اعتادت زاوية الشيخ سيدي ابراهيم البصير ببني عياط اقليمازيلال، تنظيم ذكرى انتفاضة الزملة لاستكمال الوحدة الترابية في يومي 17 و18 يونيو من كل سنة، على شرف ذكرى أحد أبنائها الفقيد سيدي محمد بصير، الذي قاد هذه الانتفاضة الشهيرة سنة 1970 بمدينة العيونالمحتلة آنذاك من طرف الاستعمار الاسباني. واختارت الزاوية هذه السنة، احياء للذكرى الثالثة والأربعين من اختفاء المجاهد محمد بصير بعد اعتقاله من طرف سلطات الاستعمار الإسباني في سنة 1970، ان يكون محور هذا اللقاء الدولي حول" حقوق الانسان بين الحقيقة والاستغلال" تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين محمد السادس، كرد على ما يجري من تحولات جيوسياسية إقليمية وعربية لخدمة اجندات أجنبية باسم الدفاع عن حقوق الانسان، على اعتبار، أن الاسلام كان سباقا للنشأة الاولى لمبادئ احترام الخلق والطبيعة وترسيخه لحق الدفاع عن المستضعفين وإنصاف المظاليم، وردا أيضا على ما عرفته تطورات النزاع المفتعل حول وحدتنا الترابية، قبل شهور، حين تعالت أبواق مأجورة بتوسيع اختصاصات المينورسو في أقاليمنا الجنوبية. من هو المناضل الوحدوي سيدي محمد بصير؟ اعتبر أبناء أخ الفقيد محمد بصير و بعض أبناء عموته، في تصريحاتهم ل "العلم" أن هذا الرجل الفذ الذي اختفى عن الأنظار، منذ ثلاثة وأربعين عاما ولم يعرف له مصير إبان سيطرة دولة إسبانيا على جزء من أقاليمنا الجنوبية، اختفى بعد ان اعطى دروسا عظيمة في الكفاح السياسي والشعبي داخل الصحراء، هو اليوم واحدا من أبرز النماذج على الانتهاكات الأولى لحقوق الإنسان في صحراء المغرب، إذ قاد ونظم صفوف المقاومة الصحراوية في إبانه، واسس جريدة صحفية كان يوقع ماقالاته بها باسمه او باسم مستعار هو "الصحراوي"، كان يعبر فيها عن مواقفه السياسية برفضه تبعية الصحراء لإسبانيا على الدوام، وقاد انتفاضة العيون الشهيرة، وسجن على إثرها وعذب أصناف التعذيب وذاق أثناءها أشد ألوان الآلام، كما يشهد على ذلك رفيقه في الكفاح السيد أحمد رحال ، واختفى اختفاء قصريا منذ ذلك الحين عام 1970م، وأخفت السلطات الاسبانية جريمتها النكراء ، ومنعت وحالت دون كل من يريد النبش في دهاليز أرشيفها الكبير، لتتيه الحقيقة بين من من يدعي تصفيته ومن يدعي اختفائه، كل هذا يجعل ملف بصيري من الملفات الأولى لانتهاكات حقوق الإنسان في صحراء المغرب من قبل إسبانيا التي صادقت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م. وقال السيد الإدريسي عضو منظمة الطليعة لتحرير الصحراء من الاستعمار الاسباني، خلال الشهادات التي القيت في حق محمد بصير و حول الانتهاكات الحقوقية التي مورست على الصحراويين ابان الاستعمار الاسباني، أن قائده الوحدوي محمد بصير اعطاه التعليمات قبيل الانتفاضة بإحصاء المنخرطين من سائر المناطق، من أجل الاحتكام الى الجماهير إذا ارادت اسبانيا احترام الاغلبية ، وقال: " لقد كلفني شخصيا يوم 17 يونيو 1970 بإلقاء الكلمة باسمه لحث المتظاهرين على الصمود مهما كانت التهديدات..". أفاد أن السلطات الاسبانية فكت المتظاهرين بالرصاص الحي، فسقط العديد من الشهداء والجرحى، كما تم حينها اعتقال الزعيم الوحدوي من بيت أحد أفراد عائلته السيد موسى بصيري، وسيق إلى مخفر الشرطة، ثم نقل الى السجن المركزي بالعيون، الذي كان يسمى بالحبس الشرقي، بعدها تسربت عدة شائعات حوله انه رحل من السجن في أواخر يونيو الى التكنة العسكرية للقوات