ما يقع في أيامنا أمر ينذر بمستقبل قاتم قد يضر لا محالة بهيبة الدولة واختلال السلم والأمن والأمان في بلادنا. كلنا نرفض أن تهان كرامة أي عنصر من عناصر الأمن والدرك، كما وقع أخيراً في مدينة القنيطرة، حين أهان ابن مسؤول اثنين من صقور الأمن لمجرد أنهما طلبا في إطار مهمتهما بطاقة لصديقة هذا الفتى المدلل، والمدهش حقاً أن ولاية الأمن أقدمت على إطلاق سراح هذا الأخير ورفيقته التي كانت في حالة سكر لحد الثمالة بعد تحريك الهواتف. الاعتداءات المتكررة، ولو كانت معزولة، سواء من طرف بعض أبناء وبنات الذوات والأسر الميسورة تطفو على الساحة من حين لآخر، وتطالعنا بها الأخبار في حينها، فضلا عن الإعتداءات التي يتعرض لها أمننا من طرف عصابات اللصوص وبارونات المخدرات بالأسلحة البيضاء والحية. نحن لا نقبل أن تمس شعرة واحدة من عناصر الأمن، فهم حماتنا الذين يسهرون على أمننا وممتلكاتنا وطمأنينتنا، هم يضحون بالغالي والنفيس، يعرضون حياتهم للخطر الذي يداهمهم من حين لآخر من أجل توفير الراحة والسكينة لنا، ومتى انهارت قيم هذا الوقار والإحترام لأمننا، فلا أمل يرجى في شيء إسمه الاستقرار والأمان في مجتمعنا. ماذا تغير بين اليوم والأمس؟ بالأمس القريب كانت عناصر الأمن تتوفر على هيبة لا مثيل لها، إذ يكفي رؤية رجل الأمن حتى تتمثل أمامك معاني الأمن والوقار والسكينة والأمان، لم يكن ذلك خوفا أو جزعاً، بل احتراما وتقديرا لمن يسهر على راحتنا وسلامتنا، أما اليوم فقد تغيَّرت الصورة تماما، بعضنا سامحهم الله يجدون سادية غريبة في التعامل مع بعض العناصر الأمنية، بسبب أو بدونه، ولو لمجرد إيقاف سيارة للتأكد من وثائقها، أو طلب بطاقة هوية، أو تحرير محضر مخالفة، فيُواجهون بالتهديد والوعيد واللجوء إلى الهواتف للاتصال ب البابا والماما ومن له في نظرهم السلطة لكبح ما يرونه جماحا للعناصر الأمنية. مرة أخرى أتساءل عما تغير بين الأمس واليوم؟ هل تعود أسباب ذلك إلى انعدام التربية والأخلاق؟ هل يعود إلى المبالغة في »الفشوش«؟ هل تتحمل الأسر هذه التبعات؟، أوهل يمكن تحميل بعض، وأقول بعض عناصر الشرطة المسؤولية التي آلت إلى ازدرائهم والإعتداء عليهم؟ هل ساهمت بعض الممارسات اللاأخلاقية لبعض عناصرالشرطة في هذه الوضعية التي لا يرضاها أي مواطن؟، هل أصبح مواطنونا لا يكنون لبعض العناصر الأمنية نفس الاحترام الذي كان الجميع يكنونه لبعضهم بسبب الفساد الذي أضحى مستشريا في صفوفهم؟ أعتقد أن كل الحالات تظل معزولة، حالات الاعتداء على العناصر الأمنية، وحالة الفساد داخل فئات قليلة من هذه العناصر؟، لكن ليس كل المواطنين يعتبرون معتدين ومهينين للأمن، وليس كل عناصر الأمن فاسدة، لذلك على المواطنين العودة إلى إيقاظ حسهم الوطني الذي يفرض الاحترام لهذا الجهاز الحيوي الذي لا يألو جهدا في الحفاظ على أمننا وسلامتنا، إذ لا يمكن أن ننقلب في تعاملنا معهم لمجرد وجود قلة قليلة من الفاسدين وسط آلاف هذه العناصر الأمنية التي مازالت تضحي من أجل سلامتنا وفي ظروف لازالت صعبة.