التهراوي يعطي الانطلاقة لمعرض جيتكس ديجي هيلث ويوقع على مذكرات تفاهم    هواجس سياسية:(؟!)    نسبة ملء السدود بلغت 49.44% وحقينتها ناهزت 6 ملايير و610 مليون متر مكعب من الموارد المائة    جهة طنجة تطوان الحسيمة: إحداث أزيد من ألف مقاولة خلال شهر يناير الماضي    عودة التأزّم بين فرنسا والجزائر.. باريس تستدعي سفيرها وتقرّر طرد 12 دبلوماسيا جزائريا    ثغرة خطيرة في واتساب على ويندوز تستنفر مركز اليقظة وتحذيرات لتحديث التطبيق فورا    توتر غير مسبوق : فرنسا تتخذ قرارا صادما ضد الجزائر    المغرب يحصل على موافقة أمريكية لصفقة صواريخ "ستينغر" بقيمة 825 مليون دولار    أشبال الأطلس يتأهلون إلى نهائي كأس أمم إفريقيا على حساب الكوت ديفوار    إحباط تهريب 17 طناً من مخدر الشيرا في عملية أمنية مشتركة    دي ميستورا يدعو المغرب لتوضيح تفاصيل صلاحيات الحكم الذاتي بالصحراء والأشهر الثلاثة المقبلة قد تكون حاسمة    توقيف شبكة تزوير وثائق تأشيرات وتنظيم الهجرة غير الشرعية    السفير الكوميري يطمئن على الطاوسي    مولدوفا تنضم إلى إسبانيا في دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية    رغم خسارة الإياب.. برشلونة يتألق أوروبيًا ويعزز ميزانيته بعد الإطاحة بدورتموند    الطقس غدا الأربعاء.. أمطار وثلوج ورياح قوية مرتقبة في عدة مناطق بالمملكة    بركة يعترف بخسارة المغرب كمية ضخمة من المياه بسبب "أوحال السدود"    دي ميستورا يؤكد الدعم الدولي لمغربية الصحراء ويكشف المستور: ارتباك جزائري واحتجاز صحراويين يرغبون في العودة إلى وطنهم    تشكيلة أشبال الأطلس ضد كوت ديفوار    مصرع سائق سيارة إثر سقوطها في منحدر ببني حذيفة    نائب رئيس جماعة سلا يتعرض لاعتداء بالسلاح الأبيض والأمن يطلق الرصاص لإيقاف الجاني    الرباط: رئيس برلمان أمريكا الوسطى يجدد التأكيد على دعم الوحدة الترابية للمملكة    اتفاقيات "جيتيكس" تدعم الاستثمار في "ترحيل الخدمات" و"المغرب الرقمي"    تحفيز النمو، تعزيز التعاون وتطوير الشراكات .. رهانات الفاعلين الاقتصاديين بجهة مراكش أسفي    حين يغيب الإصلاح ويختل التوازن: قراءة في مشهد التأزيم السياسي    العلوي: منازعات الدولة ترتفع ب100٪ .. ونزع الملكية يطرح إكراهات قانونية    توقيع اتفاقية شراكة بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة ومجموعة بريد المغرب لتعزيز إدماج اللغة الأمازيغية    أرسين فينغر يؤطر مدربي البطولة الوطنية    خريبكة تفتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة 16 من المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي    فاس تقصي الفلسفة و»أغورا» يصرخ من أجل الحقيقة    دي ميستورا.. طيّ صفحة "الاستفتاء" نهائيا وعودة الواقعية إلى ملف الصحراء المغربية    الاتحاد الأوروبي يؤازر المغرب في تسعير العمل المنزلي للزوجة بعد الطلاق    حرس إيران: الدفاع ليس ورقة تفاوض    إخضاع معتد على المارة لخبرة طبية    لقاء تشاوري بالرباط بين كتابة الدولة للصيد البحري وتنسيقية الصيد التقليدي بالداخلة لبحث تحديات القطاع    عمال الموانئ يرفضون استقبال سفينة تصل ميناء الدار البيضاء الجمعة وتحمل أسلحة إلى