قام فريق منتدب من المجلس الوطني لحقوق الإنسان بملاحظة مجريات محاكمة المتهمين على خلفية أحداث اكديم إيزيك في نطاق . وذلك انطلاقا من افتتاح هذه المحاكمة بتاريخ فاتح فبراير 2013 ومرورا بالجلسات المنعقدة منذ 8 فبراير 2013 إلى غاية إنجاز هذا التقرير الأولي بتاريخ 13 فبراير 2013. ويتكون الوفد الملاحظ عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان من: السيد رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الرباطالقنيطرة، الأستاذ عبد القادر أزريع؛ عضوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الأستاذة جميلة السيوري؛ الأستاذ مصطفى الناوي، محام ومستشار لدى رئاسة المجلس؛ رئيس ديوان رئيس المجلس الأستاذ عبد الرزاق الحنوشي؛ الأستاذ عبد غفور دهشور، مكلف بالإعلام لدى اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الرباطالقنيطرة. تتكون هيئة المحكمة من الأستاذ نور الدين الزحاف رئيسا، و كل من السادة : امحمد آيت فرج و عبد الوهاب الخاوة و الحسن قدوري و بوشعيب وداد مستشارون ويمثل النيابة العامة السيد عبد الكريم حاكيمي السيد لغرابلي عبد اللطيف كاتبا للضبط يؤازر المتهمين إحدى عشر محاميا من هيئات المحامين بكل من أكادير ومراكش والرباط والدار البيضاء وهم: الأستاذ عبد الله شلوك ، الأستاذ محمد الحبيب الركيبي ، الأستاذ محمد بن بوخالد الأستاذ نور الدين ضليل ، الأستاذ فاضل الليلي ، الأستاذ لحماد بازيد ، الأستاذ مالك مونتكي ، الأستاذ مصطفى جياف ، الأستاذ محمد المسعودي ، الأستاذ عبد الرحمان عبيد الدين ، الأستاذ مصطفى الراشدي. حصر الوفد الملاحظ ملاحظاته الأولية حول سير المحاكمة فيما يلي: أولا: محيط المحكمة لوحظ وجود طوق أمني مكثف بجوار محيط المحكمة ونصب حواجز حديدية في وجه حركة السير والجولان، دون منع الراجلين من العبور. اقتصر دور القوات العمومية على حفظ النظام والأمن وضبط الراغبين في الولوج إلى المحكمة من حيث الهوية وتسليم بطاقات الولوج مع إخضاع كل راغب في تتبع أطوار المحاكمة، من غير المحامين، للتفتيش الإلكتروني وأحيانا للتفتيش اليدوي مع المنع من إدخال الهواتف المحمولة إلى قاعة الجلسات. وفي الساحة المقابلة للمحكمة لوحظ أن عائلات المتهمين والضحايا تتظاهر باستمرار وبكل حرية أمام باب المحكمة وترفع ما شاءت من لافتات وشعارات وتستعمل مكبرات الصوت، وأن السلطات الأمنية شكلت حاجزا لمنع الاصطدام بين الجانبين. وفي هذا الإطار، لاحظ الوفد المنتدب عن المجلس أن هناك عناصر لا تنتمي لعائلات الضحايا ضمن المتظاهرين، كما بلغ إلى علم هذا الوفد أن البعض من هذه العناصر قد رفع لافتة تشهر برئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي كانت قد حضرت صباح يوم السبت 10 فبراير 2013 وتناولت الكلمة وسط عائلات المعتقلين، كما تأكد له أن السيدة الكاتبة العامة لجمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان تعرضت للاعتداء اللفظي من قبل هذه العناصر. العلنية تأكد لدى الوفد الملاحظ احترام مبدأ العلنية وفقا لما نصت عليه المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 300 من قانون المسطرة الجنائية. وتجدر الإشارة، فيما يتعلق بالعموم، إلى أن المسؤولين عن أمن المحكمة العسكرية اتفقوا مع أسر الضحايا وعائلات المتهمين، في بداية الجلسة المنعقدة يوم فاتح فبراير، على ولوج ثلاثين فردا عن كل منهما، لكن لوحظ، فيما بعد، أن عدد الأفراد الذين ولجوا القاعة من عائلات المتهمين وصل