يعرض ببلادنا فيلم من إنتاج مشترك أمريكي إماراتي يحمل عنوان «مندس» (INFILTRE ) تم إنجازه انطلاقا من قصة واقعية من طرف السيناريست و الكاسكادور و المخرج الأمريكي ريك رومان ووغ الذي شارك أيضا في كتابة السيناريو، و قام ببطولته الممثل المشهور بقامته الطويلة و قوته الجسمانية دواين جونسون الذي شخص فيه دور الأب و رجل الأعمال «جون ماتايوس»، و شاركت فيه أيضا بدور قصير الممثلة المقتدرة سوزان ساراندون التي شخصت فيه المدعية الفيدرالية «كيغان»، و شارك فيه أيضا بأداء جيد و مقنع الممثل الشاب جون بيرنطال في دور المستخدم و السجين السابق «دانييل». تدور الأحداث لمدة 112 دقيقة حول رجل الأعمال «جون ماتايوس» الذي يملك شركة متخصصة في البناء و الذي كان يعيش في سعادة تامة مع ابنته الصغيرة و زوجته الثانية، و لكن مصيبة مفاجئة ستصيبه و ستتحول حياته إلى تعاسة و عذاب بعدما أخبرته زوجته السابقة (المطلقة) أن ابنهما «جازون» (الممثل رافي غافرون) البالغ من العمر 18 سنة تم اعتقاله ،في حالة نفسية متدهورة و سيئة، بتهمة الاتجار و ترويج المخدرات التي ستعرضه لعقوبة حبسية لا تقل عن عشر سنوات. لا أحد يعلم في هذا الفيلم أن هذا الإبن الساذج مظلوم و بريء إلا المشاهد الذي يعرف كيف تم توريطه بذكاء و مكر في هذه القضية من طرف أحد أصدقائه الذي أراد بواسطته أن يستفيد من قانون يمكن من تخفيض مدة عقوبة الحبس لكل من ساعد القضاء والتعرف على مروجي المخدرات و إلقاء القبض عليهم. ستقترح المدعية الفيدرالية «كيغان» على هذا الإبن أن يقوم هو أيضا بفضح أسماء مروجي المخدرات الذين يعرفهم و يتعامل معهم مقابل أن تخفض عقوبة حبسه من عشر سنوات إلى سنة واحدة، و لكنه سيرفض رفضا قاطعا أن يقوم بهذا العمل، ليس لعدم رغبته في ذلك، بل لأنه ليس مروجا للمخدرات و لا علاقة له بمروجيها و لا يسمح له ضميره طبعا بتوريط أحد أصدقائه الأبرياء كما حصل له. سيجد الأب نفسه في حيرة و محنة كبيرة جراء التدهور التدريجي و السريع للحالة الصحية لإبنه الذي يحبه كثيرا ، و أيضا جراء ضغوطات و انتقادات و إلحاح زوجته السابقة كي يتدخل عاجلا لإنقاذ ابنهما ، و سيدفع به كل هذا إلى أن يقترح على المدعية الفيدرالية أن يقوم هو نفسه بالمهمة المقترحة على ابنه، و سيقرر رغم تحفظها أن يدخل في مغامرة التعامل مع عصابة مسلحة إجرامية و خطيرة يترأسها المجرم المكسيكي «خوان كارلوس» (الممثل بنجامان برات) ، و هي عصابة متخصصة في ترويج المخدرات و تهريب الأموال إلى المكسيك ، و سيتمكن من إقناع أفراد هذه العصابة الذين سيقبلون بحذر و احتياط و بتساهل أيضا أن يشتغل معهم كسائق يقوم بإحدى شاحنات شركته بنقل الأموال و المخدرات، و سيحاول أن ينجح في هذه المغامرة التي سيعرض فيها حياته و حياة كل أفراد أسرته و مساعديه إلى الخطر، و على رأسهم مستخدمه «دانييل» الذي يشتغل في شركته و الذي سبق له أن كان سجينا بتهمة ترويج المخدرات، و سيقبل أن يشارك معه و أن يساعده في هذه المغامرة مقابل عشرين ألف دولار. يلاحظ أن أصحاب هذا الفيلم أقحموا بكيفية مقصودة و بخلفية تشويهية أحد الأمريكيين المسلمين السود كرئيس فرعي لهذه العصابة الإجرامية و أطلقوا عليه إسم «ماليك» (الممثل مايكل كينيت ويليامس) ، بل إنهم أرادوا عمدا أن يظهروه في لقطات متكررة أثناء احتضاره و موته و هو يحمل السبحة في يده، و الجدير بالذكر أن إحدى الشركات الإماراتية شاركت في إنتاجه. الفيلم حركي و مأساوي، يندد بالمخدرات و بمروجيها و يحذر الآباء و الأمهات من خطورتها و مشاكلها ، و هو لا يختلف في بعض محطاته عن ما سبقت مشاهدته في أفلام أخرى من نفس النوع و الموضوع، هذا النوع الذي لا يموت فيها البطل و لا يقهر و لا يفشل، بل إنه يفلح في تجاوز كل العقبات بعد عناء قليل و تساهل كثير ، و هو فيلم يعتمد فيه على الحركة و الحوار و المؤثرات في محاولة تحريك عواطف المشاهد و إثارته أكثر من الاعتماد على اللمسات الفنية السينمائية في إمتاعه، و هو بذلك لا يختلف كثيرا بشكله و كتابته عن الأفلام أو السلسلات التلفزيونية . القصة محبوكة و لا تخلو بين الحين و الآخر من تقلبات و لحظات توتر و إثارة ، و لا تخلو أيضا من قتل و مطاردة و اصطدامات و طلقات نارية ، كما أن موضوعها مثير بنوعه رغم كونه متناول بسطحية و تساهل و تمطيط. الفيلم متقن طبعا من الناحية التقنية و موفق كذلك على مستوى التشخيص و الكاستين، و هو بمثابة الفيلم الذي يلعب فيه الممثل دواين جونسون لأول مرة دورا جديا مخالفا لأدواره السابقة ، و يلاحظ أيضا أن الممثلة الكبيرة سوزان ساراندون لا تظهر فيه إلا قليلا ، و بالرغم من قصر دورها فإنها كعادتها ممتعة و مقنعة و ذات مصداقية و حضور قوي ، و إن دورها ليس ثانويا ، بل مهم و حاسم في البداية و في النهاية أيضا.