إسرائيل    "ديكولونيالية أصوات النساء في جميع الميادين".. محور ندوة دولية بجامعة القاضي عياض    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    إدريس الروخ ل"القناة": عملنا على "الوترة" لأنه يحمل معاني إنسانية عميقة    توقيع اتفاقيات لتعزيز الابتكار التكنولوجي والبحث التطبيقي على هامش "جيتكس إفريقيا"    الهجمات السيبرانية إرهاب إلكتروني يتطلب مضاعفة آليات الدفاع محليا وعالميا (خبير)    محمد رمضان يثير الجدل بإطلالته في مهرجان كوتشيلا 2025    فليك : لا تهاون أمام دورتموند رغم رباعية الذهاب    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    قصة الخطاب القرآني    اختبار صعب لأرسنال في البرنابيو وإنتر لمواصلة سلسلة اللاهزيمة    المغرب وكوت ديفوار.. الموعد والقنوات الناقلة لنصف نهائي كأس أمم إفريقيا للناشئين    فاس العاشقة المتمنّعة..!    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    ارتفاع قيمة مفرغات الصيد البحري بالسواحل المتوسطية بنسبة 12% خلال الربع الأول من 2025    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    خبير ينبه لأضرار التوقيت الصيفي على صحة المغاربة    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غربيات أسلمن وارتدين الحجاب وتعايشن.. كيف ولماذا؟
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 17 - 10 - 2009

كشفت دراسة صادرة عن منتدى بيو للأديان والحياة العامة« أن عدد المسلمين على مستوى العالم يصل، حاليا، لنحو 1.57 مليار نسمة، أي نحو 23% من سكان العالم البالغ عددهم هذا العام 6.8 مليار. وقالت الدراسة إن 60% من المسلمين يعيشون في قارة آسيا مقابل 20% يعيشون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أي أن قرابة 2 من بين 3 مسلمين على مستوى العالم يعيشون في آسيا كما خلص التقرير إلى أن قرابة 9 من بين كل 10 مسلمين ينتمون إلى السنة.
في السياق نفسه، تكشف الإحصائيات المتعلقة بالتدين وشؤون الهجرة بفرنسا أن المعدل المتوسط للمعتنقين للإسلام ببلاد موليير يبلغ 3500 شخص سنويا، فيما يناهز إجمالي عدد المعتنقين للإسلام بفرنسا حاليا وفق إحصائيات غير رسمية 50 ألف معتنق. غير أن اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا يشكك في الأمر ويجهر بأن عدد المسلمين الجدد من الفرنسيين وحدهم هو أضعاف هذا العدد. ناهيك عن المعتنقين في باقي دول أوربا وأقطار المعمور. وإذا كان الدخول للإسلام تجربة حياتية رائعة، حسب الداخلين أفواجا أفواجا، فإن أسئلة كثيرة لا بد وأن تطرح بخصوص كيفية الإسلام وطبيعة بنية الاستقبال، وأسلوب التعايش ضمن أنساق تقليدانية غير متجانسة الطقوس والعادات، وتداعياته النفسية الأخلاقية والمجتمعية هنا أو هناك. إن قوافل وأفواج المهتدين من كل الأصقاع تسبح بحمد الله بكرة وأصيلا يشجعهم في ذلك المسلمون الطيبون المتسامحون الذين يحيطونهم برعايتهم عندما يزورون مسجدا أول مرة، أو عندما يتجولون في أحضان الحرية حين يدعونهم إلى إحياء طقوس دينية في بيوتهم، إنها تجربة انتقالية إيجابية جدا تحتاج إلى الإمساك بتفاصيلها الدقيقة والاستماع هادئا إلى تأملها الباطني العميق.
