عرفت قاعة الفن السابع بالرباط يوم الجمعة 7 نوفمبر 2008 عرض الفيلم القصير «الخبز المر» لمخرجه «حسن دحاني» وهو ثالث فيلم له بعد «من حذاء لآخر» و«أنا طائر» ويعتبر هذا الفيلم من بين الافلام الواقعية والمرتبطة بقضايا المجتمع وذلك بتسليط الضوء على المواقف الإنسانية الصعبة ومحاولة إبراز شاعرية الصورة داخل واقع موبوء بالمتناقضات. ويحكي الفيلم قصة أب يعاني من مرض الزهايمر مما فرض عليه البقاء حبيس منزله مع ابنته التي تعاني من الوحدة والضياع، فاضطرت هي الأخرى للبقاء بجانب أب حاضر جسديا لكنه غائب روحيا، والبنت هي أم لطفلة من أب مجهول، لتختار الأم الهروب من واقعها الاسري بالارتماء في أحضان الهوى الليلي، لكن صراعها الداخلي بين الحياة التي اختارتها والوسط المحافظ الذي تعيش فيه، يتفجر في ليلة عيساوة وكأنها تريد التخلص من ذلك الهم الكاتم على أنفاسها، كما أن رغبة الأب من التحرر والخروج من المنزل، تجعله البنت مصدر خوفها من تيهان الأب وهو ما سيقع في النهاية التي ستعرف سقوط البنت وطفلتها في مفترق الطرق وهي تبحث عن أثر لأبيها الهارب. ولعل فيلم «الخبز المر»، تجسيد لتلك الانهيارات التي تلحق بالإنسان في أزماته، وهذا ما نراه في انهيار الاب أمام حلمه المتجسد في ظهور زوجته «كفلاش باك» وحواراته الداخلية والتي لايستطيع أن يعبر عنها إلا عن طريق الحلم، وكذلك التفجير الذاتي عن طريق الرقص الأم في ليلة عيساوة مما يعني إفراغ الشحنات النفسية المفرطة، لكن الواقع يفرض نفسه وهو ما جعل الاب يهرب من الحياة التي تعيشها ابنته والتي لم يقبلها حتى في الحلم (حوار مع زوجته) وأيضا البنت التي تحتاج إلى رجل وإن كان بشكل رمزي، وهذا الارتباط ليس سوى البحث عن الحماية داخل مجتمع قاس. لكن الفيلم يبقى رهين مجموعة من الأعطاب عجز عن تجاوزها وخلخلت الفيلم من الداخل مما أسفر عن عدم متانة الحبكة الدرامية، كما أن ضعف السيناريو كان له تأثير كبير على الحوارات التي بقيت أحيانا مبتورة،وخاصة في المشاهد الاولى الداخلية. كما ساهم تفاوت عطاءات الممثلين في الحد من قيمته الابداعية، إضافة إلى إقحام بعض المشاهد التي لم تهيأ دراميا ليلة عيساوة نموذجا أو الافراط في تضخيمها مما جعل الحكاية لاتساير بشكل عام المشهد الأخير، وإن كان يحقق الشاعرية المتوخاة.