتبرت شروط الجزائر لا مبررة و غير مفهومة . وبالقدر الذي تتمادى وتتفنن فيه السلطات الجزائرية في إستعمال ورقة المخدرات لاجهاض أي تقارب محتمل بين حكومتي البلدين الجارين فإنها تتعمد تجاهل واقع عشرات آلاف علب الأقراص المهلوسة أو ما يصطلح عليه محليا بالقرقوبي التي تجتاز شهريا المسالك الحدودية لتغرق المغرب بآفة تتجاوز في خطورتها و يفوق وقعها السلبي وآثارها الصحية و الاجتماعية على الأسر المغربية مختلف أنواع المخدرات الأخرى . إن المنطق المتعالي والأخرق الذي يتعامل به حكام الجزائر مع نظرائهم بالرباط في تدبير الملفات الثنائية يعكس بجلاء ثقافة الهيمنة الماضوية المتوارثة عبر حكومات الشقيقة الجزائر المتعاقبة والتي تضع الجار المغربي في مقدمة أولويات السياسة الخارجية الجزائرية المبنية على إرادة الاضعاف و الابتزاز و الاحتواء لاحياء أسطورة المشروع البومدييني المتجاوز و الذي كرس في لاوعي حكام المرادية وهما مبنيا على قناعة أن المغاربة والمغرب يظل العدو الرئيسي و الأوحد في وجه الطموح الجزائري الباحث عن الكبرياء المفقود بفعل عوامل تاريخية و جغرافية متداخلة .