تؤكد مصادر من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن الضرورة تقتضي بذل المزيد من الجهود من أجل توسيع وعاء المشتركين في هذه المؤسسة الحيوية بالنسبة للحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وضمان المعاشات لفئة عريضة من السكان النشيطين . وتوضح هذه المصادر أن البرنامج الذي تم اعتماده خلال السنوات الأخيرة ،من أجل تسجيل أكبر عدد ممكن من الأشخاص في الضمان الاجتماعي، ظلت نتائجه محدودا جدا بسبب المقاومة الشرسة التي يبديها معظم المشغلين الذين يتهربون من تسجيل أجرائهم ، بل وأنفسهم في الصندوق بدعوى ارتفاع تكاليف التحملات الاجتماعية . وتبرز هذه المصادر أن التدابير التحفيزية التي أتى بها مشروع القانون المالي لسنة 2013 ، لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة وفتح المجال أمام القطاع غير المهيكل و تشجيعه على الالتحاق بالدورة الاقتصادية المنظمة ، من شأنه أن ينعكس إيجابيا على موارد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، عبر التحاق فئات جديدة من المسجلين به . ويراهن مسؤولو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على العديد من الأنشطة التي ظلت خارج تغطيته ، وظل العاملون فيها، يصنفون ضمن الأجراء الأشباح، وخصوصا في قطاعات التجارة بالتقسيط والمقاهي والمخابز وبعض الحرف الأخرى كالحدادة والنجارة دون إغفال مهن حرة أخرى تدر أرباحا طائلة لكن العاملين فيها غير مسجلين في الضمان الاجتماعي، وبالتالي لا يستفيدون من الحماية الاجتماعية والصحية ، ولن تكون لهم معاشات حين يصلون إلى سن التقاعد. وتفيد المعطيات الرسمية أن عدد الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبقى ضعيفا بالمقارنة من عدد السكان النشيطين الذي يفوق 11 مليون و400 ألف شخص ، منهم أكثر من 10 ملايين و400 ألف شخص تشكل القوة العاملة الفعلية ، تتوزع على حوالي 22 في المائة تشتغل في القطاع العام وحوالي 78 في المائة تشتغل في القطاع الخاص. وكان المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي اعترف بهذا الخلل في عدة مناسبات، حيث سبق له أن أكد في ندوة دراسية ، نظمت بالدار البيضا،أن عدد الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق يصل إلى 2,4 مليون أجير من أصل 4,5 ملايين أجير في القطاعيين الخاص والعام، وهو ما يعادل حوالي 50 % فقط من مجموع الأجراء ، وهؤلاء يدخلون في عداد الأجراء الذين يشكلون عبئا كبيرا على الدولة في المستقبل المنظور، من حيث التكفل بالتغطية الصحية والاجتماعية وتوفير تقاعد مريح . وإذا كان العاملون في القطاع العام يتمتعون بالتغطية الصحية والاجتماعية ويستفيدون من نظام التقاعد ، فإن الوضع مختلف تماما بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص. وتظهر المعطيات أن عدد الأجراء المشمولين بتغطية الضمان الاجتماعي سجلت ارتفاع خلال السنوات الأخيرة ، إلا أن وتيرة هذا الارتفاع تظل بطيئة ، ودون الانتظارات . فقد كان عدد الأجراء المصرح بهم في حدود مليون و500 ألف شخص سنة 2005 و انتقل إلى حوالي مليونين و400 ألف شخص خلال السنة الماضية . ويصل عدد العاملين غير الأجراء إلى حوالي ستة ملايين شخص تتوزع على العالمين المستقلين بحوالي 50 في المائة ، والمشغلين بحوالي 5 المائة، والمساعدين العائليين بأكثر من 40 في المائة، والمتعلمين بحوالي 25ر1 بالمائة، بالإضافة إلى حالات أخرى تشمل النسبة المتبقية . وتقدر مصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن نسبة التغطية الاجتماعية في إطار هذه المؤسسة ما تزال غير مرضية ، حيث أن ما يفوق مليون و200 ألف أجير لا يزالون بدون حماية اجتماعية بسبب ضعف العقوبات الزجرية المنصوص عليها في القانون ، وانتشار عدم التصريح أو التصريح غير المكتمل بالأجير، وهو ما يحرم الأجراء من الحصول على منافع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وللإشارة فقط فإن أكثر من70 في المائة من المؤمنين لهم البالغين سن الستين لا يتوفرون على الحد الأدنى من عدد الأيام الذي يخول لهم الحصول على معاش التقاعد. وهكذا إذا أضيف عدد العاملين غير الأجراء إلى عدد الأجراء الذين ما زالوا بدون حماية اجتماعية ، فإن العدد الإجمالي للقوة العاملة التي تبقى محرومة من الخدمات الصحية والحماية الاجتماعية يفوق سبعة ملايين شخص