الاستعمارية الاسبانية شمال وادي الساقية الحمراء وقال البعض انه نقل الى جزر الكاناري، في حين صرح أحد السؤولين العسكريين المتقاعدين أنه أعدم، لكن القوات الاسبانية آنذك روجت أنه فر من السجن ووزعت ساعتها صوره على المراكز الحدودية، وأصدرت في حقه مذكرة بحث. علاقة الزاوية بما هو حقوقي سياسي في ندواتها حول علاقة الزاوية بين ما هو حقوقي، سياسي و ديني ، أوضح في تصريحه ل "العلم"، السيد عبد المغيث بصير، ابن أخ المجاهد محمد بصير، أن احياء الذكرى انتفاضة التي كانت سبب من أسباب اختطافه من طرف القواة الأسبانية آنذاك، هو تجديد نداء آل البصير لمعرفة مصير ابنهم المختفي مند اعتقاله من طرف قوات الإسبانية أبان انتفاضة الزملة ضد الاحتلال الأسباني للأقاليم الجنوبية، وللتذكير بأن الزاوية لا تزال تسير على نفس نهجها منذ تأسيسها في خدمة العرش العلوي وإمارة المؤمنين بالمملكة والدفاع عن الوحدة الترابية، معرجا في مستهل توضيحه على تاريخ الزوايا الدينية المغربية وعلاقتها الوطيدة بالسلاطين الذين تعاقبوا على حكم المغرب الأقصى، لذلك يقول السيد عبد المغيث أن كل ماهو حقوقي،سياسي لا يتجزء عن دور الزاوية التي قاد أحد ابنائها هذه الإنتفاضة كحركة جهادية ضد المستعمر الأجنبي، وأوضح ان الزاوية لا تزال على دربه، بعزمها على فضح المغالطات والتشويه التاريخي الذي طال هذه الانتفاضة من طرف البوليساريو، بتبنيها زورا وبهتانا هذه الانتفاضة و احباط محاولاتها الرخيسة لتبخيس المسار التحريري والنضالي لهذا الرجل الوطني، بجعله واحدا من رجالتها حتى تدنسه بعار الخيانة لوطنه الام. الإنتهاكات الأولى لحقوق الانسان في الصحراء المغربية أكد خادم الطريقة البصيرية، مولاي اسماعيل بصير، خلال كلمته الافتتاحية لهذا اللقاء الدولي الذي حظره حوالي 700 شخص من شيوخ وأعيان القبائل الصحراوية الذين أتوا من أقاليمنا الجنوبية،و السلطات المحلية والمنتخبة، وأهل البصير ومريدي الطريقة البصيرية ومقدميها وأساتذة مدرسة الزاوية وطلبتها وعلماء أجلاء وباحثين أكادميين من الجزائر، موريطانيا، السودان، بوركينافاسو، سوريا، فلسطين، الهند، الولاياتالمتحدةالأمريكية، إيطاليا، إسبانيا، و وفود اجنبية من الحقوقيين تتضمن صحافيين دوليين من الاردن والسويد واسبانيا و السودان، أن اسبانيا مطابة اليوم بالافصاح عن حقيقة مصير عمهم سيدي محمد بصير، خصوصا وأنه قد مر على اختطافه 43 سنة والقانون الدولي يخول نشر الملفات السرية بعد ان تمر عليها 40 سنة، وقال أن آل البصير لن يتوانوا لحظه واحدة عن حقهم في معرفة الحقيقة كاملة . واستنكر خادم الطريقة البصيرية رفض إسبانيا هذه السنة طلب تأشيرة الذي تقدمت به عائلة بصير من أجل الذهاب لاستكمال إجراءات تسجيل الدعوة رسميا، بتنسيق مع محامي العائلة السيد إيفان خمينيز آيبار، إلا أن السفارة رفضت الطلب بعد علمها بنوايا السفر، موضحا أنه سبق للسفارة قد وافقت على طلب التآشيرة فيما مضى أكثر من أربع مرات. أكد مولاي اسماعيل بصير ابن أخ المجاهد محمد بصير، وخادم الطريقة البصيرية، أن آل بصير مستعدون اليوم لمساءلة إسبانيا عنه أمام مختلف المحاكم الدولية، وأنهم يتبرؤون ويرفضون مختلف الطلبات التي يقدمها كل من تسول له نفسه المناورة واللعب بهذا الملف، وقال أنهم لن يزكوا طلب احدى الجمعيات الاسبانية المأجورة من قبل البوليساريو التي تدعي مؤخرا مسائلة اسبانيا عن مصير عمهم، وقال :" من أراد أن يسأل عن بصيري من