إلى ذلك، شهدت مجموعة من مساجد المغرب خلال شهر رمضان الأخير اعتناق مجموعة من الأوربيين المسيحيين للدين الإسلامي الحنيف. وقد تمت طقوس النطق بالشهادتين من طرف هؤلاء على يد أئمة وخطباء ووعاظ، حدث ذلك في الدار البيضاء، مراكش، القنيطرة وغيرهما من مدن المغرب كما أوردت الصحف والوكالات. ويلاحظ، كما ذهبت إلى ذلك الكثير من المصادر الإعلامية، أن القاسم المشترك بين كل هؤلاء يتمثل في كونهم شباب في الغالب وذوي تكوين علمي عال. لكن المصادر نفسها لم تفصح، ولأسباب ملتبسة، شيئا عن اعتناق آخر ضد التيار، أي مغاربة يغادرون الإسلام أفواجا. كما أن الخلط الناتج عن سلوك المسلمين بين ما هو إسلامي وما هو مجرد تقاليد وعادات خاصة تلاحظه المسلمات الجديدات ويربك نظرتهن إليه في بعض الأحيان. إن انحراف الكثير من المسلمين عن ضوابط دينهم هو ما يزعج حقا الأخوات الغربيات المهتديات حديثا إلى الإسلام.
عشرات الآلاف من النساء في أوربا وأمريكا تشهد حياتهن تحولات جذرية، فما هي الأسباب والدوافع التي تقف وراء هذا الاختيار؟ وهل يمكن الحديث عن مشاكل تعترضهن بعد اعتناقهن الإسلام؟ وهل ثمة بدائل حقيقة تقدمها بنيات الاستقبال الإسلامية قصد إشباع الفراغ الطارئ على المنظومة النفسية والأخلاقية للمهتدية؟ ولماذا تتجنب بعض المصادر الإعلامية الحديث عن اعتناق بعض المسلمين الديانات الأخرى لأسباب سوسيو اقتصادية بالأساس؟ وتتحاشى الحديث عن فشل بعض الزيجات المسلمات الغربيات في ربط علاقة مبنية على التواصل الدائم بالمسلمين المهاجرين إلى الغرب؟ أسئلة استمزجنا من خلالها الآراء، والتقطنا الأصداء بطرحها على الهواء، حيث أجاب عنها عدد من المهتمين وكانت الورقة التالية:
عن سؤال لماذا أسلمن، وكيف انسجمن وتعايشن؟ ذهب معظم من استقرينا آراءهم من فقهاء وعلماء ورجال دين إلى أن إقبال الغربيات -على نحو خاص- على الدين الإسلامي وتمسكهن وسعادتهن بدخوله خير شاهد على عظمة وروعة هذا الدين، وصدق وسماحة ما جاء به من تشريع حكيم ومنهج قويم أنصف المرأة وكرمها، واستجاب لمطالبها، وسعى لصلاحها واستقامتها، وصان عرضها وكرامتها في هذا الإطار، تقول أخت كندية اهتدت أخيرا حين سئلت عن قصة إسلامها ورحلتها من الكفر إلى الإيمان: «إن سبب اعتناقي للإسلام هو ما رأيته من مظاهر الحشمة والحياء بين المسلمات، وتركهن للاختلاط والتبرج الذي دمر قيم الأسرة والمجتمع في بلادنا، وما رأيته من اصطفاف المسلمين للصلاة في الجانب الآخر في مشهد هو غاية في التأثير...». وتضيف: «والشيء المثير حقا أن أولئك النسوة اللاتي كن سببا لهدايتي، كن كلهن من الأمريكيات اللاتي اخترن الإسلام على ما سواه من الأديان وتعبدن لله لا سواه، وعضضن بالنواجذ على لا إله إلا الله... واقتدين بأمهات المؤمنين، فلبسن الحجاب».
