اعتقل رجال الدرك، منذ حوالي 10 أيام، عون سلطة برتبة مقدم بإحدى الجماعات القروية بتاونات، بتهمة زراعة القنب الهندي والتستر على هذه الزراعة. ويقطن المقدم «ع. د.» بدوار قلعة بني بربر بجماعة بوهودة، وهي من الجماعات القروية بإقليم تاونات التي بدأت زراعة الكيف تزحف إليها من منطقة كتامة. وتعد هذه الجماعة من أفقر الجماعات بالإقليم، لكن دخول «الكيف» إليها بدأ في إحداث تغييرات في مداخيل عدد من الأسر الفلاحية بها. ويظهر أن هذه التغيرات في الوضع الاجتماعي هي التي دفعت عائلات أخرى إلى اللجوء إلى الزراعة نفسها بالرغم من الحرب التي تشنها السلطات ضدها. وإلى جانب تهمة زراعة الكيف في حقول هي في ملكيته، فإن المقدم الذي جرى اعتقاله وسط متابعة أهل الدوار، يواجه كذلك تهمة التستر على أخوين له يشتبه في تعاطيهما لهذا النوع من الزراعة. وبمجرد ما أنهى محققو الدرك تدوين إفادات هذا المقدم، أحالوه على النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتاونات، وقررت هذه الأخيرة إيداعه السجن المحلي عين عيشة، لاستكمال التحقيقات معه. ويظهر أن «مهمة» أعوان السلطة، من مقدمين وشيوخ، بجماعات الإقليم التي زحفت إليها زراعة «الكيف»، صعبة. فهم مطالبون، طبقا لواجبهم المهني بالتبليغ عن أي شخص يشتبه في أنه حاول مزاولة هذه الزراعة خوفا من أن يؤدي الفتور في التعامل معهم إلى الانتشار الواسع لحقول القنب الهندي بالمنطقة. لكنهم، في المقابل، يترددون في الإبلاغ عن أقاربهم وأبناء دواويرهم، في مناطق معروفة برسوخ آصرة القرابة والارتباط القبلي، مقارنة مع ضرورة احترام القانون. ومن هؤلاء الأعوان، وتحت دافع التطلع إلى تغيير الوضع الاجتماعي، من لا يتوانى في الانخراط في هذه الزراعة. وكان عامل الإقليم قد أقدم، في شهر أبريل الماضي، على إنزال عقوبات تأديبية في حق ستة أعوان للسلطة المحلية اتهموا بعدم إبلاغ لجن مختصة بمكافحة زراعة القنب الهندي بالإقليم بجماعتي تمزكانة وسيدي الحاج امحمد التابعتين لنفوذ دائرة غفساي بتاونات. وتعد هذه الدائرة من الدوائر التي لم تستطع السلطات فيها أن تحد من انتشار زراعة الكيف. وهكذا، فقد عزل عامل الإقليم عون سلطة بجماعة سيدي الحاج امحمد، وقرر إيقاف خمسة أعوان بجماعة تمزكانة لمدة 15 يوما دون تعويض عن الأجر الشهري خلال المدة المذكورة. وقام هذا العامل وأمام تنامي هذه الزراعة، ومباشرة بعد سلسلة التقارير الإعلامية التي بثت وكتبت حول الظاهرة ببلدة غفساي، بدعوة اللجن الإقليمية المكلفة بالملف للقيام بزيارات مفاجئة إلى هذه المناطق «المتهمة» بالليل والنهار، وأعدت هذه اللجن تقارير اتهمت بعض أعوان السلطة بغض الطرف عن بعض المزارعين مقابل إتاوات.