يدعي التامك وأميناتو حيدر ورفاقهما الدفاع عن حقوق الإنسان، ويشهرون إيمانهم الصادق بكونية حقوق الإنسان، ويقدمون أنفسهم روادا في هذا الشأن، ولذلك لا غرابة ولا عجب في أن يعرضوا أنفسهم مسؤولين في منظمة تلبس لباسا حقوقيا، من حيث الشكل على الأقل. لكن المثير حقا في هذا الإيمان وهذا الاندفاع أنه فاضح لجغرافية حسابات دقيقة جدا، فالدفاع عن حقوق الإنسان كأشخاص أو كتنظيم يقتصر فقط عما قد يقترف من انتهاكات لحقوق الإنسان في المنطقة الخاضعة للسيادة المغربية، أما خارجها فإن فعالية إيمان هؤلاء بحقوق الإنسان تنعدم، وإن كان الذي يوجد في مخيمات تندوف من نفس فصيلة الإنسان الذي يوجد في أقاليمنا الجنوبية. طبعا، منطق حقوق الإنسان لا يقبل التجزيء ولا يحتمل التفسير الذاتي للحالات، مثلا ليس من حقي شخصيا أن أجرد التامك وأميناتو من هويتهما الحقوقية، ولا أن أنكر عنهما تعرضهما للانتهاكات بدعوى أنهما عميلان لجهة خارجية، وأنهما يشتغلان وفق أجندة سياسية خارجية، وإن رجحت هذا التفسير، إلا أنه ليس من حقي أن أوظفه، وأعتقد أن الذي يدعي الإيمان بحقوق الإنسان، يجب أن يعطي النموذج في هذا الصدد، وأن شرعيته النضالية الحقوقية يحصلها من واقعية التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان بتجرد كامل عن الخلفيات والحسابات والإيديولوجيا. أثارتني حالة الشابة الصحراوية التي تقول إنها تعرضت للاغتصاب من طرف إبراهيم غالي القيادي في جبهة البوليساريو ، وأن الضحية رفعت شكوى أمام القضاء الإسباني . أين هي المنظمة الحقوقية التي تقوم أميناتو برئاستها، ويدفع التامك بعضويتها؟ لماذا كل هذا الصمت رغم أن الضحية مواطنة صحراوية لا تقل شأنا عن ابني أميناتو، التي أقامت منظمتها الدنيا ولم تقعدها بدعوى أنهما تعرضا للهجوم اللفظي من طرف أشخاص أثناء سفرهما عبر وسيلة نقل عمومية؟ طبعا سيقول التامك وأميناتو ورفاقهم في النضال الحقوقي أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد لعبة من ألاعيب المخابرات المغربية، كما حاولت التلاعب بحالات أخرى مثل ولد سلمى والناجم وغيرهما. لكن السؤال المحير فعلا يتلخص في... كيف تمكن هؤلاء المناضلون الحقوقيون من التوصل إلى هذا الحكم؟ ومن مكنهم من المعلومات التي أهلتهم لبناء هذه القناعة؟ وهل هذاشغل منظمة حقوقية أولا؟