وتكشف الفضائيات المنتشرة في سماوات الله عبر برامج الدعوة التي تتناسل كالفطر هذه الأيام أنه في الوقت الذي تزداد فيه الحملات ضد الإسلام وتضطرم نيران الشبهات والافتراءات من قبل الأعداء والأدعياء حول حقوق المرأة، وفي وقت ينفق الغرب الملايير من الدولارات على حملاته التنصيرية بهدف صد الناس عن الإسلام، نجد شموعا مضيئة في خضم هذه الفتن تسطع بنور الإيمان، إلى ذلك، حملت إلينا الأخبار الواردة من فرنسا قبل أسبوع إسلام مغنية الراب «ديامس»///// وكشفت مجلة باري ماتش الناشرة للخبر أن المغنية الفرنسية ذات الشهرة العالمية أسلمت وقررت ارتداء الحجاب. وكانت «ميلاني جورج ديامتر» الشهيرة ب «ديامس« قد عانت في الفترة الأخيرة من ضغوطات النجاح الكبير والشهرة الفائقة، وهو ما أدى بها إلى العزلة والبحث عن بدائل حقيقية لحياتها، ونقلت باري ماتش قول المهتدية: «لم أجد الدواء لوضعيتي عند الأطباء، ولكنني وجدته في الدين الإسلامي».
وبالعودة إلى منطق البيان، فإن الإحصائيات الصادرة عن معاهد ومؤسسات غير عربية لا تحمل الطابع الإسلامي، تقول إن أربعة من بين كل خمسة ممن يدخلون الإسلام هذه الأيام من النساء. ويعتبر الكثير من المتحمسين للدعوة الإسلامية أن هذه الشهادة هي في الحقيقة أبلغ رد على من يدعي أن الإسلام يعادي المرأة ويهضم حقوقها ويمتهن كرامتها. ويضيفون: /////«بل إن رحمة الإسلام وإنصافه للمرأة وتكريمه لها لمن أروع محاسن هذا الدين الذي يراعي طبيعة المرأة في كل مكان، ويلبي نداء فطرتها، ورغباتها المشروعة، ويحقق مصالحها الحياتية في الدنيا والآخرة، ويضمن لها النجاح في رسالتها كزوجة وأم، ويفسح لها المجال كي ترقى بمجتمعها وتنهض بأمتها».////
ومع توالي الأيام والشهور، بل وفي كل يوم سطوع، تشرق شمس الحقيقة على صفحات قلوب نساء منَّ الله عليهن بالهداية، بعد أن شرح الله صدورهن لهذا الدين، وأضاء قلوبهن بنور اليقين مما يجعلهن يقفن على كثير من محاسنه ومآثره، وحين تتأمل المرأة الغربية كيف اهتدت قلوب مواطناتها وأضاءت بنور الإيمان، تدرك أهمية الدعوة إلى الله، وتزداد تعطِّشا للحق، وكم من حيارى تائهات يرتقبن سفينة النجاة، ويتلهفن إلى الأيادي الطاهرة التي تنتشلهم من هذا التيه حتى يطرحن السؤال الخالد: «ولماذا لا نكون مسلمات؟».
تحكي مهتدية سمت نفسها بعد إسلامها «فاطمة يوسف» عن قصتها مع الإسلام فتقول: «كنتُ قبل إسلامي لا أجد نكهة لحياتي، لم أسمع في السابق أي شيء عن الإسلام، حتى قادتني الصدفة يوما، وقرأت كتابا عن حقوق المرأة المسلمة، فاكتشفت الكثير والكثير من معاناتنا نحن النساء في ظل مجتمع قوانينه تستعبد المرأة وتحتكرها». وحسب فاطمة يوسف «فالإسلام يصون المرأة ويلزم الرجل برعايتها وحسن معاشرتها والإنفاق عليها، ويحاسبه على التقصير في حقها، حتى إنني قلت في نفسي لماذا لا تكون لي تلك الحقوق في مقابل واجبات محدودة لا تفوق طاقتي ولا ترهقني ولا تقتل أنوثتي وكرامتي؟». وتساءلت مع نفسها، تضيف فاطمة يوسف الملح على الجرح قائلة: «لماذا أُمْتَهَنُ ويُنظَرُ إلي على أنني رسم إشهاري جميل؟ وفاصل إعلاني ممل الغاية منه المتعة الرخيصة والهوان؟»، إلى أن تقول: «لماذا لا أكون سيدة محترمة في قرارة نفسي وأمام الناس؟ لماذا لا أكون مسلمة؟». وتخلص المهتدية: «وبعد تكرار زيارتي للمسجد، تعرفت أكثر على الإسلام واقتنعت به كثيرا إلى أن جاء ذلك اليوم الذي نطقت فيه بالشهادتين» وسط دموع الفرحة، وهي تتلقى سيلا جارفا من التهاني القلبية والدعاء بالثبات.
