إلى قاعة الفن السابع حج جمهور غفير، كي يشاطر المخرج مشاهدة العرض الأول لآخر فيلم فرغ من إخراجه. على شاشة السينما ظهر نحات يُعمل إزميله في الحجر، فيما أخذت ملامح التمثال تتبلور شيئا فشيئا.. ثم دبت فيه دفقة الحياة، فخطا فوق الأرض بضع خطوات وتوقف. تفحص جسده في مرآة كانت معلقة على الحائط. حرك يديه إلى أعلى وأسفل. أجال بصره فيما حوله. ثم دنا من النحات، مسحه بنظرة إجلال، وانحنى بين يديه قائلا: - »أعترف بجميل صنعك، مولاي. لقد أتقنت نحتي!«. أدهشت كلماتُ التمثال النحات، بقدر ما أسعدته. نظر النحات إلى أصابعه متأملا، فيما هو يقبضها ويبسطها، ويديرها في كل الاتجاهات. أغمض عينيه للحظة متفكرا، ثم استدار مواجها الجمهور. وحين التقت عيناه بعيني المُخرج انحنى بين يديه، من موقعه وسط الشاشة، وقال: - »أعترف بعظيم صنعك، مولاي. لقد أجدتَ تصويري، فأتقنتُ نحت التمثال!«. أذهلت كلماتُ النحات المُخرج حتى دمعت عيناه. نظر في نفسه يتأمل ما أخرج..، ثم انحنى داخل رأس الرجل الذي يسْكن الصفحة التي حبّرتها- أنا الكاتب-، وقال: - »أعترف ببديع صنعك، مولاي. لقد برعتَ في تخيلي، فأجدتُ تصوير النحات الذي أتقن نحت التمثال!«. فتنت كلماتُ المخرج الرجل، وأرقصت قلبه. تحرك الرجل فوق الصفحة، نزلها وصعدها سطرا سطرا. وقف بعد آخر كلمة، ثم رفع إليّ عينيه وانحنى بين يدي قائلا: - »أعترف بسحر صنعك، مولاي. لقد أبدعتَ في كتابتي، فبرعتُ في تخيل المخرج الذي أجاد تصوير النحات الذي أتقن نحت التمثال!«. كلمات الرجل أدهشتني بقدر ما أسعدتني، أذهلتني حتى دمعت عيناي، فتنتني وأرقصتني، فرفعت عيني إلى السماء، وانحنيت إلى الأرض..، وقلت في غاية الخشوع: - »أعترف بجليل صنعك، مولاي. لقد أحسنتَ خلْقي، فأبدعتُ في كتابة الرجل الذي برع في تخيّل المخرج الذي أجاد تصوير النحات الذي أتقن نحت التمثال!«. ظهر التمثال، من جديد، على شاشة السينما: كان واقفا أمام لوحة من الحجم الكبير، يرسمني شخصيا وأنا أكتب رجلا يتخيل مخرجا يصور نحاتا يبدع تمثالا يرسم.......