إلى 42 شخصا، كما وصل عددهم من عائلات الضحايا إلى 25. وفيما عدا الإجراءات الأمنية التي كانت القوات المشرفة على ولوج القاعة تسهر عليها فإن هذه العملية عرفت تشنجات محدودة تدخل أحد أعضاء فريق الملاحظة من أجل فضها. وقد عاين أحد الملاحظين عن المجلس، في الجلسة المنعقدة بتاريخ 8 فبراير 2013، أن عائلات المتهمين اشترطت ولوج جميع أفراد العائلات دون التقيد بأي سقف محدد مسبقا، مما جعلها تحصر ولوج القاعة في عدد محدود منها بينما بقي العدد الكبير خارج المحكمة. وعموما فقد تابع أطوار المحاكمة منذ بدايتها : ممثلون عن التمثيليات الدبلوماسية لسويسرا والولايات المتحدةالأمريكية وبريطانيا وإسبانيا وكندا؛ خمسون شخصية أجنبية من أوربا وأمريكا والشرق الأوسط؛ سبعة عشر ملاحظا أجنبيا من منظمات دولية وأجنبية غير حكومية؛ - ممثلون عن خمس وعشرين جمعية وطنية غير حكومية؛ - تسعة محامين أجانب من فرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا؛ ثمانية صحافيين أجانب من الأردن وإسبانيا والجزائر وإيطاليا؛ وسائل إعلام دولية ووطنية، سمعية بصرية ومقروءة (ورقية وإلكترونية). نظام الجلسة لوحظ حضور أمني ظاهر ومستمر في جنبات القاعة وبين الحضور، يرتبط في جانب منه بالنظام المعتمد في جلسات المحكمة العسكرية وفي جانب آخر بطبيعة المحاكمة. ورغم ذلك، فإن هذا الحضور لم يكن له أي تأثير يذكر على سير الجلسات. كما لوحظ أن المتهمين يدخلون إلى القاعة، رفقة دركيين ويغادرونها بدون أصفاد وأنهم يرددون في الحالتين، جماعة وفرادى، شعارات سياسية باللغات العربية والفرنسية والإسبانية ويلوحون بشارات النصر في اتجاه الحضور، وأن عائلاتهم تفاعلت معهم كما أن بعض الملاحظين الدوليين يقفون تحية لهم ويتجاذبون معهم أطراف الحديث في فترات رفع الجلسات للاستراحة أو لسبب آخر. وقد تبين أن بعض الملاحظين لا يخفون دعمهم ومساندتهم المباشرة للمتهمين. سير الجلسات لوحظ أن الرئيس بذل جهدا كبيرا في تسيير الجلسات وتدبير مجرياتها وأبدى مرونة في التعامل مع المتهمين أثناء استجوابهم ومع الدفاع من خلال تمكينهم من بسط دفوعهم وطلباتهم وملاحظاتهم وملتمساتهم. غير أن ذلك لم يمنع من وقوع بعض التشنجات بين هيئة الدفاع ورئاسة الجلسة من جهة وبينها وبين ممثل النيابة العامة من جهة أخرى، لكن هذه التشنجات سرعان ما كانت تجد طريقها إلى الحل بفضل حنكة رئيس الجلسة وتجاوب هيئة الدفاع. وفيما يتعلق بالنيابة العامة، لوحظ أن السيد ممثل النيابة العامة يتصرف بنوع من الاعتدال، وأنه لا يطرح من الأسئلة إلا ما يتصل بالدعوى العمومية، وأنه ساند الدفاع في العديد من الطلبات (مثل طلبات استدعاء بعض الشهود، وإحضار المحجوزات، وتقديم الإسعافات الطبية الضرورية لبعض المتهمين، وتمكين المتهمين من الراحة والتغذية...). وبالنسبة للدفاع، بدا منذ أول جلسة أنه يتفاعل مع الرئاسة من أجل تيسير سير الجلسات. وقد تبين من خلال استجواب المتهمين أن أحد أعضاء هيئة الدفاع حضر مع كافة المتهمين تقريبا في الاستنطاق التفصيلي أمام السيد قاضي التحقيق، غير أنه يظهر من خلال تصريحاتهم أنهم لم يستفيدوا، مع ذلك، من الضمانات التي يخولها قانون الإجراءات في هذا الباب ومنها أساسا الحق في الاطلاع على المحضر أو سماع تلاوته قبل التوقيع عليه. أما بالنسبة للمتهمين فإنهم، باستثناء متهمين اثنين، يركزون دفاعهم، عند استجوابهم من لدن المحكمة، على إبلاغ خطاب سياسي مفاده أنهم يحاكمون بسبب قناعاتهم السياسية ونشاطهم الحقوقي والجمعوي. كما