وعن إسلامها وارتدائها الحجاب تقول سيدة ألمانية في حوالي الأربعين من العمر: «زادني الحجاب جمالا، ليس لأنه إعلان عام بالالتزام، بل لأنه شعار تحرر على مستوى عال من الاتزان والإنسانية»، وتضيف: «لقد ظل الحجاب يوفر لي مزيدا من الحماية، خصوصا عندما أسلمت، وبقدر إصراري على ارتدائه بالكامل من الرأس إلى القدم، ازداد إيماني وتقوت عزيمتي، أجل، صار الحجاب جزء مني، وقطعة من كياني».
وتقول إحدى المهتديات عن أول خطواتها على طريق الهدى: «ذهبت إلى متجر إسلامي واشتريت عباءة وغطاء رأس وخرجت أمام الملأ. بسبب الحجاب شعرت بالحرية... نعم، الحرية بكل ما تعني الكلمة، أعجبني أن جسمي كان، للمرة الأولى، خاصا بي فقط؛ لم يستطع أي أحد أن ينظر إلى أجزاء جسدي ويقيِّمَني بناء عليها، كم كنت أشعر بالراحة حينما كنت أرتدي الحجاب، إنني للمرة الأولي في حياتي أشعر بأني مميزة... شعرت وكأن جسدي كان شيئا مميزا، فقط لي ولزوجي؛ وكان ذلك كنزا... ومن تلك الفترة ;حتى الآن، لم أخرج من المنزل من غير حجابي».
ويصرح داعية من دعاة الفضائيات الشباب «إن مشهد الحجاب وروعته وبهاءه لدى صنف من النساء قد يلفت أنظار غير المسلمات». ويرى زميل له في التقارير الواردة حول طموح شركات أجنبية متخصصة في الملابس العصرية في ابتداع تصاميم وأشكال ذات ذوق عالمي رفيع ورغبتها في استلهام الحجاب، تقليعة عالمية أثارت فضول نساء العالم ونالت إعجابهن، فكانت الأزياء والتصاميم المستوحاة من اللباس العربي التقليدي مدعاة للافتخار والتجديد لدى كبريات دور الأزياء العالمية، الأمر اعتبر نقطة تحول وركيزة انطلاق إلى قيم الإسلام وأخلاقياته وعالميته وفق ما ذهب إليه باحث في شؤون التدين، فالحجاب حسب الشريعة والحياة عز وكرامة، وطهر واستقامة، وحياء ونقاء، وجمال وجلال، إنه استجابة لنداء الفطرة وستر لمحاسن المرأة ومفاتنها، وصون لكرامتها.
