حملت إلينا الأخبار الوافدة من بريطانيا حكاية امرأة مسلمة بريطانية من أمّ مسلمة وأب كافر، نظمت معرضا تشكيلياً قدّمت فيه لوحاتٍ مسيئة للإسلام وثوابته ومبادئه، ولمشاعر المسلمين، مما جعل المنظمات الإسلامية على اختلافها تدين عملها المشين وتندّد به تنديداً واسعاً؛ ويمكن للقارئ أن يطّلع على مضامين هذه اللوحات من خلال الموضوع الصحفي المنشور أسفله. ولا شك أنّه سيتساءل، في البداية، مثلما تساءلتُ عن السبب الرئيسي الذي جعل هذه المرأة تتجرّأ على عرضِ هذه اللوحات، وتُقدم قبل ذلك على رسمها علماً أنها مسلمة.ما عبّرت عنه من مبرّرات غير مقبولة، ليس هو السبب العميق لهذه الرسوم. بل يكمن هذا السبب في وضعها الأسري وما ترتب عليه من أحوالٍ نفسية مضطربة عانتها في وسطها الأسري نتيجة كونها ابنة رجل كافرٍ، وإن كانت أمّها مسلمة. الاضطراب النفسي الذي ولّد صراعاً داخلياً يمكن اعتباره نوعا من الفصام الثقافي الوجداني بين الموجّهات «غير الدّينية» لأبيها، والموجّهات «الدينية» لأمّها في حياتها الخاصة وأدّى هذا الفصام إلى قلقٍ وتمزّقٍ وحيرةٍ عكستها تجربتها الفنيّة الشاذّة والمسيئة لمبادئ الإسلام وتعاليمه في ما يتعلق بالحجاب، والحشمة، وتحريم أكل لحم الخنزير، وقدسية الصّلاة، إلخ. هذا هو السبب الحقيقي وراء حكاية هذه المرأة. فماذا يعني هذا؟ يعني، بكل وضوح، أنّ زواج المرأة المسلمة من الرجل الكافر لا يؤثر فقط على وضع هذه المرأة، بل يؤدي إلى اضطراب الحالة النفسية لأبنائها، وتخلخل فطرتهم وشعورهم بالتمزق بين نداء هذه الفطرة الذي يسمعون من أمهم ما يؤكده من تعاليم إسلامية، وبين الضلال الذي يعيشه الأب والذي لايمكنهم أن يتخلصوا من تأثيره بحكم الأبوّة وسلطتها. فإذا أضفنا إلى ذلك العوامل التربوية المنحرفة الأخرى الموجودة في الحياة الاجتماعية الغربية (القائمة على المبادئ اللاّدينية) تبيّن لنا أنّ التأثير العقدي - النفسي للأمّ في هؤلاء الأبناء لا يساوي الضغط الأبوي والاجتماعي المنحرف، مهما كانت محاولات هذه الأمّ لمقاومة ذلك. لمثل هذا حرّم الإسلام زواج المسلمة من كافر. «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيّبات للطيّبين والطيّبون للطيبات» (سورة النور - من الآية 26). ودرء هذه المفسدة النفسية والعقدية والتربوية جزء فقط من المقاصد العظيمة التي تتوخّاها الشريعة الإسلامية من تحريم هذا الزّواج. ومعلوم أنّ كل أمر أو نهي في هذه الشريعة السمحاء يتضمن مقاصد لاتصلح الحياة إلا بتحصيلها، ولا تفسد وتضطرب إلا بتضييعها. كما فسدت واضطربت حالة هذه المرأة نتيجة الزواج غير الشرعي لوالديْها، مما أدّى إلى هذه الانحرافات التي عكستها لوحاتها.