مختلف الجمعيات والمنظمات الوطنية والدولية، فليضع يده في يد عائلة آل البصير، وإلا فإننا لن نزكي طلبه، وطلبه مرفوض في نظرنا ومردود عليه".. البوليساريو تسرق تاريخ البصيري زورا وبهتانا استنكر السيد اسماعيل بصير كون أبناء عمومتهم المقيمين في تندوف، والذين يعتبرونه -زورا وبهتانا- رمزا وأبا روحيا لكيانهم المزعوم، لم يكلفوا أنفسهم طيلة هذه المدة كلها مساءلة إسبانيا عنه، أو رفع دعوى قضائية للكشف عن مصيره المجهول، أو جعله أولوية من أولوياتهم، مستشهدا على ريائهم أنه في عملية تبادل الاسرى بينهم وبين اسبانيا في سنة 1974م، لم يكلفوا أنفسهم حق السؤال عنه، رغم أن الفرصة كانت مواتية جدا، داعيا، في كلمته، البوليساريو إلى الكف عن المناورة السياسية مجددا حول ملف عمهم الفقيد سيدي محمد بصير. في اطار الاستغلال السافر لمبدأ الدفاع عن حقوق الأنسان، ندد خادم الزاوية النصيرية، بمختلف المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الأجنبية الدولية التي تزور صحراء المغرب زاعمة دفاعها عن حقوق الإنسان، متجاهلة هذا الملف وأمثاله، موضحا كيف يسمح لها المغرب بكل نبل العمل بحرية فوق ترابه، هذه الحرية التي قال أنها أحيانا تتحول الى فتنة ممنهجة وموجهة، ذهب ضحيتها العديد من المدنيين وخدام الواجب الوطني، لتغادر هذه الجمعيات المغرب كي تدلي بتقارير مفبركة ضده، بعيدة في تحليلها عن أي موضوعية، معتبرا هكذا سلوك بالاستغلال والامتهان الحقير للحقوق. واستغرب السيد اسماعيل بصير كيف يسمح المغرب لبعض متزعمي انفصاليي الداخل، الذي وصفهم بالمسترزقين من مجال الحقوقي، بالدخول والخروج من وإلى مدينة العيون عاصمة أقاليمنا الجنوبية، والقيام بألاعيبهم المكشوفة والتخطيط لذلك كما يشاؤون باستغلال الأطفال القاصرين والنساء والشباب المغرر بهم، في تنفيذ برامجهم الهدامة بكل حرية، في حين لا يسمح لبعض منظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية بالدخول إلى تندوف لزيارة أهلينا المحتجزين فوق التراب الجزائري، وإعداد تقارير عنهم، وتسائل كيف تتجاهل المنظمات الحقوقية الدولية هذا الأمر، وتتستر عن هكذا تخطيط لاستغلال الحقوق في إثارة الفتنة، ودعا في ختام كلمته الوفود القادمة من أقاليمنا الجنوبية من آل البصير وشيوخ القبائل الصحراوية والتي تجاوز عددها 130 شخص وكل الموريدين للطريقة البصيرية الحاضرين إلى ضرورة الانكباب على تأطير الشباب والنساء بالعلم والتدين الرصينين لوضعهم على السكة الصحيحة بغية تحصينهم من مغالطات أعداء الوحدة الترابية. نداء من فلسطين لغوث اطفال تندوف وجه الطفل الفلسطني بصير وليد المغربي في مداخلته حول "انتهاكات حقوق الاطفال بالعالم، أطفال البوليساريو نموذجا"، نداء الى الضمائر الحية بانقاذ اطفال تندوف من جحيم الاستغلال في قضية مفتعلة بغسل أدمغتهم بمغالطات تسجن فكرهم وتطمس هويتهم، وتجنيدهم في سن مبكرة وترحيلهم الى كوبا بعيدا عن احضان امهاتهم، واصفا مأساتهم بالجرح الغائر فياسجن ل أعماق الطفولة المغتصبة، ناعتا مخيمات تندوف بسجن في فضاء شاسع تتجاهله المنظمات الحقوقية الدولية. وكشف الطفل بصير الذي قال في تعريف لهوتيه، "انا الطفل الفلسطيني الصراوي اركيبي،" أن الاف الأطفال يموتون ويضهضون في فلسطين دون اعتبار لحقوقهم وأن 22 مليون طفل يباعون بالأسواق و15 مليون يموتون سنويا واليوم آلاف الاطفال تقتل في سوريا دون أن يحرك العالم ساكنا لحقن دمائهم، في حين