أضحت ظاهرة اكتساح الشوارع والأزقة من طرف الباعة تتخذ أبعادا خطيرة من قبيل احتلال الملك العمومي، وعرقلة سير الراجلين وأصحاب السيارات، والتضييق على الساكنة وازعاجهم في واضحة النهار وتحت أعين السلطة، ولا من يُحرِّك ساكنا. إن هذه الظاهرة، التي استفحلت أكثر بتزامن مع ما سمي ب «الربيع العربي» في إطار نوع من امتصاص حالات العوز والاحتياج والفقر المدقع الناتج عن تراكمات سياسية، مما يُؤشر على حالة من التّسيب والفوضى، وتؤدي في حالات إلى انفلاتات أمنية من خلال مواجهة الباعة مع السلطة، وربما تكون لها عواقب وخيمة حتى على الأمن في مفهومه الضيّق إذا لم تتم معالجة الاختلالات، وإيجاد بدائل حقيقية لأسواق منظمة، مع إعمال القانون بصرامة، وتحميل السلطات المحلية كامل مسؤوليتها، بدءا من عمال الأقاليم والولاة على غرار غضِّ الطرف عن تفريخ دور القصدير في الوقت الذي تُخصص فيه أموال عمومية لمحاربتها وتتحدث الحكومة عن «مخططات للقضاء على البراريك..» إن احتلال الشوارع والأزقة من طرف باعة الخضر والفواكه والملابس وغيرهم ينتج عنه من جهة جرائم بفعل عمليات الاحتكاك بين بعض هؤلاء الباعة والمواطنين، ومن جهة أخرى فإن هذا «السطو» على الطريق العام هو فقط مظهر مُصغّر لما يتعرض له ، على سبيل المثال لا الحصر، جزء من الملك العمومي، بما فيه البحري، من عمليات استنزاف وسطو، حيث مازالت الرمال تُنهب، وحديث عن تفويتات لبقع أرضية بأثمنة زهيدة.. إلخ. وعليه فإن حكومة عبد الاله بنكيران مطالبة أولا ب «تحرير» الشوارع من محتليها، ومحاربة مظاهر الفساد المالي والإداري، انطلاقا مما يتعرض له الملك العمومي من استنزاف، والذي لا علاقة له بعالم العفاريت والتماسيح.