لازالت تداعيات قرار السلطات العمومية بإقليمالحسيمة بشأن حظر زراعة القنب الهندي بالأراضي التابعة للمياه والغابات وأراضي الأحباس، مستمرة، ويظهر ويظهر أن السلطات عقدت العزم على وضع إجراءات قانونية لهذه الزراعة، تسمح فقط بإنتاج الكيف في المناطق التي كانت معروفة بإنتاجه بجماعات قروية توجد في قمم الريف العالية ككتامة، بني بوشيبت، تمساوت...، وذلك بعد أن تبين وجود العديد من المستفيدين من هذه الزراعة يراكمون ثروات خيالية كما أنهم يجهزون سنويا على وعاءات غابوية مهمة أصبحت تهدد الأراضي وكذلك الساكنة بمشاكل انجراف التربة. ومن المعلوم أن القنب الهندي يشكل العصب الاقتصادي لساكنة المناطق الجبلية للريف العميق وموردا قارا لعيش آلاف الأسر، حيث تعرف الأراضي الجبلية للريف زراعة الكيف بنسب قد تصل إلى 90 %، وتمنع الثلوج الكثيفة وموجات البرد القارس على تهيئة مغروسات أو زراعات أخرى، على أساس أن الثلوج تكسو تلك الأراضي لأزيد من 4 أشهر، وأثناء ذوبان الثلوج يكون الموسم الفلاحي قد شارف على الانتهاء مما يحول دون ممارسة زراعة بديلة وشرعية تقيهم شر المتابعات القضائية التي تقض مضجع ساكنة هذه المناطق. وحسب المعطيات التي نتوفر عليها فإن اكثر من 40.000 ألف مواطن بالمنطقة صدرت في حقهم مذكرات بحث مما يعني حرمانهم من أبسط شروط العيش الكريم كالتبضع من الأسواق والسفر وجميع الوثائق الإدارية مما ينعكس سلبا عليهم وعلى ذويهم في الاستفادة من الخدمات وعلى الخصوص في جانبها الاجتماعي إضافة إلى كل هذه العوائق فإن العديد من المزارعين يؤكدون على أن باقي المزروعات لا تتيح للفلاح البسيط موردا قارا للعيش، بسبب ضعف الأراضي الزراعية وتشتت الملكية، وهو ما يقلل من أهمية منتوجات فلاحية أخرى. الوضع بمناطق اساكن، وكتامة...، يتميز عموما بالهشاشة الاجتماعية وضعف الموارد الاقتصادية باستثناء زراعة الكيف وتربية الماعز، وتبقى العزلة وغياب مشاريع تنموية هما العنوانان العريضان اللذان يميزان منطقة الريف العميق، الذي لم يجد سكانه من سبيل للتغلب على قساوة الطبيعة سوى زراعة الكيف التي تسمح لهم بالبقاء والاستمرار في العيش، وذلك بعد أن أهملت الدولة تلك المناطق وجعلتها بعيدة عن التنمية، وهو ما أدى لترسخ هذه الزراعة أمام غياب مشاريع أخرى، إضافة إلى تردي الخدمات بجميع أنواعها جراء ضعف او انعدام البنية التحتية كالطرق والمدارس ودور الولادة ودور الشباب كما أن الساكنة تعاني من صعوبة الولوج إلى الخدمات الصحية بسبب قلة المراكز الصحية وعدم تأهيلها لاستقبال المرضى مع ندرة وقلة الموارد البشرية والتجهيزات الطبية حيث يضطر السكان في بعض الحالات لقطع عشرات الكيلومترات مابين المسالك للوصول إلى الطرق الجهوية أو والوطنية العديد من الفلاحين الذين التقتهم جريدة « العلم «، أكدوا على أن زراعة القنب الهندي لم تعد تلبي حتى حاجياتهم الأساسية في العيش الكريم، بسبب غلاء الأسمدة والأملاح وكذلك اليد العاملة، وان المستفيد الأول من هذه الزراعة هم السماسرة خصوصا الأوروبيون نظرا للإمكانيات اللوجيستيكية التي يتوفرون عليها كالطائرات والزوارق السريعة .