تستغل مواثيق حقوق الانسان لخدمة اجندات سياسية. علامة جزائري يثني على تاريخ المقاومة المشترك بين البلدين جاء في محاضرت الشيخ شمس الدين بوروني، علامة جزائري، معد وقدم البرنامج الديني "اسألوني" الذي تقدمه القناة التلفزية الرسمية الجزائرية، تعريف بالحقوق التي جاء بها الاسلام ولم تأتي بها المواثيق الدولية، موضحا أن الحقوق في الاسلام ليست عبارة عن نظريات فلسفية بل هي سلوك وواقع، معتبرا ان الغرب ينظر ولا يفعل، وقد نجح الاسلام في تكوين انسان يؤدي هذه الحقوق في معاملاته اليومية، كإكرام الضيف و رد السلام و البر بالوالدين و حرمة الطريق ،وحق احترام الجار. وحول حق احترام الجار ومناصرته استشهد العلامة الجزائري بعلاقة الأخوة والتآزر التي جمعت بين المغرب والجزائر ابان الاستعمار الفرنسي، وقال:" لقد وقف الجار المغربي مع الجزائر، و سال دم الرفيق المجاهد المغربي الى جانب دم الشهيد الجزائري، والشعب والأمة الجزائرية كلها تشهد لملك المغرب المغفور له محمد الخامس عمله النبيل حين مد المقاومة بالسلاح والرجال لردع الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ولازلت اذكر ان والدي المجاهد البطل كان يقول لي وانا صغير ان الملك الراحل محمد الخامس امر الشعب المغربي كله بالصوم وبان يدعوا الله باستقلال الجزائر.."، وأضاف " وحين ابعد محمد الخامس تجندت كل خلايا المجاهدين بأمر من قيادتهم ليقوموا بمعارك في يوم واحد انتصارا لمحمد الخامس، فكانت أحداث 20 غشت، هذه هي الحقائق التي تربينا عليها ومن العار والعيب ان تتغير هذه الحقائق والنبي (ص) أوصى على الجار كحق من الحقوق..". وفي احدى مداخلاته دعا هذا العلامة الكف عن الخطاب النشاز بخصوص العلاقة بين البلدين الشقيقين، مؤكدا على علاقة الأخوة والمحبة التي تجمع بين الشعبين والتي يجب ان تتوارثها الأجيال القادمة ولن يكون ذلك إلا بتخطي بعض أخطاء الماضي والنظر للمستقبل. الاسلام رسخ لمبادئ الحقوق قبل القوانين الدولية الحديثة عملا بحكمة أن"الصوفي ابن وقته"، التي تتخذها الطريقة البصيرية شعارا لها وتعمل على العمل بمقتضاها، أوضح مولاي اسماعيل بصير أنه بات لزاما اليوم على أهل الله من أهل التصوف وكافة العلماء العاملين، التطرق الى موضوع حقوق الانسان لأهميته في هذه الظرفية التي يمر بها العالم العربي ، وذلك بحكم موقعهم الذي يجعلهم في طليعة من يتشبثون بدينهم علما وعملا، وبالتالي أعرف الناس بحقوق الناس، وإن عمل هؤلاء يتجلى أول ما يتجلى في تبيين معنى حقوق الإنسان، وطرق السعي إلى ضمانها لمختلف الأفراد، وفضح المستغلين لهذا الجانب، وفضح أساليبهم المختلفة في تضليل الناس تحت غطاء الدفاع عن الحقوق. تم الطرق خلال هذه الندوة العلمية كذلك الى أن الإسلام كان سباقا لإعادة الاعتبار للإنسان بتكريمه وتفضيله عن سائر الخلائق، كما أن النظم الغربية شهدت للإسلام بهذا السبق وبهذا الشمول، وكانت من أهم الشهادات الناطقة بذلك، شهادة المؤتمر الذي عقدته جامعة باريس تحت اسم" أسبوع الفقه الإسلامي" سنة 1951م، حيث ورد في تقريره الختامي ما نصه: "ان مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمة حقوقية تشريعية لا يمارى فيها، وان اختلاف المذاهب الفقهية ينطوي على ثروة من المفاهيم والمعلومات ومن الأصول الحقيقية هي مناط إعجاب، وبها يستطيع الفقه الإسلامي أن يستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة والتوفيق بين حاجاتها".