أطاحت حملة للسلطات لمكافحة زراعة القنب الهندي بعدد من قرى إقليم تاونات، يوم الاثنين، بأحد المزارعين في الجماعة القروية تبودة في بلدة غفساي، وذلك للاشتباه في تورطه في هذه الزراعة المحظورة، في حين تمكن مزارع آخر من الفرار، دون أن ينجح رجال الدرك ومعهم رجال القوات المساعدة وعدد من أعوان السلطة في ملاحقته، وتم إصدار مذكرة بحث في حقه. وأفضت هذه الحملة، التي وصفتها السلطات الإقليمية ب»التحسيسية» لمنع الفلاحين من زرع «الكيف» في أراضيهم، إلى حجز حوالي 4 أطنان و600 كيلوغرام من سنابل هذه المادة، وذلك إلى جانب 80 كيلوغراما من بذور القنب الهندي وكيلوغرامين من مخدر الشيرا. الحملة، التي دشنت بها السلطات بداية المرحلة الثانية خلال الموسم الفلاحي الحالي، حجزت هذه الكميات، التي وصفت بالكبيرة، في منزلين فقط من منازل الفلاحين الذين يشتبه في أنهم قاموا بتحويل أراضيهم إلى مجالات لزراعة الكيف والتي تنتشر بعدد كبير من الجماعات القروية المحيطة بالمدينة، في وقت تؤكد فيه السلطات الإقليمية أنها تواصل جهودها «الإيجابية» لاجتثاث هذه النبتة «الخبيثة» من المنطقة المجاورة لبلدة «كتامة» والتي تلقب ب»عاصمة» الكيف في المغرب. وكان الشطر الأول من الحملة، الذي تمت مباشرته في شهر مارس الماضي، قد أفضى إلى اعتقال ما يقرب من 50 مزارعا، ووضع ما يقرب من 130 شخصا ضمن لائحة المبحوث عنهم بتهمة التورط في زراعة محظورة. وحجزت السلطات خلال هذه الحملة، التي نظمت بتزامن مع موسم الحرث، حوالي 512 كلغ من مادة القنب الهندي وحوالي 653 كلغ من بذور هذه المادة. كما حجزت السلطات 21 كلغ من التبغ و226 كلغ من بقايا القنب الهندي، وبعض الأدوات والمعدات المستعملة في زراعة هذه المادة. وشملت المحجوزات عددا من «التراكتورات» التي عادة ما يكتريها صغار المزارعين من أجل حرث أراضيهم. وطال الاعتقال حتى بعض من قدموا بوصفهم سائقي هذه الجرارات. وفي إطار الشطر الثاني من هذه الحملة «التحسيسية»، قالت عمالة تاونات، في بلاغ لها، إن لجنها المختلطة ستزور عددا من الأسواق الأسبوعية في القرى المعنية بانتشار هذا النوع من الزراعة ل»إقناع» المزارعين بخطورة هذه الزراعة المحظورة، وأهمية اعتماد زراعات بديلة. كما ستحل هذه اللجن في عدد من مساجدها، حيث سيتم اعتماد الخطاب الديني الذي يحرم هذه النبتة، وذلك بالإضافة إلى زيارة عدد من المؤسسات التعليمية التابعة لكل من دائرة غفساي وتاونات، لتحسيس أبناء المزارعين بأهمية المساهمة في مجهودات إقناع أولياء أمورهم بالتخلي عن هذه الزراعة التي تجعلهم عرضة للمطاردات والاعتقالات والأحكام القضائية. وستلجأ اللجن، من جهة أخرى، إلى التجوال في عدد من دواوير هذه الجماعات واستعمال مكبرات الصوت لإيصال هذه الرسالة إلى الفلاحين والمزارعين. وعرفت مجموعة من الأسر الفلاحية في هذه المناطق، بسبب هذه الزراعة، «ترقيات طبقية» لافتة، في الآونة الأخيرة، بعد أن كانت تصنف ضمن خانة الفلاحين الفقراء. وساهم هذا «التسلق الطبقي» السريع في تشجيع عدد من المزارعين من «الكادحين» على اختيار زراعة «الكيف» بديلا عن الزراعات المشروعة. وشهدت عدة مناطق بالإقليم تحولات اجتماعية كبيرة ومتسارعة بسبب هذه النبتة المحظورة، وولدت مع هذه التحولات آفات اجتماعية خطيرة، منها تنامي الإجرام في بعض هذه البلدات، وانتشار ترويج المخدرات بمختلف أنواعها في صفوف الشبان والقاصرات، وارتفاع نسبة الاعتداءات الجنسية والتحرش بالفتيات. وتقول السلطات إنها رصدت، في الآونة الأخيرة، مبلغ 294 مليونا و487 ألفا و922 درهما لإنجاز حوالي 116 مشروعا لفائدة 24 جماعة معنية بزراعة القنب الهندي بالإقليم. ويرمي هذا البرنامج إلى تشجيع الزراعات المشروعة وفك العزلة عن المناطق المعنية عبر تهيئة الطرق والربط بشبكة الماء الصالح للشرب والكهربة القروية وتحسين خدمات التعليم والصحة وتأهيل مراكز لممارسة الرياضة ودعم الأنشطة الثقافية.