كما تشير أرقام المعاملات في هذه التجارة بأوروبا إلى ملايين الأوروات بينما هذه الشريحة من الفلاحيين الصغار لا تجني إلا النزر القليل الذي يسد بالكاد حاجياتهم اليومية إضافة على المتابعات القضائية والابتزاز الذي يتعرضون له يوميا من طرف السلطات، كما اعتبر السكان قرار السلطات بحظر زراعة الكيف لهذا الموسم أمرا بعيدا عن الصواب وطالبوا مجددا بفك العزلة عن مداشرهم وقراهم من خلال بناء القناطر والطرق والمنشآت الاجتماعية وأضافوا في تصريحهم «لجريدة العلم» انهم يعيشون عزلة حقيقية أثناء هبوب الرياح القوية والأمطار والثلوج ويظلون لشهور كثيرة في انتظار الذي يأتي او لا يأتي. «علي» وهو من سكان مركز كتامة وأحد المستفيدين من هذه الزراعة يؤكد على أن الفلاحين يقاومون الطبيعة في تلك الجبال البعيدة المتسمة بقساوة الطبيعة، واعتبر أن على الدولة الإسراع بفك العزلة عن تلك المناطق بإنشاء مشاريع مدرة للدخل يستفيد منها الفلاحون الفقراء الذين لا يستفيدون إلا من الفتات الذي تدره عليهم هذه الزراعة الملعونة حسب تعبير «علي» بعفوية. انطلاق موسم حرث القنب الهندي لهذا الموسم نتج عنه عدة مشاكل بين السلطات العمومية والفلاحين البسطاء ابتدأت من دوار «إيمازون « الذي انطلقت به مواجهات عنيفة وصلت حد استعمال الأهالي للرصاص لوقف هجوم رجال الدرك على منزل أحد الفلاحين. «محمد أقزيم» يؤكد على أنه حاول الدفاع عن حرمة منزله، وأنه كان لا يحوز أي شيء باستثناء سنابل الكيف التي توجد بمنازل كل الفلاحين بجبال الريف، وعلى خلاف تصريحه تتشبث عناصر الدرك بكون المعني كان يحوز بمنزله حوالي 2 طن من الشيرا المعدة للتسويق وأثناء مداهمتها لمنزله رفض الاستسلام وقاوم رجال الدرك باستعمال بندقية صيد، وهو ما ادى إلى اندلاع مواجهات انتهت بإصابة أحد الدركيين بشظايا رصاصة طائشة، فيما تمكن المبحوث عنه من الفرار باتجاه وجهة مجهولة. رئيس جماعة مولاي أحمد الشريف أكد في تصريح خص به الصحافة أن زراعة القنب الهندي توجد بكل المداشر القروية بجبال الريف، بل تمتد من مشارف بني حذيفة لحدود إقليمالعرائش حيث تساءل عن الخلفية التي دفعت رجال الدرك إلى الهجوم على دوار « إيمازون « دون باقي الدواوير التي تنتج القنب الهندي، وأضاف أن على الدولة نهج مقاربة تنموية بدل تغليب الهاجس الأمني على هذه الزراعة المحظورة. بعد احتجاجات جماعة مولاي أحمد الشريف، انتقلت أشكال التمرد على قرار السلطات بحظر زراعة الكيف إلى جماعة بني جميل مؤخرا، سمع ساكنة جماعتي بني جميل مسطاسة وبني جميل مكصولين خبر حظر زراعة الكيف لهذا الموسم، «البراح» الذي يمتهن حرفة اقتلاع الأسنان بالأسواق لمجرد أن استغل مكبر صوته لتبليغ خبر المنع الذي أملاه شيخان ومقدم حتى انقلب السوق وعمت الفوضى وخرج السكان والفلاحون والشيوخ والأطفال بشكل عفوي في مسيرات احتجاجية على قرار الحظر، كما خلفت الاحتجاجات ذاتها العديد من الخسائر المادية بمحتويات جماعة وقيادة بني جميل. وحسب معطياتنا فإن قرار الحظر كان من اجتهاده الشخصي دون استحضار الإكراهات الاجتماعية إن كان هدفه هو ابتزاز المزارعين. ومن تداعيات الأحداث التي كانت المنطقة مسرحا لها وكادت ان تخلق احتقانا اجتماعيا ينذر بإنفجار وتمرد ستكون عواقبه وخيمة على الامن الإجتماعي واستقرار المنطقة جعلت رئيس الفريق الاستقلالي للحزب وعضو اللجنة التنفيذية نورالدين مضيان يدخل على الخط ويقوم بالاتصال المباشر بالمسؤولين على المستوى الوطني مرورا بلقائه الشخصي مع والي الحسيمة السيد محمد الحافي لتنبيه المسؤولين من مغبة استمرار السلطات المحلية وقائد سرية الدرك الملكي بتارجيست في استفزاز المزارعين ونهج المقاربة الأمنية في مواجهة السكان والحط من كرامتهم مع الاستغلال البشع لهذا الموضوع وجعله ورقة سياسية خلال جميع المحطات الانتخابية . وأسفر اتصال نور الدين مضيان برلماني عن دائرة إقليمالحسيمة عن التأكيد على ضرورة نهج مقاربة تنموية كحل موضوعي لزراعة القنب الهندي وكذلك إيجاد الحلول اللازمة لوقف مداهمة بيوت الفلاحين البسطاء الذين يعانون من القهر.