بعد ست ساعاتمن انتظار الحسم في ملف كوماناف أصدرت الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط أحكاما تراوحت بين البراءة وخمس سنوات حبسا نافذا وسط ذهول المتهمين والعائلات التي كانت تنتظر في أقصى الحالات الحكم بالمدة التي قضاها المتهمون وراء القضبان ابتداءمن يوم 19 يونيو إلى غاية 28 نونبر 2012 بعد الإفراج عنهم مؤقتا، وذلك في تطور مفاجئ لموقف النيابة العامة التي ارتأت مسايرة الدفاع في ملتمس السراح المؤقت بالتأكيد على أنها »لا ترى مانعا« بعد رفضها ذلك في جلسات سابقة. وهكذا تلا رئيس الهيئة الأستاذ الحفايا الأحكام التالية وسط صمت مطبق حتى بعد انتهاء النطق منها: خمس سنوات حبسا نافذا في حق توفيق إبراهيمي: المدير العام السابق لكوماناف، ورجل الأعمال ورئيس الجمعية الملكية المغربية للسباحة. ثلاث سنوات لكل واحد من عبد الرحيم منضور: المدير المركزي للموارد البشرية بالشركة المغربية للملاحة كوماناف، ومحمد رامي: الملحق بالمعهد العلمي للصيد البحري. سنتان حبسا لمسؤول نقابي بنقابة الاتحاد المغربي للشغل. سنة حبسا لعامل ميناء الدارالبيضاء ونقابي. البراءة لملاح. وكان المتهمون قد أكدوا في كلمتهم الأخيرة التي لم تتجاوز ست دقائق عن نفيهم التهم المنسوبة إليهم والمتعلقة بتكوين عصابة إجرامية للاعداد لتخريب منشآت موانئ وبواخر وافشاء السر المهني والمشاركة في ذلك، والمشاركة في عرقلة حرية العمل. وقد أسقطت المحكمة تهمة تكوين عصابة إجرامية وأعادت تكييف المتابعة في إطار سلطاتها. وكان المتهم توفيق الابراهيمي قد أكد في كلمته الأخيرة أنه يثق في العدالة، وشكر المحكمة وكل من ساهم في تمكينهم من السراح المؤقت يوم 28 نونبر 2012، حيث منحت للمتهمين الحرية الجسدية، متمنيا أن يسترجعوا حرياتهم المعنوية لبناء مستقبلهم. وقد حرك هذا الملف بعد الاشتباه في التخابر مع جهات خارجية للمس بسلامة أمن الدولة الداخلي، حيث دخلت أجهزة المخابرات »الديستي« على الخط وأعطيت أوامر للتنصت على المكالمات الهاتفية، التي تعد العمود الفقري في النازلة. وكان قاضي التحقيق قد أوضح في بداية قرار إحالته أن المتهمين وخصوصا الخمسة الأوائل منهم أنهم »عمدوا إلى القيام بأعمال إجرامية من شأنها زرع الفتن وخلق البلبلة والفوضى من أجل إطالة الصراع القائم بميناء طنجة المتوسطى، بالإضافة إلى تحريضهم للبحارة المضربين بالبواخر المغربية والمتواجدين على متن بواخر »مراكش، وبني أنصار، وبلادي« التي كانت ترسو بميناء سات الفرنسي منذ 2012، وكذا عرقلة العمل وبذل قصارى الجهد لإجهاض كل الحلول المتخذة من أجل وضع حد لمشاكل هؤلاء البحارة«. وإذا كان القضاء تكفل وسيتكفل بما عرض عليه في ما تبقى من مراحل التقاضي على مستوى غرفة الجنايات الاستئنافية بذات المحكمة ومحكمة النقض، فإنه من جهة ثانية لامناص للحكومة من فتح الشق الثاني من هذا الملف الذي طرح كثيراً من التساؤلات وعلامات الاستفهام حتى أمام المحكمة، بما في ذلك وضعية تحديد المسؤوليات وترتيب النتائج، خاصة أن الدفاع وجه اتهامات صريحة يفترض أن يُفتح معها تحقيق قضائي في إطار تفعيل مقتضيات الدستور أيضا.