أنهم يؤكدون على تعرضهم لمختلف صنوف التعذيب وسوء المعاملة في مخافر الأمن الوطني والدرك الملكي وفي محكمة الاستئناف بالعيون وفي المحكمة العسكرية قبل مثولهم بين يدي السيد قاضي التحقيق وخلال الخمسة أشهر الأولى من الاعتقال الاحتياطي بسجن سلا. أما بخصوص الأفعال المنسوبة إليهم والمضمنة في محاضر الضابطة القضائية، فإنهم ينفونها جملة وتفصيلا ويؤكدون للمحكمة عدم اطلاعهم عليها عند توقيعهم لها أو إبصامهم عليها تحت الإكراه. وفي انتظار بلورة تقرير نهائي حول المحاكمة، يمكن إجمال الملاحظات الأولية الأساسية فيما يلي: 1 علنية الجلسة: تنوع الحضور من ملاحظين وحقوقيين وإعلاميين وعائلات وبرلمانيين، ودبلوماسيين...؛ 2 التأكيد المتواتر لرئيس الجلسة على احترام مبادئ المحاكمة العادلة وضماناتها وأساسا على قرينة البراءة وعلى كون المحاضر مجرد معلومات؛ 3 توفير الترجمة: ترجمان لكل من الإسبانية والفرنسية والإنجليزية، وترجمانان للغة الحسانية وحضور المترجمين في جميع الجلسات؛ 4 الحرص على شرح القرارات الأساسية التي تتخذها المحكمة بكيفية عارضة أو في نطاق تسيير الجلسات وتنظيمها لفائدة المتهمين والحضور، وترجمة مضامينها لفائدة الملاحظين الأجانب؛ 5 الاستجابة لعدد كبير من طلبات الدفاع، تتعلق تحديدا ب: استدعاء البعض من الشهود؛ إحضار المحجوزات ورفع الأختام عنها؛ عرض الأشرطة والصور. 6 التدبير الجيد للجلسة: إشعار المتهمين بالتهم المنسوبة إليهم وباللغة التي يفهمونها؛ طمأنة المتهمين باستحضار مقتضيات المحاكمة العادلة؛ التعامل معهم باحترام ولطف باعتراف المتهمين ودفاعهم؛ التعامل الإيجابي مع المتهمين الذين بدا عليهم العياء أو الإرهاق أو أصيبوا بتوعكات، من خلال الإذن لهم، أثناء مثولهم، بالجلوس وإحالتهم على المستشفى قصد العلاج أو على المؤسسة السجنية من أجل الراحة مع تتبع حالتهم الصحية وتناولهم للأدوية وتلقيهم للعلاجات أولا بأول والإخبار بمستجدات حالتهم الصحية؛ 7 الاستماع لخمسة شهود من اللائحة التي أدلى بها الدفاع ممن يكونون قد عاينوا عملية إلقاء القبض واطلعوا على زمانها أو مكانها أو علموا بمكان وجود المتهم وقت وقوع الأحداث والاقتصار على شاهد واحد من لائحة الشهود الجدد التسعة التي أدلى بها السيد ممثل النيابة العامة؛ 8 الاستماع المختصر لمن حضر من عائلات ضحايا أحداث اكديم ايزيك بخصوص مصابهم في ذويهم، مما يعتبر إجراء حكيما ومنسجما وقانونيا بالنظر إلى السلطة التي يخولها الفصل 96 من قانون العدل العسكري ولا تأثير له على ما ينص عليه نفس القانون من منعهم من إمكانية الانتصاب مطالبين بالحق المدني في الدعوى الرائجة؛ 9 مبادرة المحكمة إلى عرض أشرطة وصور بواسطة شاشتين كبيرتين مع تنبيه الأشخاص الذين لا يتحملون المشاهد العنيفة إلى مغادرة القاعة؛ 10 إشارة بعض المتهمين إلى أنهم تقدموا بشكايات في شأن ما يكونون قد تعرضوا له من تعذيب وسوء معاملة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان وسيتطرق المجلس الوطني لهذا الموضوع في تقريره النهائي. استنادا على المعطيات العامة والتقرير الأولي عن مجريات أطوار المحاكمة ودون أخذ مرحلة ما قبل المحاكمة بعين الاعتبار وفي انتظار صدور التقرير النهائي، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يسجل أن المحاكمة مرت في أجواء عادية واتسمت على وجه العموم بسلامة الإجراءات فخلفت بذلك ارتياحا لدى المتهمين الذين بادر العديد منهم عند الاستماع إليهم إلى التعبير عن شكرهم لرئيس الهيئة.