أكد المشاركون في اللقاء الذي نظمته الطريقة الدرقاوية للشيخ سيدي إبراهيم بصير ببني اعياط بإقليم أزيلال بمناسبة الذكرى ال39 لانتفاضة المواطنين المغاربة الصحراويين ضد قوات الاحتلال الإسباني (17 يونيو 1970 ) ، أن انتماء الشهيد محمد بصير الذي قاد هذه الانتفاضة، إلى هذه الطريقة، المشهود لها بغيرتها الوطنية, كاف لتفنيد كل الادعاءات الكاذبة التي يروجها «البوليساريو»لتشويه صورته من خلال اتهامه بالدعوة للانفصال. وقد مكن جدول أعمال اليوم الثاني والأخير من هذا اللقاء، المنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس بتعاون مع جامعة السلطان مولاي سليمان وكلية آداب بني ملال، من تسليط الضوء على أوجه متعددة من المسار النضالي لهذا البطل, المتشبع بمبادئ الطريقة الصوفية لزاويته التي ولد بها سنة1942 . فإلى جانب ثقافته الإسلامية الصوفية التي تشبع بها منذ صباه من معين والده الصافي الشيخ سيدي إبراهيم, وتخرجه من جامعة بن يوسف بمراكش، ورحلته المشرقية لاستكمال دراسته العليا, انخرط محمد بصير في العمل النضالي حيث توجه إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة سنة1969 وهاجسه الوحيد مكافحة الاستعمار الإسباني واستكمال وحدة بلاده الترابية. وهكذا، أجمع جل المتدخلين على أن وفاءه لوطنه ولتكوينه الصوفي يمنعانه من الانحراف نحو الدعوة إلى التفرقة والانفصال، كما يروج لذلك خصوم الوحدة الترابية. وفي هذا الصدد، أكد السيد عبد المجيد بلغزال ممثل المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أن أصول مؤسسي هذه الزاوية، التي تعود إلى قبائل الصحراء، تعد خير دليل لإسكات الأصوات التي تريد أن تشكك في البعد الصحراوي للمغرب، مؤكدا أن الشخصية الصحراوية تمثل عمق الهوية المغربية. على صعيد آخر، سلط السيد لحسن مهراوي جامعي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، الضوء على التوجهات الوحدوية لمحمد بصير، والتي كشفت عنها المراسلات التي كان يبعث بها لشقيقه من القاهرة في أواسط الستينيات. شهادة حية أخرى، تلك التي أدلى بها السيد أحمد رحال أحد أعضاء حركة محمد بصير، والتي أنشأها بمجرد حلوله بالأقاليم الجنوبية للمملكة، لمواجهة الاستعمار الإسباني, تبين بما لا يدع مجالا للشك الحس الوطني الأصيل, الذي يتمتع بها هذا المناضل. في سياق متصل، أكد الدكتور عبد المغيث بصير شقيق مقدم الطريقة الدرقاوية سيدي إسماعيل بصير، أن التربية الصوفية التي تلقاها الشهيد على يد والده سيدي إبراهيم مؤسس الطريقة، لا تدع مجالا للتشكيك في الحس الوطني لزعيم انتفاضة الزملة التاريخية، من أجل التضحية في سبيل تحقيق الوحدة الوطنية للمملكة. وشدد, في هذا الصدد،على أن الزاوية ستحتفظ بحقها في اللجوء إلى القضاء ضد كل من سولت له نفسه الاستغلال السلبي لذاكرة الشهيد محمد بصير لخدمة غايات انفصالية, غريبة عن ثقافة وتكوين الزاوية التي ترعرع بها. من جانب آخر، أشار السيد ميغيل أورتيث رئيس مصلحة المخابرات الإسبانية بالصحراء المغربية قبل الانسحاب الإسباني، إلى أنه التقى شخصيا بمحمد بصير بعد توقيفه, عقب المظاهرات الشعبية بالعيون (17 يونيو1970 )، حيث اكتشف تشبعه بتعاليم الدين الإسلامي. وقال إن بصير عرف كيف يكسب قلوب السكان الصحراويين من خلال التركيز على البعد الديني، بهدف شحنهم لمجابهة الاستعمار الإسباني. وهذا يجعله بعيدا كل البعد عن الادعاءات الانفصالية التي حاول إلصاقها به خصومه. وهو الأمر الذي زكاه متدخلون آخرون عندما فندوا الادعاءات التي روجها الانفصاليون والصورة السلبية التي رسموها لهذا المناضل، مستندين في هذا السياق على مبادئ الزاوية والطرق الصوفية بصفة عامة، كما فسرها مقدم الزاوية البصيرية بأستراليا السيد عبد الحفيظ بلحسن، الذي استحضر مبادئ المذهب المالكي الذي ينبذ التفرقة في صفوف الأمة ويوصي بأن التلاحم والمودة والتآخي من صفات المؤمن الحق. ووجه السيد بلحسن، في هذا الصدد، نداء إلى الأشقاء الجزائريين لتغليب المنطق واعتماد الحكمة لما فيه صالح شعوب المنطقة، والتوقف عن إذكاء التفرقة. وفي ختام هذه الندوة العلمية الدولية، التي شارك فيها عدد من الأكاديميين والباحثين وشيوخ الطرق الصوفية وكذا أعيان وشيوخ وممثلو القبائل الصحراوية، تمت تلاوة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى جلالة الملك محمد السادس.