وإذا كان الحجاب -بالمفهوم التداولي حسب الكثيرين- فريضة أرضية وليس سماوية، بل مجرد شعار سياسي أملته شروط اللعبة السياسية لأنظمة الحكم الشمولي في العالم العربي والإسلامي وليس فرضا دينيا ورد على سبيل الجزم والقطع واليقين والدوام،كما ليس له سند لا في القرآن ولا في السنة، بل فرضته جماعات الإسلام السياسي لتمييز بعض السيدات والفتيات المنضويات تحت لوائهم عن غيرهن من المسلمات وغير المسلمات، فإنهم يستندون على سيل من الدراسات والأبحاث في هذا المجال المثير للجدل، اقتناعهم بالفكرة يذهب بهم بعيدا فيؤكدون «أن تمسك هذه الجماعات بالحجاب وجعله شعارا لها مع تكريس الطابع الديني عليه كلباس شرعي، هو في واقع الأمر شعار استقطابي أملته مرحلة السباق نحو الموقع والنفوذ». وبحسب رأي الحساسيات نفسها، فإن «الأمر مجرد تمسك بقشور الدين بعيدا عن الإلمام بجوهره دليلهم في ذلك أن الحجاب أو غطاء الرأس يفرض على الفتيات الصغيرات (دون البلوغ) مع أنه وطبقا للنص الديني يقتصر على النساء البالغات فقط.. لكن ما دام القصد هو استغلال الدين لأغراض سياسية واستعمال الشريعة في أهداف حزبية، حتى بين الفتيات دون سن البلوغ، حتى يكون رمزا أو شارة سياسية وعلامة حزبية على انتشار جماعات الإسلام السياسي وذيوع فكرها الظلامي بين الجميع». وعلى غير العادة، باتت شوارع وأزقة مدينة فاس معرضا لأروقة متخصصة في الحجاب من حلاقة وتزيين وتموين وخدمات، قطاعات خدماتية نبتت على الهامش في ظل انفتاح ديني غير محسوب، لكن «فاطمة. ل» سيدة مسترجلة فهي لا تنساق مع موضة الحجاب كسلعة يتم تسويقها وتشييئها خارج طابعها الديني، إذ ظلت على الدوام ترى تخصص بعض الحلاقات المتبرجات في حلاقة وتزيين المتحجبات أمرا من الميوعة بمكان، وخارج مواصفات القيم النبيلة، كما أن فرض أثمنة مبالغ فيها لتزيين العرائس المتحجبات أمر يدعو إلى النفور بدل الاستحسان والتي تصل أحيانا إلى ضعف المتعارف عليه. إن الطابع التسليعي للحجاب ومن معه//// سواء عبر الابتكار والبحث عن منافذ للرواج التجاري واستقطاب المتحجبات أمر محمود، لكنه يظل خارج نطاق سيطرة الدولة، أي غير خاضع ولا مراقب، حتى أنه ممنوع من المراقبة أصلا. فمن هي الجهة المخول لها أمر التدخل بهدف الحماية والتوجيه؟
على مستوى آخر، ما الذي يحدث بالضبط عندما تصبح «تيريزا» خديجة و«باتريسيا» صفية، و«لينا» بتول و«لارسن» إيمان و«إيزابيلا» رمضان؟
جوابا عن السؤال، تعبر مسلمة حديثة عن حلاوة الإيمان وعظمة الإسلام فتقول: «أُحس في قلبي رقة لم أعهدها قبل إسلامي، شعرت أنني كنت دائما مسلمة، اكتسبت من الإسلام القوة لمواجهة الناس، أجاب الإسلام عن جميع تساؤلاتي، وجدت في الإسلام ضالتي وعلاج أزماتي، قبل إسلامي كنت لا شيء، أصبح هدفي الأسمى الدفاع عن هذا الدين، صارت الصلاة ملاذي والسجود راحتي وسكينتي، شدتني العلاقة المباشرة بين العبد وربه، المرأة الغربية لا تعرف ماذا تريد؟ المرأة الغربية ليست متحررة كما قد تتوهم المسلمة، نطقت بالشهادتين فَسَرَتْ في عروقي قوة خارقة، الإسلام هو الذي أعطاني الأمان، اكتشفت كنوزا كنت أجهلُها».
مريم جميلة، داعية ومفكرة إسلامية معروفة، وهي أمريكية من أصل يهودي، وكان اسمها «مارغريت ماركوس» أسلمت وصار اسمها مريم جميلة، ألفت كتبا عديدة منها «الإسلام في مواجهة الغرب»، و«رحلتي من الكفر إلى الإيمان» و«الإسلام والتجديد» و«الإسلام بين النظرية والتطبيق». تقول: «لقد وضع الإسلام حلولا لكل مشكلاتي وتساؤلاتي الحائرة حول الموت والحياة، وأعتقد أن الإسلام هو السبيل الوحيد للصدق، وهو أنجع علاج للنفس الإنسانية». وتضيف قائلة: «منذ بدأت أقرأ القرآن، عرفت أن الدين ليس ضروريا للحياة فحسب، بل هو الحياة بعينها. وكنت كلما تعمقت في دراسته، ازددت يقينا أن الإسلام وحده هو الذي جعل من العرب أمة عظيمة متحضرة قد سادت العالم».
