لا كلام بقادر على وصف عظمة ذلك الصباح ، حينما فتحت عينيها لتكتشف بأن حلمها المهجور منذ زمن كرها، و الذي كان يظهر في حياتها كالطيف ، قد تفتق عن واقع آخر مبهر لم يكن في الحسبان . !يا لروعة طبيعة أجمل من الحلم وهي تتأمل في صحوة من نام دهرا ، إبداع الرب في الكون ، لامس روحها حوار أغنية قوقازية : «- إذا كنت رائعة إلى هذا الحد ، لماذا لم ألاحظك من قبل يا بنفسجة ؟ -لأني ، لم أفتح أبواب قلبي للحب من قبل .» (1) أنت ؟ لا أظن .. ربما ... ماهو أكيد ، أن تاريخ المنتصر عود نظري على التشبث بالأسوار العالية ، كتلك التي حجبت نورك وهي تضمك عنوة بذريعة الاتحاد ، تقريبا... تقريبا كما فعل مغول وترك شرق ، جعلاك تحسين بأنك منسية من الإله . واليوم .... نهار آخر ، أقول لك فيه بدهشة المكتشفة : - ديلا مشفيدوبيسا (2) تفليس - غامرجوبا (3) استقبلها ابن صاحبة البيت - شكرا ردت بالإنجليزية ، وهي تفهم من ملامح الرجل أنه يرحب بها قال بالروسية ، إن إنجليزيته ضعيفة . فهمت قصده بصعوبة ، وهي تستنجد بذاكرة الحلم القديم لتربط بين معاني الكلمات الروسية. استغرقت بعض الوقت لكي ترد مستعينة بقاموس فرنسي- روسي حملته معها تحسبا ، قالت أخيرا : أنا أيضا لا أجيد الروسية كما ترى . يبقى أن يتحدث كل منا لغته ، فمن يدري ... قد لا نحتاج !إلى ترجمان استقبل مجهودها وإجابتها ، بابتسامة عريضة وصادق على كلامها : دياخ (4) وهي تقترح على الرجل الوسيم اللبق تبادل الحديث بلغتين مختلفتين ،كانت تعي بأنها تقترح المستحيل .... ولجا المغامرة ، وحلت لغتاهما بتدعيم من الإشارات محل لغة الهيمنة الجديدة، التي كان صداها القوي يهدد روعة الصورة وهو يخترق جبل اللغات مرافقا ميزانية الدعم /الدين الساعية إلى تثبيت أركان الرأسمالية البديل . لم تجد صعوبة ذات بال في فهم ما كان يشرحه لها الرجل من أمور تتعلق بسير الحياة في البيت ، ولا هو عجز عن فهم استفساراتها .أما حينما وقف أمام نسخ من لوحات نيكو بيروسماني المعلقة على جدار الصالة ، فقد أكد لها صمته الخاشع أمام روعة اللوحات بأنها في ضيافة قمة من قمم الفن العالمي . دعاها أخيرا إلى الجلوس على أريكة ، واتجه صوب البيانو المتربع للصالة . عزف ،كما أفهمها ، قطعة من ألحانه الخاصة ترحيبا بها . امتلأ البيت بسحر الأنغام ...، صفقت لعالم الفيزياء الموسيقار ، وفكرت : لاطعم للحياة حقا بدون ولوج مغامرة المستحيل ... صمتا برهة ، ثم شرعا يضحكان معا في سعادة من حقق بالصدفة انتصارا مستعصيا . أخذ ورقة، وبدأ يدون فيها . سلمها لها في النهاية . استعانت بالقاموس وقرأت بالروسية : الحب ، ياسيدتي، لا يحتاج إلى الترجمة الهامش : 1- مقتطف من أغنية جبلية جورجية ، تغنى على آلة وترية تسمى « تشونغوري « ،ترجمة المستعربة الجورجية الدكتورة داريجان غارداوادزه (جامعة تبليسي الحكومية) 2- صباح الخير بالجورجية 3- مرحبا بالجورجية 4- نعم ، في التواصل الجورجي الراقي