أما إيزابيلا «إيمان رمضان» السويسرية فقد هبت عليها نسائم الإيمان في شهر رمضان، بعد أن تشبعت بمعرفة الله ورسوله، وبعض مبادئ الإسلام ووجدت في الإسلام حياة أخرى تقوم على عقيدة التوحيد، التي أورثتها راحة نفسية هائلة في الصلة المباشرة بين العبد وربه بعيدا عن كل رهبانية أو كهنوتية.
وتعمق لديها الإحساس بالإيمان في شهر رمضان عندما جربت الصيام، والصلاة، وارتدت الحجاب لأول مرة، واستعانت بالعلم والصحبة الصالحة على تغيير الصورة المشوهة التي تبثها وسائل الإعلام الغربي عن الإسلام والمسلمين، لكن الصدمة تأتي من الغرب نفسه «إذ برغم ما يدعيه من حرية وديموقراطية، فإن موقفه العدائي من إسلام العديد من مواطنيه ومواطناته وارتدائهن الحجاب أكد زيف ادعاءاته».
وتتابع «إيزابيلا» بروح من الإيمان الخالص: «كنت أعيش في ضلال، لا أعرف لماذا أحيا؟ وماذا بعد الموت؟ أعيش في اكتئاب دائم وقلق مستمر، رغم توفري على المال، لكن الآن أعيش السكينة والطمأنينة،وراحة البال».
الآن، دعنا نتأمل عمق الكلمات التي نطقت بها الفرنسية المهتدية «سيلفي فوزي» التي تعي القضايا الإسلامية جيدا، وتهتم كثيرا بأمور المسلمين وهمومهم، ورغم المكانة العلمية التي حققتها (دكتوراه في الهندسة الكيميائية) والرفاهية المادية التي تعيشها، فقد كانت دائمة قلقة حزينة غير منسجمة مع ما حولها، وغير متقبلة لما يدور من مناقشات في اليهودية والنصرانية عن تشويه الإسلام والمسلمين حتى شرح الله صدرها للإسلام، تقول سلفي: «كانت حياتهن بلا هدف ولا معنى، كن تائهات في بحار الظلمات، فَرَسَتِ السفينةُ على شاطئ النجاة، وأشرقت عليهن شمس الهداية، رحلة طويلة وشاقة في طريق محفوفة بالشكوك والأشواك، ثم اللحظة الحاسمة التي غيَّرت المسار، حيث طريق الإسلام، فوضع عنهن آصارَ الجهلِ والحيرة وأوضار التخبُّطِ والضَّيَاع، وأخرجهن من دروب الحيرةِ إلى طريق الهدى وسبيل النجاة».
وتروي «إيفلين كوبلد» شاعرة وكاتبة بريطانية، بشائر إيمانها فتقول: «يصعب عليَّ تحديد الوقت الذي سطعت فيه حقيقة الإسلام أمامي فارتضيته دينا، ويغلب على ظني أني مسلمة منذ نشأتي الأولى، فالإسلام دين الفطرة الذي يتقبله المرء فيما لو تُرك لنفسه». «لما دخلت المسجد النبوي تولتني رعدة عظيمة، تحكي «كوبلد»، وخلعت نعلي، ثم أخذت لنفسي مكانا قصيا صليت فيه صلاة الفجر، وأنا غارقة في عالم هو أقرب إلى الأحلام، صحيح أن محمدا رسول الله إنسان بعثت به السماء لهدي أمة كاملة، وأرسلت على يديه ألوان الخير إلى الإنسانية».
ولعل هذه نماذج حديثة عهد بالإسلام، لكنهن يقدمن دروسا عظيمة في الثبات والصدق والعزيمة والإخلاص والتجرد. نقول ذلك مع غصة السؤال أين أولئك المسلمات بالوراثة في بعض دول العالم العربي واللواتي لا يعرفن من الإسلام إلا اسمه، ولم يتذوقن حلاوة الإيمان، وعذوبة البذل والعطاء لهذا الدين في صفائه الروحي ونقائه الأبدي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.